لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا ولهانت عليكم الدنيا ولاثرتم الاخرة


تفسير

رقم الحديث : 511

ثُمَّ ثُمَّ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ : " لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَبْكُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَلَتَرَكْتُمْ أَمْوَالَكُمْ لا حَارِسَ لَهَا ، وَلا رَاجِعَ إِلَيْهَا ، إِلا مَا لا بُدَّ لَكُمْ مِنْهُ ، وَلَكِنْ يَغِيبُ عَنْ قُلُوبِكُمْ ذِكْرُ الآخِرَةِ ، وَحَضَرَهَا الأَمَلُ فَصَارَتِ الدُّنْيَا أَمْلِكَ بِأَعْمَالِكُمْ ، وَصِرْتُمْ كَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ، فَبَعْضُكُمْ شَرٌّ مِنَ الْبَهَائِمِ الَّتِي لا تَدَعُ هَوَاهَا مَخَافَةً مِمَّا فِي عَاقِبَتِهِ ، مَا لَكُمْ لا تَحَابُّونُ ، وَلا تَنَاصَحُونَ ، وَأَنْتُمْ إِخْوَانٌ عَلَى دِينٍ ، مَا فَرَّقَ بَيْنَ أَهْوَائِكُمْ إِلا خُبْثُ سَرَائِرِكُمْ ، وَلَوِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى الْبِرِّ لَتَحَابَبْتُمْ ، مَا لَكُمْ تَنَاصَحُونَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا ، وَلا تَنَاصَحُونَ فِي أَمْرِ الآخِرَةِ ، لا يَمْلِكُ أَحَدُكُمُ النَّصِيحَةَ لِمَنْ يُحِبُّهُ وَيُعِينُهُ عَلَى أَمْرِ آخِرَتِهِ ، مَا هَذَا إِلا مِنْ قِلَّةِ الإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ ، لَوْ كُنْتُمْ تُوقِنُونَ بِخَيْرِ الآخِرَةِ وَشَرِّهَا ، كَمَا تُوقِنُونَ بِالدُّنْيَا ، لآثَرْتُمْ طَلَبَ الآخِرَةِ ، لأَنَّهَا أَمْلَكُ لأُمُورِكُمْ ، فَإِنْ قُلْتُمْ : حُبُّ الْعَاجِلَةِ غَالِبٌ ، فَإِنَّا نَرَاكُمْ تَدَعُونَ الْعَاجِلَ مِنَ الدُّنْيَا لِلآجِلِ مِنْهَا ، تَكُدُّونَ أَنْفُسَكُمْ بِالْمَشَقَّةِ وَالاحْتِرَاقِ فِي أَمْرٍ لَعَلَّكُمْ لا تُدْرِكُونَهُ ، فَبِئْسَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ ، مَا حَقَّقْتُمْ إِيمَانَكُمْ بِمَا يُعْرَفُ بِهِ الإِيمَانُ الْبَالِغُ فِيكُمْ ، فَإِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأْتُونَا فَلَنُبَيِّنُ لَكُمْ وَلِنُرِيَكُمْ مِنَ النُّورِ مَا تَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ قُلُوبُكُمْ ، وَاللَّهِ مَا أَنْتُمْ بِالْمَنْقُوصَةِ عُقُولُكُمْ فَنَعْذِرَكُمْ ، إِنَّكُمْ لَتُبَيِّنُونَ صَوَابَ الرَّأْيِ فِي دُنْيَاكُمْ ، وَتَأْخُذُونَ بِالْحَزْمِ فِي أَمْرِكُمُ ، مَا لَكُمْ تَفْرَحُونَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الدُّنْيَا تُصِيبُونَهُ ؟ وَتَحْزَنُونَ عَلَى الْيَسِيرِ مِنْهَا يَفُوتُكُمْ ؟ حَتَّى يَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِكُمْ ، وَيَظْهَرَ عَلَى أَلْسِنَتِكُمْ ، وَتُسَمُّونَهَا الْمَصَائِبَ ، وَتُقِيمُونَ فِيهَا الْمَآتِمَ ، وَعَامَّتُكُمْ قَدْ تَرَكُوا كَثِيرًا مِنْ دِينِهِمْ بِمَا لا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ فِي وُجُوهِكُمْ ، وَلا يَتَغَيَّرُ حَالُكُمْ ، إِنِّي لأَرَى اللَّهَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنْكُمْ ، يَلْقَى بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالسُّرُورِ ، وَكُلُّكُمْ يَكْرَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ صَاحِبَهُ بِمَا يَكْرَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ صَاحِبُهُ بِمِثْلِهِ ، فَأَصْبَحْتُمْ عَلَى الْغِلِّ ، وَنَبَتَتْ مَرَاعِيكُمْ عَلَى الدِّمَنِ ، وَتَصَافَيْتُمْ عَلَى رَفْضِ الأَجَلِ ، لَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ أَرَاحَنِي مِنْكُمْ ، وَأَلْحَقَنِي بِمَنْ أُحِبُّ رُؤْيَتَهُ ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا لَمْ يُصَابِرْكُمْ ، فَإِنْ كَانَ فِيكُمْ خَيْرٌ أَسْمَعْتُكُمْ ، وَإِنْ تَطْلُبُوا مَا عِنْدَ اللَّهِ تَجِدُوهُ يَسِيرًا ، وَبِاللَّهِ أَسْتَعِينُ عَلَى نَفْسِي وَعَلَيْكُمْ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبُو الدَّرْدَاءِ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.