حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْفَضْلِ الْعَتَكِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ ، قَالَ : " أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، يُقَالُ لَهُ : أَرْمِيَا أَنْ قُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمِكَ فَإِنَّ لَهُمْ قُلُوبًا لا يَفْقَهُونَ بِهَا ، وَأَعْيُنًا لا يُبْصِرُونَ بِهَا ، وَآذَانًا لا يَسْمَعُونَ بِهَا ، فَسَلْهُمْ كَيْفَ وَجَدُوا غِبَّ طَاعَتِي ؟ وَسَلْهُمْ كَيْفَ وَجَدُوا غِبَّ مَعْصِيَتِي ؟ وَسَلْهُمْ هَلْ شَقِيَ أَحَدٌ بِطَاعَتِي ؟ أَمْ هَلْ سَعِدَ أَحَدٌ بِمَعْصِيَتِي ؟ ، إِنَّ الْبَهَائِمَ تَذْكُرُ أَوْطَانَهَا فَتَفَزَعُ إِلَيْهَا وَإِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ تَرَكُوا الأَمْرَ الَّذِي . . . وَالْتَمَسُوا الْكَرَامَةَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا ، أَمَّا مُلُوكُهُمْ فَكَفَرُوا نِعْمَتِي ، وَأَمَّا خِيَارُهُمْ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا عَرَفُوا مِنْ حِكْمَتِي ، خَزَنُوا الْمُنْكَرَ فِي صُدُورِهِمْ ، وَعَوَّدُوا الْكَذِبَ أَلْسِنَتَهُمْ ، فَبِعِزَّتِي وَجَلالِي لأُهَيِّجَنَّ عَلَيْهِمْ جُنُودًا لا يَعْرِفُونَ وُجُوهَهُمْ ، وَلا يَفْقَهُونَ أَلْسِنَتَهُمْ ، وَلا يَرْحَمُونَ بُكَاءً لَهُمْ ، أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ مَلِكًا جَبَّارًا قَاسِيًا لَهُ جُنُودٌ كَقِطَعِ السَّحَابِ ، كَأَنَّ حَمْلَ فُرْسَانِهِ كَرُّ الْعِقْبَانِ ، وَكَأَنَّ خَفْقَ رَايِاتِهِ أَجْنِحَةُ النُّسُورِ ، فَيَدَعُونَ الْعُمْرَانَ خَرَابًا ، وَالْقُرَى وَحْشًا ، فَوَيْلٌ لأَهْلِ إِيلِيَاءَ وَسُكَّانِهَا ، كَيْفَ أُسَلِّطُ عَلَيْهِمُ السِّبَايَةَ وَأُذِلُّهُمْ بِالْقَتْلِ ، لأُبَدِّلَنَّهُمْ بَعْدَ لَجَبِ الأَعْرَاضِ صُرَاخَ الْهَامِ ، وَلأُبَدِّلَنَّهُمُ الْعِزَّ الذُّلَّ ، وَبَعْدَ الشِّبَعِ الْجُوعَ ، وَلأَجْعَلَنَّ لُحُومَهُمْ زَحَلا لِلأَرْضِ ، وَعِظَامَهُمْ ضَاحِيَةً لِلشَّمْسِ " ، فَقَالَ ذَلِكَ النَّبِيُّ : أَيْ رَبِّ ، إِنَّكَ لَمُهْلِكٌ هَذِهِ الأُمَّةَ ، وَمَخَرِّبٌ هَذِهِ الْمَدِينَةَ ، وَهُمْ وَلَدُ خَلِيلِكَ إِبْرَاهِيمَ ، وَأُمَّةُ صَفِيِّكَ مُوسَى ، وَقَوْمُ نَبِيِّكَ دَاوُدَ ، فَأَيُّ أُمَّةٍ تَأْمَنُ مَكْرَكَ بَعْدَ هَذِهِ الأُمَّةِ ؟ وَأَيُّ مَدِينَةٍ تَجْتَرِئُ عَلَيْكَ بَعْدَ هَذِهِ الْمَدِينَةِ ؟ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : " إِنِّي إِنَّمَا أَكْرَمْتُ إِبْرَاهِيمَ ، وَمُوسَى ، وَدَاوُدَ بِطَاعَتِي ، وَلَوْ عَصَوْنِي لأَنْزَلْتُهُمْ مَنَازِلَ الْعَاصِينَ إِنَّ الْقُرُونَ قَبْلَكَ كَانُوا يَسْتَخِفُّونَ بِمَعْصِيَتِي حَتَّى كَانَ الْقَرْنُ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ ، فَأَظْهَرُوا مَعْصِيَتِي فَوْقَ رُءُوسِ الْجِبَالِ ، وَتَحْتَ ظِلالِ الشَّجَرِ ، وَفِي بُطُونِ الأَوْدِيَةِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَمَرْتُ السَّمَاءَ فَكَانَتْ طَبَقًا مِنْ حَدِيدٍ ، وَأَمَرْتُ الأَرْضَ فَكَانَتْ صَفْحَةً مِنْ نُحَاسٍ ، فَلا سَمَاءَ تُمْطِرُ ، وَلا أَرْضَ تُنْبِتُ ، فَإِنْ أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سَلَّطْتُ عَلَيْهِ الْجَرَادَ ، وَالْجَنَادِبَ ، وَالصَّرَاصِيرَ ، فَإِنْ حَصَدُوا مِنْهُ شَيْئًا فِي خِلالِ ذَلِكَ فَأَوْدَعُوهُ بُيُوتَهُمْ ، نُزِعَتْ بَرَكَتُهُ ، ثُمَّ يَدْعُونَ فَلا أَسْتَجِيبُ لَهُمْ " .