حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا رَجُلٌ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيِّ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هَاهُنَا أَمِيرًا ، قِيلَ لَهُ : إِنَّ هَاهُنَا رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى هَارُوتَ وَمَارُوتَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، فَإِذَا شَيْخٌ جَلِيلٌ فَثَنَيْتُ لَهُ وِسَادَةً بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ فَقَعَدَ عَلَيْهَا , فَقَالَ لَهُ مَسْلَمَةُ : أَنْتَ الَّذِي دَخَلْتَ عَلَى هَارُوتَ وَمَارُوتَ ؟ فَأَرْسَلَ عَيْنَيْهِ فَبَكَا ثُمَّ نَشَّفَ دُمُوعَهُ , فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ غُلامًا يَافِعًا فِي حِجْرِ أُمِّي وَكُنْتُ لا أَدْعُو بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلا أُوتِيتُ بِهِ ، فَلَمَّا أَدْرَكْتُ وَعَقَلْتُ ، قُلْتُ : يَا أُمَّهْ مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا الْمَالُ ؟ قَالَتْ : يَا بُنَيَّ كُلْ حَلالا وَلا تَسَلْ ، فَأَبَيْتُ عَلَيْهَا ، فَأَبَتْ عَلَيَّ ، فَقُلْتُ : إِنْ لَمْ تُخْبِرِينِي فَجَعْتُكَ بِنَفْسِي ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجَدَّ ، قَالَتْ : فَإِنَّ أَبَاكَ كَانَ سَاحِرًا وَإِنَّهُ جَمَعَ هَذَا الْمَالَ مِنَ السَّحَرِ ، قُلْتُ : فَمِنْ أَيْنَ تَعَلَّمَهُ ؟ فَأَبَتْ عَلِيَّ وَأَبَيْتُ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا ؟ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهُ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى نَصْرَانِيٍّ بِبَابِلَ ، فَارْتَحَلْتُ إِلَيْهِ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ : مَا أَقْدَمَكَ ؟ مَا أَظُنَّ أَبَاكَ إِلا قَدْ تَرَكَ لَكَ مِنَ الْمَالِ مَا لا تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ ؟ ! فَقُلْتُ : إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُدْخِلَنِي عَلَى هَارُوتَ وَمَارُوتَ أَنْظُرُ إِلَيْهِمَا فَوَاعَدَنِي لِشَهْرِ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا ، فَقَالَ : إِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِمَا فَلا تَذْكُرَنَّ لِلَّهِ اسْمًا ، قَالَ : فَذَهَبَ بِي فَرَقَّانِي فِي الأَرْضِ ثَلاثَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ مَرْقَاةً مَا أُنْكِرُ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : لا تَذْكُرَنَّ لِلَّهِ اسْمًا فَذَهَبَ فَرَقَّانِي ثَلاثَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ مَرْقَاةً مَا أُنْكِرُ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ شَيْئًا ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِمَا فَإِذَا هُمَا مُعَلَّقَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ مَنْكُوسَيْنِ مُكَبَّلَيْنِ فِي الْحَدِيدِ أَعْيُنُهُمَا مِثْلُ التُّرْسَةِ ، وَلَهُمَا أَجْنِحَةٌ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا ، قُلْتُ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَانْتَفَضَا فِي أَجْنِحَتِهِمَا وَجَالا جَوَلانَ الثَّوْرِ فَعُدْتُ ثَلاثًا ثُمَّ سَكَتُّ ، فَسَكَتَا . فَقَالا : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟ قُلْتُ : مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالا : وَقَدْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَسَاءَهُمَا ذَلِكَ ، قَالا : فَتَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ فِي الْمَغَازِي ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَنَظَرَ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ فسُرّا بِذَلِكَ ، قُلْتُ : إِنَّكُمَا قَدْ سَأَلْتُمَانِي فَأَنَا سَائِلُكُمَا ، قَالا : سَلْ ، قُلْتُ : أَرَأَيْتُ جَزَعَكُمَا مِنْ قَوْلِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مَا هُوَ ؟ قَالا : كَلِمَةٌ لَمْ نَسْمَعْهَا مُنْذُ فَارَقْنَا الْعَرْشَ ، قُلْتُ : أَرَأَيْتُ مُسَاءَتَكُمَا مِنْ قُولِي : اجْتِمَاعُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ مَا هُوَ ؟ قَالا : إِنَّ السَّاعَةَ لا تَقُومُ مَا اجْتَمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ، قُلْتُ : أَرَأَيْتُ سُرُورَكُمَا بِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ مَا هُوَ ؟ قَالا : مِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ ، قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرَانِي ؟ قَالا : إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلا تَنَامَ وَلا تُنِيمَ فَافْعَلْ فَإِنَّ الأَمْرَ جَدٌّ " ، قَالَ عَبْدِ اللَّهِ : طُمِسَ ذَلِكَ الْمَكَانُ ، فَلا يُعْرَفُ الْيَوْمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَذَكَرَ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |