واعلموا انكم ميتون ومبعوثون من بعد الموت وموقوفون على اعمالكم ومجزيون بها فلا تغرنكم الحياة الدنيا فانها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء معروفة وبالغدر موصوفة فكل ما فيها الى زوال وهي بين اهلها دول وسجال لا تدوم احوالها ولن يسلم من شرها نزالها بينا اهلها منها في رخاء وسرور اذا هم منها في بلاء وغرور احوال مختلفة وتارات متصرفة والعيش فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم وانما اهلها فيها اغراض مستهدفة ترميهم بسهامها وتغصصهم بحمامها وكل حتفه فيها مقدور وحظه فيها موفور واعلموا عباد الله انكم وما انتم فيه من زهرة هذه الدنيا على سبيل من قد مضى ممن كان اطول منكم اعمارا واشد منكم بطشا واعمر ديارا وابعد اثارا فاصبحت اصواتهم هامدة خامدة من بعد طول تقلبها واجسادهم بالية وديارهم خالية واثارهم عافية واستبدلوا بالقصور المشيدة والسرر والنمارق الممهدة الصخور والاحجار المسندة في القبور اللاطئة الملحدة التي قد بني بالخراب فناؤها وشيد بالتراب بناؤها فمحلها مقترب وساكنها مغترب بين اهل عمارة موحشين واهل محلة متشاغلين لا يستانسون بالعمران ولا يتواصلون تواصل الجيران والاخوان على ما بينهم من قرب الجوار ودنو الدار وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم بكلكله البلى واكلتهم الجنادل والثرى فاصبحوا بعد الحياة امواتا وبعد غضارة العيش رفاتا فجع بهم الاحباب وسكنوا التراب وظعنوا فليس لهم اياب هيهات هيهات كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون فكان قد صرتم الى ما صاروا اليه من البلى والوحدة في دار الموتى وارتهنتم في ذلك المضجع وضمكم ذلك المستودع فكيف بكم لو قد تناهت بكم الامور وبعثرت القبور وحصل ما في الصدور واوقفتم للتحصيل بين يدي الملك الجليل فطارت القلوب لاشفاقها من سالف الذنوب وهتكت عنكم الحجب والاستار وظهرت منكم الغيوب والاسرار هنالك تجزى كل نفس ما كسبت ان الله تعالى يقول ليجزي الذين اساءوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى سورة النجم اية وقال تعالى ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا جعلنا الله واياكم عاملين بكتابه متبعين لاوليائه حتى يحلنا واياكم دار المقامة من فضله انه حميد مجيد
واعلموا انكم ميتون ومبعوثون من بعد الموت وموقوفون على اعمالكم ومجزيون بها فلا تغرنكم...