حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، عَنْ سِمَاكٍ أَبِي زُمَيْلٍ الدُّؤَلِيِّ - وَقَدْ كَانَ هَوَى نَجْدَةَ - قَالَ : قَالَ : ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّهُ لَمَّا اعْتَزَلَتِ الْخَوَارِجُ ، دَخَلُوا رَأْيًا وَهُمْ سِتَّةُ آلَافٍ ، وَأَجْمَعُوا أَنْ يَخْرُجُوا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ ، قَالَ : وَكَانَ لَا يَزَالُ يَجِيءُ إِنْسَانٌ فَيَقُولُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ الْقَوْمَ خَارِجُونَ عَلَيْكَ - يَعْنِي عَلِيًّا - فَيَقُولُ : دَعُوهُمْ ، فَإِنِّي لَا أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يُقَاتِلُونِي ، وَسَوْفَ يَفْعَلُونَ ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ ، أَتَيْتُهُ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ قُلْتُ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَبْرِدْنَا بِصَلَاةٍ لَعَلِّي أَدْخُلُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأُكَلِّمَهُمْ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُهُمْ عَلَيْكَ ، فَقُلْتُ : كَلَّا ، وَكُنْتُ رَجُلًا حَسَنَ الْخُلُقِ ، لَا أُؤْذِي أَحَدًا ، فَأَذِنَ لِي ، فَلَبِسْتُ حُلَّةً مِنْ أَحْسَنِ مَا يَكُونُ مِنَ الْيَمَنِ ، وَتَرَجَّلْتُ ، وَدَخَلْتُ عَلَيْهِمْ نِصْفَ النَّهَارِ ، فَدَخَلْتُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ أَرَ قَوْمًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُمُ اجْتِهَادًا ، جِبَاهُهُمْ قَرِحَتْ مِنَ السُّجُودِ ، وَأَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَا بَقَرُ الْإِبِلِ ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ مُرَحَّضَةٌ ، مُشَمِّرِينَ ، مُسَهِّمَةٌ وُجُوهُمْ مِنَ السَّهَرِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا : مَرْحَبًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، مَا جَاءَ بِكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ الْمَهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَمِنْ عِنْدِ صِهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَلِيَّ وَعَلَيْهِمْ نَزَلَ الْقُرْآنُ ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ . فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : لَا تُخَاصِمُوا قُرَيْشًا ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ : بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ سورة الزخرف آية 58 فَقَالَ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ : لَوْ كَلَّمْتَهُمْ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : تُرَى مَا نَقِمْتُمْ عَلَى صِهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَعَلَيْهِمْ نَزَلَ الْقُرْآنُ ، وَلَيْسَ فِيكُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَهُمْ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ مِنْكُمْ ؟ قَالُوا : ثَلَاثًا . قُلْتُ : مَاذَا ؟ قَالُوا : أَمَّا إِحْدَاهُنَّ ، فَإِنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَقَدْ قَالَ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ سورة الأنعام آية 57 فَمَا شَأْنُ الرِّجَالِ وَالْحُكْمِ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ فَقُلْتُ : هَذِهِ وَاحِدَةٌ ، وَمَاذَا ؟ قَالُوا : وَأَمَّا الثَّانِيَةُ ، فَإِنَّهُ قَاتَلَ ، وَلَمْ يَسْبِ ، وَلَمْ يَغْنَمْ ، فَلَئِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ، مَا حَلَّ لَنَا قِتَالُهُمْ وَسِبَاهُمْ ، وَمَاذَا الثَّالِثَةُ ؟ قَالُوا : إِنَّهُ مَحَى نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّهُ لَأَمِيرُ الْكَافِرِينَ ، قُلْتُ : هَلْ عِنْدَكُمْ غَيْرُ هَذَا ؟ قَالُوا : كَفَانَا هَذَا ، قُلْتُ لَهُمْ : أَمَّا قَوْلُكُمْ : حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَنَا أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَنْقُضُ قَوْلَكُمْ ، أَفَتَرْجِعُونَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ صَيَّرَ مِنْ حُكْمِهِ إِلَى الرِّجَالِ فِي رُبْعِ دِرْهَمٍ ثَمَنِ أَرْنَبٍ ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ سورة المائدة آية 95 إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، وَفِي الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ سورة النساء آية 35 إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، فَنَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ ، هَلْ تَعْلَمُونَ ، حُكْمُ الرِّجَالِ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ ، وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ أَفْضَلُ ، أَمْ حُكْمُهُمْ فِي أَرْنَبٍ وَبِضْعِ امْرَأَةٍ ؟ فَأَيُّهُمَا تَرَوْنَ أَفْضَلُ ؟ قَالُوا : بَلْ هَذِهِ ، قَالَ : خَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَأَمَّا قَوْلُكُمْ : قَاتَلَ ، وَلَمْ يَسْبِ ، وَلَمْ يَغْنَمْ ، أَفَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ عَائِشَةَ ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُمْ : لَيْسَتْ بِأُمِّنَا لَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ ، وَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُمْ نَسْبِيهَا نَسْتَحِلُّ مِنْهَا مَا نَسْتَحِلُّ مِنْ غَيْرِهَا ، لَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ ، فَأَنْتُمْ بَيْنَ الضَّلَالَتَيْنِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ سورة الأحزاب آية 6 فَإِنْ قُلْتُمْ : لَيْسَتْ بِأُمِّنَا لَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، وَأَمَّا قَوْلُكُمْ : مَحَا نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَنَا آتِيكُمْ بِمَنْ تَرْضَوْنَ ، يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، كَاتِبُ الْمُشْرِكِينَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، اكْتُبْ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : وَاللَّهِ لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَاتَلْنَاكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ " امْحُ يَا عَلِيُّ ، وَاكْتُبْ : هَذَا مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، فَوَاللَّهِ لَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ ، فَقَدْ مَحَا نَفْسَهُ ، قَالَ : فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَلْفَانِ وَخَرَجَ سَائِرُهُمْ فَقُتِلُوا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنُ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
سِمَاكٍ أَبِي زُمَيْلٍ الدُّؤَلِيِّ - وَقَدْ كَانَ هَوَى نَجْدَةَ - | سماك بن الوليد الحنفي | صدوق حسن الحديث |
عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ | عكرمة بن عمار العجلي / توفي في :159 | صدوق يغلط |
مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ | موسى بن مسعود النهدي / ولد في :128 / توفي في :220 | صدوق سيء الحفظ |