وحدثني أَبُو حفص الدمشقي ، عن سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيزِ التنوخي ، عن عدة منهم أَبُو بشر مؤذن مَسْجِد دمشق ، أن المسلمين لما قدموا الشام كان كل أمير منهم يقصد لناحية ليغزوها ويبث غاراته فيها ، فكان عَمْرو بْن العاص يقصد لفلسطين ، وكان شرحبيل يقصد الأردن ، وكان يزيد بْن أَبِي سُفْيَان يقصد لأرض دمشق ، وكانوا إذا اجتمع لهم العدو اجتمعوا عَلَيْهِ ، وإذا احتاج أحدهم إِلَى معاضدة صاحبه وإنجاده سارع إِلَى ذلك ، وكان أميرهم عند الاجتماع في حربهم أول أيام أَبِي بكر رضي اللَّه عنه عَمْرو بْن العاص حَتَّى ، قدم خَالِد بْن الوليد الشام ، فكان أمير المسلمين في كل حرب ، ثُمَّ ولى أَبُو عُبَيْدة بْن الجراح أمر الشام كله وأمره الأمراء في الحرب والسلم من قبل عُمَر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه ، وذلك أنه لما استخلف كتب إِلَى خَالِد بعزله وولى أَبَا عُبَيْدة . ففتح شرحبيل بْن حسنة طبرية صلحا بعد حصار أيام عَلَى أن أمن أهلها عَلَى أنفسهم وأموالهم وأولادهم وكنائسهم ومنازلهم إلا ما جلوا عنه ، وخلوه واستثنى لمسجد المسلمين موضعا ، ثُمَّ أنه نقضوا في خلافة عُمَر ، واجتمع اليهم قوم منَ الروم وغيرهم ، فأمر أَبُو عُبَيْدة عَمْرو بْن العاص بغزوهم ، فسار اليهم في أربعة آلاف ، ففتحها عَلَى مثل صلح شرحبيل ، ويقال : بل فتحها شرحبيل ثانية وفتح شرحبيل جميع مدن الأردن وحصونها عَلَى هَذَا الصلح فتحا يسيرا بغير قتال ، ففتح ليسان ، وفتح سوسية ، وفتح أفيق ، وجرش ، وبيت رأس ، وقدس والجولان ، وغلب عَلَى سواد الأردن ، وجميع أرضها .