نا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيُّ ، نا الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : أَخَذَ بِيَدِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ , فَقُمْنَا إِلَى رَجُلٍ يُكْنَى أَبَا هَمَّامٍ مِنْ عُبَّادِ الْبَصْرَةِ ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ ، مِنَ الْحَيِّ وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِ ، قَالَ : " سَأَلْتُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنِي الْحَجَّ ، قُلْتُ : فَأُرِيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَانِي ، فَقَالَ : احْضُرِ الْمَوْسِمَ الْعَامَ , فَانْتَبَهْتُ فَذَكَرْتُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَحُجُّ بِهِ ، قَالَ : فَأَتَانِي فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ ، فَقَالَ لِي : مِثْلَ ذَلِكَ فَانْتَبَهْتُ ، فَقُلْتُ : مِثْلَ ذَلِكَ , قَالَ : فَأَتَانِي اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ ، قَالَ : وَكُنْتُ قُلْتُ فِي نَفْسِي : إِنْ هُوَ أَتَانِي ، قُلْتُ : لَيْسَ عِنْدِي مَا أَحُجُّ بِهِ ، قَالَ : فَقُلْتُ ذَلِكَ , فَقَالَ : بَلَى ، انْظُرْ مَوْضِعَ كَذَا وَكَذَا مِنْ دَارِكَ فَاحْتَفِرْ ، فَإِنَّ فِيهِ دِرْعًا لِجَدِّكَ لأَبِيكَ , قَالَ : فَصَلَّيْتُ الْغَدَاةَ ، ثُمَّ احْتَفَرْتُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ ، فَإِذَا دِرْعٌ كَأَنَّهَا عَنْهَا الأَيْدِي ، قَالَ : فَأَخْرَجْتُهَا فَبِعْتُهَا بِأَرْبَعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ أَتَيْتُ الْمِرْبَدَ ، فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا أَوْ نَاقَةً ، وَتَهَيَّأْتُ بِمَا يَتَهَيَّأُ بِهِ الْحَاجُّ , وَوَعَدْتُ أَصْحَابًا لِي فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَوْسِمَ , ثُمَّ أَدْرَكْتُ الانْصِرَافَ ، فَذَهَبْتُ لأُوَدِّعَ ، وَقَدْ قَدَّمْتُ بَعِيرِي إِلَى الأَبْطَحِ , فَإِنِّي لأُصَلِّيَ فِي الْحِجْرِ إِذَا غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ ، فَأُرِيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لِي : يَا . . . . ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَ مِنْكَ سَعْيَكَ ، ائْتِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَقُلْ لَهُ : إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا ثَلاثَةَ أَسْمَاءٍ : عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَبُو الْيَتَامَى , سُدَّ يَدَكَ بِالْعَرِيفِ ، وَالْمُكَاسِ " , قَالَ : فَانْتَبَهْتُ فَرَأَيْتُ أَصْحَابِيَ ، فَقُلْتُ لَهُمُ : امْضُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ , وَأَخَذْتُ بِرَأْسِ بَعِيرِي ، وَسَأَلْتُ عَنْ رُفْقَةٍ تَخْرُجُ إِلَى الشَّامِ , فَمَضَيْتُ مَعَهُمْ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دِمَشْقَ ، فَسَأَلْتُ عَنْ مَنْزِلِهِ , فَأَنَخْتُ نَاقَتِي أَوْصَيْتُ ، وَذَلِكَ قَبْلَ انْتِصَافِ النَّهَارِ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى بَابِ الدَّارِ ، فَقُلْتُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : مَا أَمْنَعُكَ ، أَوْ مَا أَمْتَنِعُ عَلَيْكَ ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكُ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ ، يَعْنِي تَشَاغُلَهُ بِالنَّاسِ حَتَّى كَانَ السَّاعَةُ ، فَإِنْ صَبَرْتَ وَإِلا . . . ، فَقَالَ لِي : مَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ لَهُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ , وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا نَعْلٌ فِي إِصْبَعَيْهِ وَإِذَا هُوَ يَسْقِي الْمَاءَ الْجَارِيِّ ، فَأَلْقَى نَعْلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ وَجَلَسْتُ ، فَقَالَ : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : رَجُلٌ مِنَ الْبَصْرَةِ , قَالَ : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : مِنْ عَدَنَ , قَالَ : كَيْفَ الْبُرُّ عِنْدَكُمْ ؟ , كَيْفَ الشَّعِيرُ ؟ ، كَيْفَ الزَّيْتُ ؟ ، كَيْفَ السَّمْنُ ؟ ، كَيْفَ الْبَزُّ ؟ , حَتَّى عَدَّ هَذِهِ الَّتِي تُبَاعُ ، وَذَكَرَ الْبُرَّ حَتَّى ذَكَرَ الرُّطَبَ , فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ هَذَا ، عَادَنِي إِلَى الْمَسْأَلَةِ الأُولَى ، ثُمَّ قَالَ لِي : وَيْحَكَ قَدْ جِئْتَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ ؟ قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَتَيْتُكَ لَهُ الأَوْلَى ، قَالَ : ثُمَّ قَصَصْتُ رُؤْيَايَ مِنْ لَدُنِ الرُّؤْيَا إِلَى مَجِيئِي إِلَيْهِ , قَالَ : فَكَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَخْفَى عِنْدَهُ , قَالَ : وَيْحَكَ أَقِمْ عِنْدِي فَأُوَاسِيَكَ , قُلْتُ : لا , قَالَ : فَدَخَلَ ، فَأَخْرَجَ صُرَّةً بِهَا أَرْبَعُونَ دِينَارًا ، فَقَالَ : لَمْ يَبْقَ مِنْ عَطَائِي غَيْرُ مَا تَرَى ، وَأَنَا مُوَاسِيكَ فِيهَا قَالَ : قُلْتُ : لا وَاللَّهِ لا آخِذُ عَلَى رِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا أَبَدًا , قَالَ : فَكَانَ ذَلِكَ صِدْقٌ عِنْدَهُ ، قَالَ : فَوَدَّعْتُهُ ، فَقَامَ إِلَيَّ فَاعْتَنَقَنِي ، وَمَشَى مَعِي إِلَى بَابِ الدَّارِ ، وَدَمَعَتْ عَيْنُهُ ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَمَكَثَ حَوْلا ، ثُمَّ قِيلَ لِي : مَاتَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَخَرَجْتُ غَازِيًا , فَلَمَّا كُنْتُ فِي أَرْضِ الرُّومِ ، إِذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ اسْتَأْذَنَ لِي قَدْ عَرَفَنِي وَلَمْ أَعْرِفْهُ , فَسَلَّمَ عَلَيَّ ، ثُمَّ قَالَ : عَلِمْتُ أَنَّ الأَمِيرَ صَدَّقَ رُؤْيَاكَ ، مَرِضَ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُهُ فَكُنْتُ أَعْتَنِقُهُ أَنَا ، وَهُوَ مِنَ اللَّيْلِ , فَكَانَ إِذَا كَانَتْ سَاعَتِي الَّتِي أَكُونُ عِنْدَهُ يَذْهَبُ فَيُصَلِّي , وَإِذَا كَانَتْ سَاعَتُهُ ذَهَبْتُ أَنَا فَنِمْتُ ، وَقَامَ يُصَلِّي ، وَعَلَى الْبَابِ دَوِيٌّ , قَالَ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لِلَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي إِذْ سَمِعْتُ بُكَاءً شَدِيدًا ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ حَدَثَ بِعَبْدِ الْمَلِكِ ؟ فَجَعَلَ لا يَكْتَرِثُ لَيَالِيَ ، ثُمَّ إِنَّهُ سُرِّيَ عَنْهُ فَفَتَحَ الْبَابَ ، فَقَالَ : أُعَلِّمُكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى صَدَّقَ رُؤْيَا الْبَصْرِيِّ , أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لِي مَقَالَتَهُ .