قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " دَعَانِي مَرَّةً بَعْضُ أَصْحَابِي إِلَى طَعَامٍ ، فَكَلَّمْتُ بَطْنِي ، فَقُلْتُ : كَفَّ عَنِّي كَلْبَكَ مَرَّتِي هَذِهِ ، قَالَ : فَفَعَلَتْ ، قَالَ : وَدَعَانِي آخِرُ مَرَّةً أُخْرَى ، فَدَعَتْنِي نَفْسِي إِلَى إِتْيَانِهِ ، فَقُلْتُ : اجْعَلِي هَذِهِ الْمَرَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَّةِ الَّتِي مَضَتْ ، هَلْ تَجِدِينَ مِنْ لَذَّةِ ذَلِكَ شَيْئًا لَوْ كُنْتِ فَعَلْتِ ؟ قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أُعَلِّلُهَا حَتَّى هَدَأَتْ وَسَكَنَتْ . قَالَ : ثُمَّ دَعَانِي أَخٌ لِي أَيْضًا ، فَقَالَتْ : هَذَا أَخُوكَ ، لَهُ عَلَيْكَ حَقَّانِ : حَقُّ الأُخُوَّةِ ، وَحَقُّ الإِجَابَةِ ، ائْتِهِ فَهُوَ أَقْرَبُ لَكَ إِلَى اللَّهِ وَأَدْوَمُ لأُخَوَّتِهِ . فَقُلْتُ : وَيْحَكِ ، دَعِي عَنْكِ التَّأَنِّيَ لِلاتِّصَالِ بِمَحَبَتِكِ ، فَوَاللَّهِ لَوْ قَدْ وَرَدَتِ الْقِيَامَةَ اغْتَبَطْتِ إِنْ شَاءَ اللَّهِ بِقِلَّةِ الطُّعْمِ وَتَرْكِ الشَّهَوَاتِ ، قَالَ : فَجَمَحَتْ وَاللَّهِ عَلَيَّ وَأَبَتْ ، وَقَالَتْ : إِنْ كَانَ هَذَا دَأْبُكَ ، فَمَا أَرَاكَ إِلا سَتَقْتِلَنِي ، انْهَضْ إِلَى أَخِيكَ ، قَالَ : فَنَهَضْتُ ، وَاللَّهِ ، وَكَأَنِّي أُجَرُّ عَلَى وَجْهِي فَأَتَيْتُ الْقَوْمَ ، وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ طَعَامِهِمْ . فَقَالَ صَاحِبُ الطَّعَامِ : اقْعُدْ رَحِمَكَ اللَّهُ ، وَنَهَضَ لِيَتَكَلَّفَ لِي ، فَقُلْتُ : اقْعُدْ ، وَاللَّهِ لا أَطْعَمُ الْيَوْمَ هَاهُنَا شَيْئًا ، قَالَ : ثُمَّ دَعَوْتُ بِخَيْرٍ وَقُمْتُ ، فَقُلْتُ لَهَا لَمَّا خَرَجْتُ : أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُهَيِّئْ لَكِ مَا أَرَدْتِ ، قَالَ : فَقَالَتْ : أَجَلْ وَاللَّهِ ، إِذَا جَلَسْتَ تُفَكِّرُ ، يَأْكُلُ الْقَوْمُ وَيَنْصَرِفُونَ . قُلْتُ : وَيْلَكَ ! وَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ إِلا مُفَكِّرًا ، خَائِفًا ، حَذَرًا مِنْ أَعْدَائِهِ ، مِنْكِ وَمَنِ أَعْدَائِكِ ، مَا يَبْلُغُ الْعَدُوُّ الْكَلْبُ مَا تَبْلُغُ النَّفْسُ مِنْكَ يَا ابْنَ آدَمَ آدَمَ " .