وحدثني عَبَّاس بْن هِشَام الكلبي ، عن أبيه ، عن أَبِي مخنف ، أو عوانة بْن الحكم ، قَالَ : سار يزيد إِلَى طبرستان فاستجاش الأصبهبذ الديلم فأنجدوه فقاتله يزيد ، ثُمَّ أنه صالحه عَلَى نقد أربعة آلاف درهم ، وعلى سبعمائة ألف درهم مثاقيل في كل سنة ، ووقر أربعمائة جماز زعفرانا ، وأن يخرجوا أربعمائة رجل عَلَى رأس كل رجل منهم ترس وطيلسان وخام فضة ونمرقة حرير وبعض الرواة يقول : برنس , وفتح يزيد الرويان ودنباوند عَلَى مال وثياب وآنية ، ثُمَّ مضى إِلَى جرجان ، وقد غدر أهلها ، وقتلوا خليفته ، وقدم أمامه جهم بْن زحر بْن قيس الجعفي ، فدخل المدينة وأهلها غارون وغافلون ، ووافاه ابن المهلب فقتل خلقا من أهلها وسبى ذراريهم وصلب من قتل عن يمين الطريق ويساره ، واستخلف عليها جهما ، فوضع الجزية والخراج عَلَى أهلها وثقلت وطأته عليهم قَالُوا : ولم يزل أهل طبرستان يؤدون الصلح مرة ويمتنعون من أدائه أخرى فيحاربون ويسالمون ، فلما كانت أيام مروان بْن مُحَمَّد بْن مروان بْن الحكم غدروا ونقضوا حَتَّى إذا استخلف أَبُو العَبَّاس أمير الْمُؤْمِنِين وجه إليهم عامله فصالحوه ثُمَّ أنهم نقضوا وغدروا وقتلوا المسلمين في خلافة أمير الْمُؤْمِنِين المَنْصُور ، فوجه إليهم خازم بْن خزيمة التميمي ، وروح بْن حَاتِم المهلبي ، ومعهما مرزوق أَبُو الخصيب مولاه الَّذِي نسب إليه قصر أَبِي الخصيب بالكوفة ، فسألهما مرزوق حين طال عليها الأمر وصعب ، أن يضرباه ويحلقا رأسه ولحيته ففعلا ، فخلص إِلَى الأصبهبذ ، فقال له : إن هذين الرجلين استغشاني وفعلا بي ما ترى ، وقد هربت إليك ، فإن قبلت انقطاعي وأنزلتني المنزلة الَّتِي أستحقها منك دللتك عَلَى عورات العرب ، وكنت يدا معك عليهم ، فكساه وأعطاه وأظهر الثقة به والمشاورة له ، فكان يريه أنه له ناصح وعليه مشفق ، فلما اطلع عَلَى أموره وعوراته كتب إِلَى خازم وروح بما احتاجا إِلَى معرفته من ذلك ، واحتال للباب حَتَّى فتحه فدخل المسلمون المدينة وفتحوها وساروا في البلاد فدوخوها . وكان عُمَر بْن العلاء جزارا من أهل الري ، فجمع جمعا وقاتل سنفاذ حين خرج بها فأبلى ونكى ، فأوفده جهور بْن مرار العجلي عَلَى المَنْصُور فقوده وحضنه ، وجعل له مرتبة ، ثُمَّ أنه ولى طبرستان فاستشهد بها في خلافة المهدي أمير الْمُؤْمِنِين . وافتتح مُحَمَّد بْن موسى بْن حفص بْن عُمَر بْن العلاء ومايزديار بْن قارن جبال شروين من طبرستان ، وهي أمنع جبال وأصعبها وأكثرها أشبا وغياضا في خلافة المأمون رحمه اللَّه ، ثُمَّ أن المأمون ولى مازديار أعمال طبرستان والرويان ودنباوند ، وسماه محمدا وجعل له مرتبة الأصبهبذ ، فلم يزل واليا حَتَّى تُوُفِّيَ المأمون ، ثُمَّ استخلف أَبُو إِسْحَاق المعتصم بالله أمير الْمُؤْمِنِين فاقره عَلَى عمله ، ثُمَّ أنه كفر وغدر بعد ست سنين وأشهر من خلافته ، فكتب إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن طَاهِر بْن الْحُسَيْن بْن مصعب عامله عَلَى خراسان والري ، وقومس وجرجان يأمره بمحاربته ، فوجه عَبْد اللَّهِ إليه الْحَسَن بْن الْحُسَيْن عمه في رجال خراسان ، ووجه المعتصم بالله مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم بْن مصعب فيمن ضم إليه من جند الحضرة ، فلما توافت الجنود في بلاده كاتب أخ له يقال له : فوهيار بْن قارن الْحَسَن ، وَمُحَمَّدا ، وأعلمهما أنه معهما عَلَيْهِ ، وقد كان يحقد أشياء يناله بها منَ استخفاف ، وكان أهل عمله قَدْ ملوا سيرته لتجبره وعسفه ، فكتب الْحَسَن يشير عَلَيْهِ بأن يكمن في موضع سماه له ، وقال لمايزديار : أن الْحَسَن قَدْ أتاك وهو بموضع كذا ، وذكر غير ذلك الموضع ، وهو يدعوك إِلَى الأمان ويرد مشافهتك فيما بلغني ، فسار مايزديار يريد الْحَسَن ، فلما صار بقرب الموضع الَّذِي الْحَسَن كامن فيه آذنه فوهيار بمجيئه ، فخرج عَلَيْهِ في أصحابه ، وكانوا متقطعين في العياض ، فجعلوا ينتامون إليه وأراد مايزديار الهرب ، فأخذ فوهيار بمنطقته وانطوى عَلَيْهِ أصحاب الْحَسَن فأخذوه سلما بغير عهد ولا عقد فحمل إِلَى سر من رأى في سنة خمس وعشرين ومائتين ، فضرب بالسياط بَيْنَ يدي المعتصم بالله ضربا مبرحا ، فلما رفعت السياط عنه مات فصلب بسر من رأى مع بابك الخرمي عَلَى العقبة الَّتِي بحضرة مجلس الشرطة ، ووثب بفوهيار بعض خاصة أخيه ، فقتل بطبرستان وافتتحت طبرستان سهلها وجبلها فتولاها عَبْد اللَّهِ بْن طَاهِر ، وطاهر بْن عَبْد اللَّهِ من بعده .