حَدَّثَنَا أَبِي ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ مَالِكُ بْنُ نَصْرٍ الدَّالَانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَعْشَى هَمَدَانَ الشَّاعِرَ يُحَدِّثُ ، وَقَالَ أَبِي : سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَّا يُحَدِّثُ ، قَالَ : خَرَجَ مَالِكُ بْنُ حَرِيمٍ الْهَمْدَانِيُّ الشَّاعِرُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ يُرِيدُونَ عُكَاظًا ، فَاصْطَادُوا ظَبْيًا فِي طَرِيقِهِمْ ، وَقَدْ أَصَابَهُمْ عَطَشٌ شَدِيدٌ ، فَانْتَهَوْا إِلَى مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ أُجَيْرَةُ ، فَجَعَلُوا يَفْصِدُونَ دَمَ الظَّبْيِ وَيَشْرَبُونَهُ مِنَ الْعَطَشِ ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ ذَبَحُوهُ ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا فِي طَلَبِ الْحَطَبِ ، وَنَامَ مَالِكُ بْنُ حَرِيمٍ فِي الْخِبَاءِ ، وَأَثَارَ أَصْحَابُهُ شُجَاعًا ، فَانْسَابَ حَتَّى دَخَلَ خِبَاءَ مَالِكٍ ، فَأَقْبَلُوا وَقَالُوا : يَا مَالِكُ ، عِنْدَكَ الشُّجَاعُ فَاقْتُلْهُ ، فَاسْتَيْقَظَ مَالِكٌ ، فَقَالَ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا كَفَفْتُمْ عَنْهُ ، فَكَفُّوا ، وَانْسَابَ الْأَسْوَدُ فَذَهَبَ ، وَأَنْشَأَ مَالِكٌ ، يَقُولُ : وَأَوْصَانِي الْحَرِيمُ بِعِزِّ جَارِي وَأَمْنَعُهُ وَلَيْسَ بِهِ امْتِنَاعُ وَأَدْفَعُ ضَيْمَهُ وَأَذُودُ عَنْهُ وَأَمْنَعُهُ إِذَا مُنِعَ الْمَتَاعُ فَذَلِكُمُ إِلَيَّ عَنْهُ تَنَحُّوا لِشَيْءٍ مَا اسْتَجَارَ بِيَ الشُّجَاعُ وَلَا تَتَحَمَّلُوا دَمَ مُسْتَجِيرٍ تَضَمَّنَهُ أُجَيْرَةُ فَالتِّلَاعُ فَإِنَّ لِمَا تَرَوْنَ عَنِّي أَمْرٌ لَهُ مِنْ دُونِ أَعْيُنِكُمْ قِنَاعُ ثُمَّ ارْتَحَلُوا وَقَدْ أَجْهَدَهُمُ الْعَطَشُ ، فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِهِمْ وَهُوَ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا الْقَوْمُ لَا مَاءٌ أَمَامَكُمُ حَتَّى تَسُومُوا الْمَطَايَا يَوْمَهَا التَّعَبَا ثُمَّ اعْدِلُوا شَامَةً بِالْمَاءِ عَنْ كَثَبٍ عَيْنٌ رُوَاءٌ وَمَاءٌ يُذْهِبُ اللَّغَبَا حَتَّى إِذَا مَا أَصَبْتُمْ مِنْهُ رِيَّكُمُ فَاسْقُوا الْمَطَايَا وَمِنْهُ فَامْلَئُوا الْقِرَبَا قَالَ : فَعَدَلُوا شَأْمَةً ، فَإِذَا هُمْ بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ ، فَشَرِبُوا ، وَسَقَوْا إِبِلَهُمْ ، وَحَمَلُوا مِنْهُ رِيَّهُمْ ، ثُمَّ أَتَوْا سُوقَ عُكَاظٍ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَانْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْعَيْنِ ، فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا ، وَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ : يَا مَالُ عَنِّي جَزَاكَ اللَّهُ صَالِحَةً هَذَا وَدَاعٌ لَكُمْ مِنِّي وَتَسْلِيمُ لَا تَزْهَدَنْ فِي اصْطِنَاعِ الْعُرْفِ مِنْ أَحَدٍ إِنَّ الَّذِي يُحْرَمُ الْمَعْرُوفَ مَحْرُومُ أَنَا الشُّجَاعُ الَّذِي أَنْجَيْتُ مِنْ رَهَقٍ شَكَرْتُ ذَلِكَ إِنَّ الشُّكْرَ مَقْسُومُ مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لَا يُعْدَمْ مَغَبَّتَهُ مَا عَاشَ ، وَالْكُفْرُ بَعْدَ الْغِبِّ مَذْمُومُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |