وحدثني المدائني علي بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سيف ، عن أشياخه ، قَالُوا : لم يزل ديوان خراج السواد وسائر العراق بالفارسية ، فلما ولى الحجاج العراق استكتب زادان فروخ بْن بيرى ، وكان معه صالح بْن عَبْد الرَّحْمَنِ مولى بنى تميم يخط بَيْنَ يديه بالعربية والفارسية ، وكان أَبُو صالح من سبى سجستان ، فوصل زادان فروخ صالحا بالحجاج ، وخف عَلَى قلبه ، فقال له ذات يوم : إنك شبيبي إِلَى الأمير ، وأراه قَد استخفني ولا آمن أن يقدمني عليك وأن تسقط ، فقال لا تظن ذلك هُوَ أحوج إِلَى منه إليك ، لأنه لا يجد من يكفيه حسابه غيري ، فقال : والله لو شئت أن أحول الحساب إِلَى العربية لحولته ، قَالَ : فحول منه شطرا حَتَّى أرى ففعل ، فقال له : تمارض فتمارض ، فبعث إليه الحجاج طبيبه فلم ير به علة ، وبلغ زادان فروخ ذلك ، فأمره أن يظهر ، ثُمّ أن زادان فروخ قتل أيام عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد بْن الأشعث الكندي ، وهو خارج من منزل كان فيه إِلَى منزله أو منزل غيره ، فاستكتب الحجاج صالحا مكانه فأعلمه الَّذِي كان جرى بينه وبين زادان فروخ في نقل الديوان ، فعزم الحجاج عَلَى أن يجعل الديوان بالعربية ، وقلد ذلك صالحا ، فقال له مردانشاه بْن زادان فروخ : كيف تصنع بدهوية وششوية ، قَالَ : اكتب عشر ونصف عشر قَالَ فكيف تصنع بويد قَالَ أكتبه أيضا والزيادة تزاد فقال : قطع اللَّه أصلك منَ الدنيا كما قطعت أصل الفارسية ، وبذلت له مائة ألف درهم والويد النيف أن يظهر العجز عن ويمسك نقل الديوان عن ذلك ، فأبى ونقله ، فكان عَبْد الحميد بْن يحي كاتب مروان بْن مُحَمَّد يقول : لله در صالح ما أعظم منته عَلَى الكتاب .