نا أَبُو الْوَلِيدِ رَبَاحُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، نا أَبُو غَسَّانَ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ : " خَرَجْنَا حُجَّاجًا ، وَأُرِدْنَا عَلَى غُسْلِ ثِيَابَنَا بِمَكَّةَ فَأُرْشِدْنَا إِلَى رَجُلٍ صَالِحٍ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ يَغْسِلُ لِلنَّاسِ وَيَتَّجِرُ عَلَى الضُّعَفَاءِ فَيَغْسِلُ ثِيَابِهِمْ بِغَيْرِ أَجْرٍ ، فَأَتَيْنَاهُ ، فَقَالَ : مِمَّنْ أَنْتُمْ ؟ , قُلْنَا : مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ ، قَالَ : أَتَعْرِفُونَ فَتْحًا ؟ , قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : مَا فَعَلَ ؟ , قُلْنَا : مَاتَ ، فَتَوَجَّعَ عَلَيْهِ وَأَظْهَرَ حُزْنًا ، فَقُلْنَا : كَيْفَ تَعْرِفُهُ وَأَنْتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ وَهُوَ بِالْمَوْصِلِ ؟ , قَالَ : أُرِيتُ فِي مَنَامِي عِدَّةَ لَيَالِي أَنِ ائْتِ فَتْحًا الْمَوْصِلِيَّ ، فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَخَرَجْتُ مِنْ فَارِسَ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَوْصِلَ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ لِي هُوَ عَلَى الشَّطِّ ، فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا رَجُلٌ مُلْتَفٌّ بِكِسَائِهِ ، قَدْ أَلْقَى شِصًّا لَهُ فِي الْمَاءِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ ، وَقُلْتُ لَهُ : أَتَيْتُكَ زَائِرًا ، قَالَ : فَلَفَّ الشِّصَّ وَقَامَ فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَأَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ ، فَصَلَّيْنَا وَتَفَرَّقَ النَّاسُ ، فَأَتَى بِطَعَامٍ فَأَكَلْنَا ، ثُمَّ نُودِيَ بِالْعِشَاءِ الآخِرَةِ فَصَلَّيْنَا وَتَفَرَّقَ النَّاسُ ، فَقَامَ فَتْحٌ فِي صَلاتِهِ ، وَرَمَيْتُ بِنَفْسِي ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا الْمَسْجِدَ فَسَلَّمَ وَصَلَّى إِلَى جَنْبِ فَتْحٍ رَكْعَتَيْنِ وَقَعَدَ ، فَقَطَعَ فَتْحٌ صَلاتَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَسَأَلَهُ ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : مَتَى عَهْدُكَ بِأَبِي السَّرِيِّ ؟ , قَالَ : مَا لِي بِهِ عَهْدٌ مُنْذُ أَيَّامٍ ، قَالَ : فَقُمْ بِنَا إِلَيْهِ ، فَإِنَّهُ مُعْتَلٌّ ، قَالَ : فَخَرَجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِمَا حَتَّى مَضَيَا إِلَى دِجْلَةَ يَمْشِيَانِ عَلَى الْمَاءِ ، فَقَعَدْتُ أَنْتَظِرُ رُجَوعَهُمَا ، فَجَاءَ أَحَدُهُمَا فِي آخِرِ اللَّيْلِ ، فَإِذَا هُوَ فَتْحٌ ، قُمْتُ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَمَيْتُ نَفْسِي كَأَنِّي نَائِمٌ ، فَلَمَّا أَسْفَرَ الصُّبْحُ وَصَلَّيْنَا الْفَجْرُ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ قُمْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، قَدْ قَضَيْتُ مِنْ زِيَارَتِكَ وَطَرًا وَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ الَّذِي أَتَاكَ الْبَارِحَةَ وَمَا كَانَ مِنْكُمَا ، فَجَعَلَ يُعَارِضُنِي فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ الْخَبَرَ أَخَذَ عَلَيَّ الْعَهْدَ أَلا أُعْلِمَ بِذَلِكَ أَحَدًا مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ حَيٌّ ، وَقَالَ لِي : ذَاكَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَأَبُو السَّرِيِّ حَمْزَةُ الْخَوْلانِيُّ وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَيْهَا ، وَقَالَ : اجْعَلْ طَرِيقَكَ عَلَيْهِ ، فَالْقَهُ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَأَتَيْتُ الْجِسْرَ فَمَضَيْتُ عَلَيْهِ ، وَأَتَيْتُ أَبَا السَّرِيِّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ " .