حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَلَبِيُّ ، حَدَّثَنِي مِسْمَعُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِسْمَعِيُّ ، قَالَ : قَالَتْ لِي رَابِعَةُ الْعَابِدَةُ : اعْتَلَلْتُ عِلَّةً قَطَعَتْنِي عَنِ التَّهَجُّدِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ ، فمكثت أياما أقرأ جزئي إذا ارتفع النهار لما يذكر فيه أَنَّهُ يُعْدَلُ بِقِيَامِ اللَّيْلِ ، قَالَ : ثُمَّ رَزَقَنِيَ اللَّهُ الْعَافِيَةَ ، فَاعْتَادَتْنِي فَتْرَةٌ فِي عَقِبِ الْعِلَّةِ ، فَكُنْتُ قَدْ سَكَنْتُ إِلَى قِرَاءَةِ جُزْئِي بِالنَّهَارِ وَانْقَطَعَ عَنِّي قِيَامُ اللَّيْلِ ، قَالَتْ : فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ رَاقِدَةٌ أُرِيتُ فِي مَنَامِي كَأَنِّي دُفِعْتُ إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ ذَاتِ قُصُورٍ وَبَيْتٍ حَسَنٍ ، فَبَيْنَا أَنَا أَجُولُ فِيهَا أَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِهَا إِذَا أَنَا بِطَائِرٍ أَخْضَرَ وَجَارِيَةٍ تُطَارِدُهُ كَأَنَّهَا تُرِيدُ أَخْذَهُ ، قَالَتْ : فَشَغَلَنِي حُسْنُهَا عَنْ حُسْنِهِ ، فَقُلْتُ : مَاذَا تُرِيدِينَ مِنْهُ ؟ دَعِيهِ ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ طَائِرًا قَطُّ هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ ، قَالَتْ : فَقَالَتْ : فَهَلا أُرِيكِ شَيْئًا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلَى ، قَالَتْ : فَأَخَذَتْ بِيَدِي فَأَدَارَتْ بِي فِي تِلْكَ الرَّوْضَةِ حَتَّى انْتَهَتْ بِي إِلَى بَابِ قَصْرٍ فِيهَا ، فَاسْتَفْتَحَتْ فَفُتِحَ لَنَا ، ثُمَّ قَالَتِ : افْتَحُوا لِي بَيْتَ رَابِعَةَ ، قَالَتْ : فَفُتِحَ لَهَا بَابٌ شَاعَ مِنْهُ شُعَاعٌ وَاسْتَنَارَ مِنْ ضَوْئِهِ مَا بَيْنَ يَدَيَّ وَمَا خَلْفِي ، قَالَتْ : فَدَخَلَتْ وَقَالَتْ : فَادْخُلِي ، قَالَتْ : فَدَخَلْتُ فِي بَيْتٍ يَحَارُ فِيهِ الْبَصَرُ تَلأْلُؤًا وَحُسْنًا ، مَا أَعْرِفُ لَهُ فِي الدُّنْيَا شَبِيهًا أُشَبِّهُهُ بِهِ ، قَالَتْ : فَبَيْنَا نَحْنُ نَجُولُ فِيهِ إِذْ رُفِعَ لَنَا بَابٌ يَخْرِقُ إِلَى بُسْتَانٍ ، قَالَتْ : فَأَهْوَتْ نَحْوَهُ وَأَنَا مَعَهَا ، فَتَلَقَّانَا فِيهِ وُصَفَاءٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ اللُّؤْلُؤُ بِأَيْدِيهِمُ الْمَجَامِرُ ، فَقَالَتْ لَهُمْ : أَيْنَ تُرِيدُونَ ؟ قَالُوا : نُرِيدُ فُلانًا قُتِلَ فِي الْبَحْرِ شَهِيدًا ، قَالَتْ : أَفَلا تُجَمِّرُوا هَذِهِ الْمَرْأَةَ ؟ قَالُوا : قَدْ كَانَ لَهَا فِي ذَلِكَ حَظٌّ فَتَرَكَتْهُ ، قَالَتْ : فَأَرْسَلَتْ يَدَهَا مِنْ يَدِي ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ ، فَقَالَتْ : صَلاتُكِ نُورٌ وَالْعِبَادُ رُقُودٌ وَنَوْمُكِ ضِدٌّ لِلصَّلاةِ عَنِيدُ وَعُمْرُكِ غُنْمٌ إِنْ عَقَلْتِ وَمُهْلَةٌ يَسِيرُ وَيَفْنَى دَائِبًا وَيَبِيدُ قَالَتْ : ثُمَّ غَابَتْ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيَّ ، وَاسْتَيْقَظْتُ بَعْدَ الْفَجْرِ ، قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا ذَكَرْتُهَا فَتَوَهَّمْتُهَا إِلا طَاشَ عَقْلِي وَأَنْكَرْتُهُ بِعَيْنَيَّ . قَالَ : ثُمَّ سَقَطَتْ رَابِعَةُ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا " .