أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ ، كِتَابَةً ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ ، قَالَ : ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرُورِيُّ ، قَالَ : ذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ يُقَالُ لَهُ أَسَدُ بْنُ خُزَيْمَةَ يَدُورُ أَحْيَاءَ الْعَرَبِ يَسْأَلُ عَنِ امْرَأَةٍ تُخْبِرُهُ عَنْ شَيْئَيْنِ لا يَفْتَرِقَانِ ، وَعَنْ أَرْبَعٍ لا يَفْتَرَقْنَ ، وَعَنْ ثَمَانٍ لا يَفْتَرِقْنَ ، فَإِنْ أَخْبَرَتْهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا ، فَأَعْيَاهُ ذَلِكَ ، فَانْتَهَى إِلَى رَجُلٍ كَبِيرِ السِّنِّ قَدْ وَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا طَلَبَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنَّ لِي لَبُنَيَّةً وَإِنَّهَا لَمِنْ أَعْلَمِ مَنْ رَأَيْتُ ، فَأَمْهِلْنِي حَتَّى أَدْخُلَ أَسْأَلَهَا ، فَدَخَلَ إِلَيْهَا ، فَقَالَ : بُنَيَّةُ ، إِنَّ أَسَدَ بْنَ خُزَيْمَةَ مِنْ أَشَدِّ الْعَرَبِ وَأَكْثَرِهِمْ مَالا ، وَإِنَّهُ يُرِيدُ امْرَأَةً يَتَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا إِنْ أَخْبَرَتْهُ بِشَيْئَيْنِ لا يَفْتَرِقَانِ ، وَأَرْبَعٍ لا يَفْتَرِقْنَ ، وَثَمَانٍ لا يَفْتَرِقْنَ ، فَقَالَتْ : يَا أَبَة وَمَا تَدْرِي هَذَا ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ ، قَالَتْ : الشَّيْئَانِ اللَّذَانِ لا يَفْتَرِقَانِ : ثَدْيَيِ الْمَرْآةِ ، وَالأَرْبَعُ أَخْلافِ النَّاقَةِ ، وَالثَّمَانُ : أَطْبَاءُ الْكُلَيْبِ ، فَخَرَجَ فَأَخْبَرَهُ بِمَقَالَتِهَا ، قَالَ : زَوِّجْنِيهَا ، قَالَ : نَعَمْ ، عَلَى مِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ بِرُعَاتِهَا ، قَالَ : ذَلِكَ لَكَ ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ أَيَّامًا ثُمَّ رَحَلَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْجَارِيَةِ بِهَدِيَّةٍ حُلَّةٍ خَضْرَاءَ وَنِحْيِ سَمْنٍ مَعَ غُلامٍ لَهُ ، وَقَالَ : أَقْرِئْهَا السَّلامَ ، وَسَلْهَا عَنْ أَبِيهَا وَأُمِّهَا وَأُخْتِهَا ، وَاحْفَظْ مَا تَقُولُ لَكَ ، فَإِذَا الْحَيُّ خُلُوفٌ ، فَأَشْرَفَتِ الْجَارِيَةُ عَلى الْغُلامِ ، فَقَالَتْ : مَنِ الرَّاكِبِ ؟ قَالَ : رَسُولُ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ ، قَالَتْ : الْحَبِيبُ الْقَرِيبُ ، قَالَ : إِنَّهُ بَعَثَ إِلَيْكِ بِهَدِيَّةٍ ، وَهُوَ يَسْأَلُكِ عَنْ أَبِيكِ وَأُمِّكِ وَأُخْتِكِ ، قَالَتْ : أَقْرِئْهُ السَّلامَ ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّ السَّمَاءَ قَدِ انْشَقَّتْ ، وَأَنَّ الْبَحْرَ قَدْ نَضَبَ ، وَأَنَّ أَبِي قَدْ ذَهَبَ يُبَاعِدُ قَرِيبًا وَيُقَرِّبُ بَعِيدًا ، وَأَنَّ أُمِّي ذَهَبَتْ تَشُقُّ النَّفْسَ بِنَفْسَيْنِ ، وَأَنَّ أَخِي قَدْ ذَهَبَ يَرْعَى الشَّمْسَ ، وَأَبْلِغْهُ أَنَّ الثِّمَارَ قَدْ أَيْنَعَتْ ، وَأَنَّ الرُّمَّانَ قَدْ مَلأتِ الْكَفَّ . فَأَتَاهُ الرَّسُولُ ، فَحَكَى لَهُ مَقَالَتَهَا ، فَقَالَ : أَخْبَرَتْكَ أَنَّ أَبَاهَا ذَهَبَ يُحَالِفُ قَوْمًا عَلَى قَوْمِهِ ، وَأَنَّ أُمَّهَا ذَهَبَتْ تُقَبِّلُ بَعْضَ بَنَاتِ عَمِّهَا ، وَأَنَّ أَخَاهَا يَرْعَى فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ رَجَعَ إِلَى أَرْضِهِ بِإِبِلِهِ ، وَأَخْبَرَتْكَ أَنَّهَا قَدْ أَدْرَكَتْ ، وَأَنَّهَا قَدْ نَهَدَتْ ، وَأَمَّا قَوْلُهَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ، انْشَقَّتِ الْحُلَّةُ . قَالَ : نَعَمْ ، لَبِسْتُهَا فَعَلَقَتْ بِشَجَرَةٍ فِي طَرِيقِي فَانْشَقَّتْ ، وَأَمَّا مَا قَالَتْ فِي الْبَحْرِ فَأَكَلَتَ مِنْ السَّمْنِ شَيْئًا ، قَالَ : نَعَمْ فِي زَادِي فَعَوَّلْتُ عَلَيْهِ . ثُمَّ تَجَهَّزَ بِمِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ بِرُعَاتِهَا سِوَى مَا خَرَجَ بِهِ مِنْ ثِقَلِهِ وَغِلْمَانِهِ وَمَتَاعِهِ ، فَأَضَلُّوا الطَّرِيقَ حَتَّى كَادَتْ إِبِلُهُمْ تَمُوتُ عَطَشًا ، فَسَنَحَ لَهُمْ قَلِيبٌ ، فَقَالَ : أَنْشَدَ مَنْ يَنْزِلُ هَذَا الْقَلِيبَ ، فَهَابَهُ غِلْمَانُهُ ، فَقَالَ : اسْتَبِقُونِي فِيهِ ، فَلَمَّا صَارَ فِي الْقَلِيبِ ، قَالَ غُلامٌ مِنْ غِلْمَانِهِ لِبَقِيَّةِ الْغِلْمَانِ : قَدْ عَلِمْتم شدَّةَ مَلِكةِ أسَد ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ تَرَوْنَ ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ غُلامٍ مِنْكُمْ بَعِيرَيْنِ وَتَذْهَبُوا أَيْنَ شِئْتُمْ وَتَدَعُوا لِي بَقِيَّةَ الإِبِلِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعِيرَيْنِ وَتَفَرَّقُوا ، وَتَوَجَّهَ الْغُلامُ بِالْمِائَةِ بَعِيرٍ فَأَتَى مَنْزِلَ الْجَارِيَةِ فَلَقِيَ أَبَاهَا لَيْلا ، فَقَالَ الشَّيْخُ : مَنِ الرَّجُلُ ؟ قَالَ : أَسَدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، وَهَذَا مَهْرُ ابْنَتِكَ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ بِرُعَاتِهَا ، فَأَدْخِلْهَا عَلَيَّ اللَّيْلَةَ ، قَالَ : حَتَّى أَسْتَأْمِرَهَا ، قَالَ : هِيَ طَالِقٌ ثَلاثًا إِنْ لَمْ تُدْخِلْهَا عَلَيَّ اللَّيْلَةَ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُوهَا فَخَبَّرَهَا ، قَالَتْ : إِنِّي لأُنْكِرُ هَذَا مِنْ فِعَالِ شَرِيفٍ ، وَلَكِنْ هَيِّئُونِي لَهُ فَهَيَّئُوهَا ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا ، قَالَتْ لَهُ : وَرَاءَكَ حَتَّى أَسْأَلَكَ مِمَّ تَخْتَلِجُ شَفَتَاكَ ، قَالَ : مِنْ تَقْبِيلِي إِيَّاكِ ، قَالَتْ : فَمِمَّ تَخْتَلِجُ فَخِذَاكَ ، قَالَ : مِنْ تَوْرِيكِي إِيَّاكِ ، قَالَتْ : فَمِمَّ تَخْتَلِجُ جَنْبَاكَ ، قَالَ : مِنَ احْتِضَانِي إِيَّاكِ ، قَالَتْ : يَا أَهْلَ الْقُبَّةِ قَتَلَ الْعَبْدُ رَبَّهُ ، أَبْطِحُوهُ ، قَالَ : فَلَمَّا وَقَعَ بِهِ الْعِصِيُّ مَا قَامَ حَتَّى أَقَرَّ بِمَا فَعَلَ ، وَسَارُوا نَحْوَ الْقَلِيبِ فَاسْتَخْرَجُوهُ ، وَقَدْ كَادَ يَمُوتُ فَأَقَامُوا عَلَيْهِ حَتَّى بَرِئَ ، وَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ أَهْلَهُ ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ : مِمَّ تَخْتَلِجُ شَفَتَاكَ ؟ قَالَ : مِنْ شُرْبِ الْمُشْعَشِعَاتِ ، قَالَتْ : فَمِمَّ تَخْتَلِجُ فَخِذَاكَ ؟ قَالَ : مِنْ رُكُوبِ السَّابِقَاتِ ، فَقَالَتْ : فَمِمَّ يَخْتَلِجُ جَنْبَاكَ ؟ قَالَ : مِنْ لُبْسِ السَّابِغَاتِ ، قَالَتْ : أَنْتَ وَاللَّهِ أَسَدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، دُونَكَ أَهْلِكَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |