حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : أَمَا بَلَوْتُمُ الدُّنْيَا ؟ فَمَا زَالَتْ تُؤَنِّبُكُمْ عَسْفًا ، وَتَسُومُكُمْ خَسْفَا ، فِي كُلِّ يَوْمٍ لَكُمْ فِيهَا شُغْلٌ جَدِيدٌ وَحُزْنٌ عَتِيدٌ ، إِنَّمَا صَدَقْتُمُ الأَمَلَ فَكَذَبَكُمْ ، وَأَطَعْتُمُ الْهَوَى فَأَوْبَقَكُمْ ، فَكَيْفَ تَفِرُّونَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِنْ هَذَا الْمَوْتِ الَّذِي لا تَدْرُونَ أَنَّ مَا فِيهِ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ ؟ فَهَؤُلاءِ لَكُمْ مَفْظَعًا ، أَمَّا قَبْلَهُ مِنْ تَخَوُّفِ بَغَتَاتِهِ الَّتِي لا تَدْرُونَ فِي أَيِّ حَالاتِكُمْ تُوَافِيكُمْ ، أَمَّا الَّذِي تَرَوْنَهُ مِنْ أَسْبَابِهِ فَمَا يَعْرُوكُمْ مِنَ الانْتِقَاصِ ضَعْفًا بَعْدَ قُوَّةٍ ، وَأَخْلاقًا بَعْدَ جِدَّةٍ ، وَهَرَمًا بَعْدَ شَبَابٍ ، وَسَقَمًا بَعْدَ صِحَّةٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ يَمُوتُ مِنْ أَجْسَادِكُمْ مَيِّتٌ يَنْعَى لَكُمْ أَنْفُسَكُمْ ، وَيُخْبِرُكُمْ عَنْ فَنَائِكُمْ ، حَتَّى يَهْجُمَ عَلَيْكُمْ بِمَرَارَةِ كَأْسِهِ ، وَفَظَاعَةِ مَذَاقِهِ ، فَتَصِيرُوا رَهَائِنَ الْمَوْتِ ، وَوَدَائِعَ الْحُفَرِ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ " .