حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ ، قَالَ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " لا يَأْذَنُ لِصَبِيٍّ قَدِ احْتَلَمَ فِي دُخُولِهِ الْمَدِينَةَ حَتَّى كَتَبَ الْمُغِيرَةُ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ غُلامًا لَهُ صَانِعًا ، وَيَسْتَأْذِنُهُ فِي دُخُولِهِ الْمَدِينَةَ ، وَيَقُولُ إِنَّ عِنْدَهُ أَعْمَالا كَثِيرَةً فِيهَا مَنَافِعُ لِلنَّاسِ ، إِنَّهُ : حَدَّادٌ ، نَقَّاشٌ ، نَجَّارٌ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ ، فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ يَشْتَكِي إِلَيْهِ شِدَّةَ الْخَرَاجِ وَثِقَلَهُ ، فَقَالَ لَهُ : مَاذَا تُحْسِنُ ؟ فَذَكَرَ لَهُ الأَعْمَالَ الَّتِي يُحْسِنُهَا . فَقَالَ عُمَرُ : مَا خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ فِي جَنْبِ مَا تَعْمَلُ ، فَانْصَرَفَ سَاخِطًا يَتَذَمَّرُ فَلَبِثَ عُمَرُ لَيَالِيَ ، ثُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ مَرَّ بِهِ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ : أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَقُولُ لَوْ أَشَاءُ لَصَنَعْتُ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ ؟ فَالْتَفَتَ الْعَبْدُ إِلَى عُمَرَ سَاخِطًا عَابِسًا ، وَكَانَ مَعَ عُمَرَ رَهْطٌ ، فَقَالَ : لأَصْنَعَنَّ لَكَ رَحًى تَتَحَدَّثُ النَّاسُ فِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ بِهَا . فَلَمَّا وَلَّى الْعَبْدُ أَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى الرَّهْطِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فَقَالَ لَهُمْ : أَوْعَدَنِي الْعَبْدُ آنِفًا ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ أَشْمَلَ عَلَى خِنْجَرٍ ذِي رَأْسَيْنِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ ، فَكَمَنَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ فِي غَبَشِ السَّحَرِ ، فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى خَرَجَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُوقِظُ النَّاسَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ ، وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ ذَلِكَ ، فَلَمَّا دَنَا عُمَرُ مِنْهُ وَثَبَ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ ثَلاثَ طَعَنَاتٍ إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ السُّرَّةِ فَخَنَقَتِ الصِّفَاقَ ، وَهِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ ثُمَّ أَغَارَ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَطَعَنَ مَنْ يَلِيهِ حَتَّى طَعَنَ سِوَى عُمَرَ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلا ، ثُمَّ انْتَحَرَ بِخِنْجَرِهِ . فَقَالَ عُمَرُ حِينَ أَدْرَكَهُ النَّزْفُ وَانْقَصَفَ النَّاسُ عَنْهُ : قُولُوا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، ثُمَّ غَلَبَ عُمَرَ النَّزْفُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَاحْتَمَلْتُهُ فِي رَهْطٍ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ ، ثُمَّ صَلَّى لِلنَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ صَوْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَ عُمَرَ وَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ الصُّبْحُ ، ثُمَّ أَفَاقَ فَنَظَرَ إِلَى وُجُوهِنَا . ثُمَّ قَالَ : أَصَلَّى النَّاسُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : لا إِسْلامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ . ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ . ثُمَّ قَالَ : اخْرُجْ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَسَلْ مَنْ قَتَلَنِي . قَالَ : فَخَرَجْتُ حَتَّى فَتَحْتُ بَابَ الدَّارِ فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ جَاهِلُونَ بِخَبَرِ عُمَرَ . فَقُلْتُ : مَنْ طَعَنَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالُوا : طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ثُمَّ طَعَنَ مَعَهُ رَهْطًا ، ثُمَّ قَتَلَ نَفْسَهُ ، فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَاتِلِي يُحَاجِّنِي عِنْدَ اللَّهِ بِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا لَهُ قَطُّ ، مَا كَانَتِ الْعَرَبُ لِتَقْتُلَنِي . قَالَ سَالِمٌ : فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، يَقُولُ : قَالَ عُمَرُ : أَرْسِلُوا إِلَى الطَّبِيبِ يَنْظُرُ فِي جُرْحِي هَذَا فَأَرْسَلُوا إِلَى طَبِيبٍ مِنَ الْعَرَبِ فَسَقَاهُ نَبِيذًا فَشُبِّهَ النَّبِيذُ بِالدَّمِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ الَّتِي تَحْتَ السُّرَّةِ ، قَالَ : فَدَعَوْتُ طَبِيبًا آخَرَ مِنَ الأَنْصَارِ فَسَقَاهُ لَبَنًا فَخَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ أَبْيَضَ . فَقَالَ الطَّبِيبُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اعْهَدْ . فَقَالَ عُمَرُ : صَدَقَنِي أَخُو بَنِي مُعَاوِيَةَ ، وَلَوْ قُلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ كَذَّبْتُكَ . قَالَ : فَبَكَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ حِينَ سَمِعُوا قَوْلَهُ ، فَقَالَ : لا تَبْكُوا عَلَيْنَا أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ " ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَوْلُهُ ، فَقَالَتْ : " إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نُوَّحٍ يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ ، فَقَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ يَبْكُونَ وَصَاحِبُهُمْ يُعَذَّبُ وَكَأَنَّ قَدِ اجْتَرَمَ ذَلِكَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَائِشَةَ | عائشة بنت أبي بكر الصديق / توفي في :57 | صحابي |
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
أَبِي شِهَابٍ | عمران بن حطان السدوسي / توفي في :111 | ويقال : رجع عن ذلك, صدوق كان على مذهب الخوارج |
صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ | صالح بن كيسان الدوسي | ثقة ثبت |
أَبِيهِ | إبراهيم بن سعد الزهري | ثقة حجة |
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ | يعقوب بن إبراهيم القرشي / توفي في :208 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ | محمد بن سعد العوفي / توفي في :276 | مقبول |