وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ ، عَنْ وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مَشَايِخِهِ ، قَالَ : " كَانَتْ بَيْنَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ضَيْعَةٌ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَلَمَّا قُتِلَ الزُّبَيْرُ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَ جَعْفَرٍ أَنْ يُقَاسِمَهُ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ ، وَوَعَدَهُ الْبُكُورَ مَعَهُ إِلَيْهَا ، وَمَضَى ابْنُ الزُّبَيْر إِلَى الْحَسَنِ ، وَالْحُسَيْنِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، وَإِلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَحْضُرُوا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ جَعْفَرٍ ، فَأَجَابُوهُ وَغَدَوْا لِمِيعَادِهِ ، وَوَافَاهُمُ ابْنُ جَعْفَرٍ ، وَجَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَعَهُ بِجَزُورٍ وَدَقِيقِهُ ، وَقَالَ لِوَكِيلِهِ : أَنِخِ الْجَزُورَ نَاحِيَةً وَاسْتُرْ أَمْرَهَا وَلا تُحْدِثَنَّ فِيهَا حَدَثًا حَتَّى آمُرَكَ فَإِنِّي لا آمَنَ انْتِقَاضُ هَذَا الأمْرِ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ جَعْفَرٍ . ثُمَّ سَأَلَ الْقَوْمَ : أَنْ يَسْأَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَخَذَ الْغَامِرِ مِنَ الضَّيْعَةِ وَتَسْلِيمَ الْعَامِرِ لَهُ . فَكَلَّمُوهُ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ ، وَجَاعَ الْقَوْمُ حَتَّى تَشَاكُوا الْجُوعَ ، فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ : لَوْ كَانَتِ الْبَرَاذِينُ تُؤْكَلُ أَطْعَمْتُكُمْ بَرْذُونِي . وَقَالَ الْحُسَيْنُ : لَوْ كَانَتِ الْبِغَالُ تُؤْكَلُ أَطْعَمْتُكُمْ بَغْلِي . فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ : لَكِنَّ الْبَخَاتِيَّ تُؤْكَلُ . وَكَانَ تَحْتُهُ بَخْتِيَّةٌ قَدْ رَضِيَتْ فَأَنْجَبَتْ فَنَهَضَ إِلَيْهَا فَكَشَطَ عَنْهَا رَحْلَهَا ، وَأَخَذَ سَيْفَهُ فَوَجَأَ بِهِ لَبَّتَهَا ، وَنَهَضَ النَّاسُ إِلَيْهَا بِكَسْرِ المَرْوِ وَالسَّكَاكِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَسْلُخُونَهَا ، وَأَخَذُوا لَحْمَهَا وَأَوْقَدُوا سَعَفَ النَّخْلِ ، وَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ فَأَتَوُا بِقُدُورٍ وَخُبْزٍ كَثِيرٍ فَشَوَوْا وَطَبَخُوا ، فَلَمْ يَشْعُرِ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلا بِرِيحِ الْقَتَارِ وَبِالدُّخَانِ ، فَظَنَّ أَنْ وَكِيلَهُ نَحَرَ جَزُورَهُ ، فَجَعَلَ يَشْتُمُهُ وَيَعْذِلُهُ ، فَقَالَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، إِنَّ جَزُورَكَ عَلَى حَالِهَا ، وَلَكِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَطْعَمَهُمْ بِخْتِيَّتَهُ . فَأَكَلَ الْقَوْمُ وَانْصَرَفُوا ، وَأُتِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِدَابَّةٍ فَرَكِبَهَا وَانْصَرَفَ " .