حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ الْمُؤَدِّبُ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ ، قَالَ : أَنْبَأَ أَبُو سَعِيدٍ الْبَقَّالُ ، قَالَ : " كُنْتُ مَحْبُوسًا فِي دِيمَاسِ الْحَجَّاجِ وَمَعَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ ، فَبَاتَ فِي السِّجْنِ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا أَسْمَاءَ ، فِي أَيِّ شَيْءٍ حُبِسْتَ ؟ قَالَ : جَاءَ الْعَرِيفُ فَتَبَرَّأَ مِنِّي ، وَقَالَ : إِنَّ هَذَا يُكْثِرُ الصَّلاةَ وَالصَّوْمَ ، فَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ ، قَالَ : وَاللَّهِ ، إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ وَمَعَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ ، إِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا السِّجْنَ ، فَقُلْنَا : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، مَا قِصَّتُكَ ؟ وَمَا أَمْرُكَ ؟ قَالَ : لا ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي ، وَلَكِنِّي أَظُنُّ أَنِّي أُخِذْتُ فِي رَأْيِ الْخَوَارِجِ ، فَيَا لِلَّهِ إِنَّهُ لَرَأْيٌ مَا رَأَيْتُهُ ، وَلا هَوَيْتُهُ ، وَلا أَحْبَبْتُهُ ، وَلا أَحْبَبْتُ أَهْلَهُ ، يَا هَؤُلاءِ ، ادْعُوا لِي بِوَضُوءٍ ، قَالَ : فَدَعَوْنَا لَهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ عَلَى إِسَاءَتِي وَظُلْمِي وَإِسْرَافِي أَنِّي لَمْ أَجْعَلْ لَكَ وَلَدًا ، وَلا نِدًّا ، وَلا صَاحِبَةً ، وَلا كُفُؤًا ، فَإِنْ تُعَذِّبْ فعَبْدُكَ ، وَإِنْ تَغْفِرْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ يَا مَنْ لا تُغْلِطُهُ الْمَسَائِلُ ، وَيَا مَنْ لا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ ، وَيَا مَنْ لا يُبَرِّمُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ ، أَنْ تَجْعَلَ لِي فِي سَاعَتِي هَذِهِ فَرَجًا وَمَخْرَجًا ، مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ ، وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ ، وَمِنْ حَيْثُ أَعْلَمُ ، وَمِنْ حَيْثُ لا أَعْلَمُ ، وَمَنْ حَيْثُ أَرْجُو ، وَمِنْ حَيْثُ لا أَرْجُو ، وَخُذْ لِي بِقَلْبِ عَبْدِكَ الْحَجَّاجِ ، وَسَمْعِهِ ، وَبَصَرِهِ ، وَلِسَانِهِ ، وَيَدِهِ ، وَرِجْلِهِ ، حَتَّى تُخْرِجَنِي فِي سَاعَتِي هَذِهِ ، فَإِنَّ قَلْبَهُ وَنَاصِيَتَهُ فِي يَدِكَ ، أَيْ رَبِّ ، أَيْ رَبِّ , قَالَ : فَأَكْثَرَ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ ، مَا قَطَعَ دُعَاءَهُ إِذْ ضُرِبَ بَابُ السِّجْنِ , أَيْنَ فُلانٌ ؟ فَقَامَ صَاحِبُنَا ، فَقَالَ : يَا هَؤُلاءِ ، إِنَّ تَكُنِ الْعَافِيَةُ فَوَاللَّهِ لا أَدَعُ الدُّعَاءَ ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فِي رَحْمَتِهِ ، فَبَلَغَنَا مِنْ غَدٍ أَنَّهُ خُلِّيَ عَنْهُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |