أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ المَدِينِيُّ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَاكوَيْهِ ، أنا نَصْرُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ ، أنا جَعْفَرُ بْنُ نُصَيْرٍ ، قَال : سَمِعْتُ الجُنَيْدَ قَالَ : حَجَجْتُ عَلَى الوِحْدَةِ فَجَاوَرْتُ بِمَكَّةَ ، فَكُنْتُ إِذَا جَنَّ اللَّيْلُ دَخَلْتُ الطَّوَافَ ، فَإِذَا بِجَارِيَةٍ تَطُوفُ وَتَقُولُ : أَبَى الحُبُّ أَنْ يَخْفَى وَكَمْ قَدْ كَتَمْتُهُ فَأَصْبَحَ عِنْدِي قَدْ أَنَاخَ وَطَنَّبَا إِذَا اشْتَدَّ شَوْقِي هَامَ قَلْبِي بِذِكْرِهِ فَإِنْ رُمْتُ قُرْبًا مِنْ حَبِيبِي تَقَرَّبَا وَيَبْدُو فَأَفْنَى ثُمَّ أَحْيَا بِهِ لَهُ وَيُسْعِدُنِي حَتَّى أَلَذَّ وَأَطْرَبَا قَالَ فَقُلْتُ لَهَا : يَا جَارِيَةُ أَمَا تَتَّقِينَ اللَّهَ فِي مِثْلِ هَذَا المَكَانِ تَتَكَلَّمِينَ بِهَذَا الكَلامِ ، فَالتَفَتَتْ إِلَيَّ وَقَالَتْ : يَا جُنَيْدُ لَوْلا التُّقَى لَمْ تَرَنِي أَهْجُرُ طِيبَ الوَسَنِ إِنَّ التُّقَى شَرَّدَنِي كَمَا تَرَى عَنْ وَطَنِي أَفِرُّ مِنْ وَجْدِي بِهِ فَحُبُّهُ هَيَّمَنِي ثُمَّ قَالَتْ : يَا جُنَيْدُ تَطُوفُ بِالبَيْتِ أَمْ بِرَبِّ البَيْتِ ؟ فَقُلْتُ : أَطُوفُ بِالبَيْتِ ، فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَى السَّمَاءِ ، وَقَالَتْ : سُبْحَانَكَ ، سُبْحَانَكَ ، مَا أَعْظَمَ مَشِيئَتَكَ فِي خَلْقِكَ ، خَلْقٌ كَالأَحْجَارِ يَطُوفُونَ بِالأَحْجَارِ ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ : يَطُوفُونَ بِالأَحْجَارِ يَبْغُونَ قُرْبَةً إِلَيْكَ وَهُمْ أَقْسَى قُلُوبًا مِنَ الصَّخْرِ وَتَاهُوا فَلَمْ يَدْرُوا مِنَ التِّيهِ مَنْ هُمْ وَحَلُّوا مَحَلَّ القُرْبِ فِي بَاطِنِ الفِكْرِ فَلَوْ أَخْلَصُوا فِي الوُدِّ غَابَتْ صِفَاتُهُمْ وَقَامَتْ صِفَاتُ الوُدِّ لِلْحَقِّ بِالذِّكْرِ قَالَ الجُنَيْدُ : فَغُشِيَ عَلَيَّ مِنْ قَوْلِهَا ، فَلَمَّا أَفَقْتُ لَمْ أَرَهَا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |