حجج المحلين لما دون السكر


تفسير

رقم الحديث : 13

حَدَّثَنِي شَبَابَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ أَبِي الصَّبَاحِ الْكُوفِيُّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ يَحْيَى بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي الْمُطَهَّرِ الْوَرَّاقِ ، قَالَ : بَيْنَمَا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَصُرَ بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مُحَجَّلِ الْإِزَارِ ، عَلَى قَمِيصِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانَ ، فَقَالَ لَهُ : مَهْيَمْ ؟ فَقَالَ لَهُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، إِنِّي أَعْرَسْتُ ، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ تُكْرِمَنِي بِدُخُولِ مَنْزِلِي ، فَثَنَى رِجْلَهُ وَنَزَلَ ، فَأَخَذَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بِيَدِهِ ، وَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ ، وَأَقْعَدَهُ عَلَى الْحَجَلَةِ ، فَمَا اسْتَكْبَرَ ذَلِكَ ، وَأَتَى بِطَعَامٍ . وَبَلَغَ الشِّيعَةَ مَكَانُهُ ، فَازْدَحَمُوا عَلَى مَائِدَتِهِ ، فَطَعِمَ وَطَعِمَ الْقَوْمُ ، ثُمَّ إِنَّهُ عَطِشَ وَاسْتَسْقَى ، فَأَتَى بِعُسٍّ فِيهِ نَبِيذٌ ، فَكَرَعَ فيهُ ثُمَّ قَطَّبَ ، ثُمَّ عَادَ بِمَاءٍ فَكَسَرَهُ ، ثُمَّ شَرِبَ وَنَاوَلَنِي ، وَكُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ فَشَرِبْتُ وَنَاوَلْتُ الَّذِينَ عَنْ يَمِينِي ، وَدَارَ الْعُسُّ عَلَى الْقَوْمِ جَمِيعًا ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ آبَائِكَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي النَّبِيذِ . قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : " تَنْزِلُ أُمَّتِي مَنَازِلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ ، وَالنَّعْلَ بِالنَّعْلِ ، حَتَّى لَوْ أَنَّ رِجَالًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ نُكِحَتْ نِسَاؤُهَا فِي الْأَسْوَاقِ لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ ابْتَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِنَهْرِ طَالُوتَ ، أَحَلَّ مِنْهُ الْغَرْفَةَ ، وَحَرَّمَ مِنْهُ الرِّيَّ ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ فِيكُمُ النَّبِيذَ ، أَحَلَّ مِنْهُ الرِّيَّ وَحَرَّمَ مِنْهُ السُّكْرَ " , وَقَالُوا : لَمْ يُحَرِّمِ اللَّهُ شَيْئًا إِلَّا وَقَدْ جَعَلَ مِنْهُ عِوَضًا فِي مثل مَعْنَاهُ ، فَلَوْ كَانَ النَّبِيذُ خَمْرًا مَا كَانَ الْعِوَضَ مِنَ الْخَمْرِ ، وَإِنَّمَا خَلَقَ اللَّهُ الْأَقْوَاتِ وَالثَّمَرَاتِ قَدْرًا لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهَا ، فَلَوْ كَانَ النَّبِيذُ خَمْرًا ، مَا كَانَ يُصْنَعُ بِالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ ، وَالدُّوشَابِ ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ تَرَكَ النَّاسُ اتِّخَاذَ الشَّرَابِ مِنْهُ لَبَارَ ، وَفَضَلَ أَكْثَرُهُ مِنْ مَآكِلِ النَّاسِ وَحَاجَتِهِمْ . وَقَالُوا : وَاللَّهُ لَا يُحَرِّمُ شيْئًا إِلَّا لِعَلَّةِ الِاسْتِعْبَادِ ، وَلَوْ كَانَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ لِلسُّكْرِ لَمْ يُطْلِقْهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ قَبْلَنَا ، فَقَدْ شَرَبَهَا نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، حِينَ خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ وَاغْتَرَسَ الْحَبَلَةَ حَتَّى سَكِرَ ، مِنْهَا وَبَدَتْ فَخْذُهُ ، وَشَرِبَهَا لُوطٌ ، وَشَرِبَهَا عِيسَى ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، لَيْلَةَ رُفِعَ ، وَشَرِبَهَا الْمُسْلِمُونَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ . وَقَالُوا : وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إِنَّ الْخَمْرَ مَا خُمِّرَ ، وَالْمُسْكِرُ مُخَمَّرُ فَهُوَ خَمْرٌ مِثْلُهُ ، فَإِنَّ الْأَشْيَاءَ قَدْ تَتَشَاكَلُ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي ، فَيُسَمَّى بَعْضُهَا بِعِلَّةٍ فِيهِ ، وَهِيَ فِي آخَرَ ، وَلَا يُطْلَقُ ذَلِكَ الِاسْمُ عَلَى الْآخَرِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّبَنَ يُخَمَّرُ بِرُوبَةٍ تُلْقَى فِيهِ ، وَيُتْرَكُ حَتَّى يَرُوبَ وَلَا يُسَمَّى اللَّبَنُ خَمْرًا ، وَأَنَّ خَمِيرَ الْعَجِينِ يُسَمَّى خَمِيرًا ، وَلَا يُسَمَّى هُوَ وَلَا مَا خُمِّرَ بِهِ الْعَجِينُ خَمِيرًا ، وَأَنَّ نَقِيعَ التَّمْرِ سُكَارًا لِإِسْكَارِهِ ، وَلَا يُسَمَّى غَيْرُهُ سَكْرًا ، وَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ ، وَهَذَا أَكْثَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ أَنْ نُحِيطَ بِهِ . وَقَالُوا : وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ : مَخْمُورٌ ، وَبِهِ خُمَارٌ ، إِذَا أَصَابَهُ الصُّدَاعُ وَالْإِرْعَاشُ عَقِبَ الشَّرَابِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ أَصَابَهُ مِثْلُهُ فِي النَّبِيذِ ، فَيُقَالُ : بِهِ خُمَارٌ ، وَلَا يُقَالُ : بِهِ نُبَاذٌ ، فَإِنَّ الْخُمَارَ اسْمٌ قَدِيمٌ ، وَكَانْتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْرِفُهُ وَتَلْفِظُ بِهِ مِنَ الْخَمْرِ . وَالنَّبِيذُ مُحْدَثٌ إِسْلَامِيٌّ لَمْ تَكُنِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَعْرِفُهُ ، وَكَانَ شَرَبَةُ النَّبِيذِ مِنَ السَّلَفِ لَا يَبْلُغُونَ السُّكْرَ وَلَا يُقَارِبُونَهُ ، فَيُصِيبُهُمْ عَلَيْهِ مَا كَانَ يُصِيبُ شَرَبَةَ الْخَمْرِ مِنَ الْخُمَارِ ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُ الْيَسِيرَ عَلَى الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ ، ثُمَّ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلَفٌ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ ، وَلَمْ يَتَهَيَّبُوا مِنَ الْمُسْكِرِ السُّكْرَ ، فَقِيلَ : بِهِمْ خُمَارٌ ، عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ الِاسْمِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَلَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ أَحَلَّ النَّبِيذَ ، أَحَلَّ مِنْهُ السُّكْرَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْخُمَارُ ، وَكَانَ شَرَبَةُ النَّبِيذِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ سَكِرُوا فَأَصَابَهُمْ ذَلِكَ ، لَلَزِمَنَا أَنْ يُقَالَ : بِهِ نُبَاذٌ ، وَلَا يُقَالُ ، فَيَجِبُ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَلِيٍّ

صحابي

جَدِّي

صحابي

أَبِي

ثقة ثبت

زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ

ثقة

أَبِي الْمُطَهَّرِ الْوَرَّاقِ

مجهول الحال

أَبِي سَلَمَةَ يَحْيَى بْنِ دِينَارٍ

مجهول الحال

غَسَّانُ بْنُ أَبِي الصَّبَاحِ الْكُوفِيُّ

مجهول الحال

شَبَابَةُ

صدوق حسن الحديث

Whoops, looks like something went wrong.