بكاء ادم صلى الله عليه وسلم


تفسير

رقم الحديث : 270

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُخَوَّلٌ ، قَالَ : " جَاءَنِي بَهِيمٌ يَوْمًا ، فَقَالَ لِي : تَعْلَمُ لِي رَجُلا مِنْ جِيرَانِكَ أَوْ إِخْوَانِكَ يُرِيدُ الْحَجَّ تَرْضَاهُ يُرَافِقُنِي ؟ قُلْتُ : نَعَمْ فَذَهَبْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْحَيِّ لَهُ صَلاحٌ وَدِينٌ ، فَجَمَعْتُ بَيْنَهُمَا ، وَتَوَاطَآ عَلَى الْمُرَافَقَةِ . ثُمَّ انْطَلَقَ بَهِيمٌ إِلَى أَهْلِهِ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ ، أَتَانِي الرَّجُلُ فَقَالَ : يَا هَذَا ، أُحِبُّ أَنْ تَزْوِيَ عَنِّي صَاحِبَكَ وَتَطْلُبَ رَفِيقًا غَيْرِي . فَقُلْتُ : وَيْحَكَ فَلِمَ ؟ فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ فِي الْكُوفَةِ لَهُ نَظِيرًا فِي حُسْنِ الْخَلْقِ وَالاحْتِمَالِ ، وَلَقَدْ رَكِبْتُ مَعَهُ الْبَحْرَ فَلَمْ أَرَ إِلا خَيْرًا . قَالَ : وَيْحَكَ ! حُدِّثْتُ أَنَّهُ طَوِيلُ الْبُكَاءِ لا يَكَادُ يَفْتُرُ ، فَهَذَا يُنَغِّصُ عَلَيْنَا الْعَيْشَ سَفَرَنَا كُلَّهُ . قَالَ : قُلْتُ : وَيْحَكَ ! إِنَّمَا يَكُونَ الْبُكَاءُ أَحْيَانًا عِنْدَ التَّذَكُّرِ ، يَرِقُّ الْقَلْبُ فَيَبْكِي الرَّجُلُ ، أَوَ مَا تَبْكِي أَحْيَانًا ؟ قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ جِدًّا مِنْ بُكَائِهِ . قَالَ : قُلْتُ : اصْحَبْهُ ، فَلَعَلَّكَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ , قَالَ : أَسْتَخِيرُ اللَّهَ . فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَا فِيهِ ، جِيءَ بِالإِبِلِ ، وَوُطِّئَ لَهُمَا ، فَجَلَسَ بَهِيمٌ فِي ظِلِّ حَائِطٍ ، فَوَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ لِحْيَتِهِ ، وَجَعَلْتَ دُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهِ ، ثُمَّ عَلَى لِحْيَتِهِ ، ثُمَّ عَلَى صَدْرِهِ ، حَتَّى وَاللَّهِ رَأَيْتُ دُمُوعَهُ عَلَى الأَرْضِ . قَالَ : فَقَالَ لِي صَاحِبِي : يَا مُخَوَّلُ , قَدِ ابْتَدَأَ صَاحِبُكَ ، لَيْسَ هَذَا لِي بِرَفِيقٍ . قَالَ : قُلْتُ : ارْفُقْ ، لَعَلَّهُ ذَكَرَ عِيَالَهُ وَمُفَارَقَتَهُ إِيَّاهُمْ فَرَقَّ . وَسَمِعَهَا بَهِيمٌ ، فَقَالَ : " وَاللَّهِ يَا أَخِي مَا هُوَ ذَاكَ ، وَمَا هُوَ إِلا أَنِّي ذَكَرْتُ بِهَا الرِّحْلَةَ إِلَى الآخِرَةِ " . قَالَ : وَعَلا صَوْتُهُ بِالنَّحِيبِ . قَالَ لِي صَاحِبِي : وَاللَّهِ مَا هِيَ بِأَوَّلِ عَدَوَاتِكَ لِي أَوْ بُغْضِكَ إِيَّايَ ، أَنَا مَا لِي وَلِبَهِيمٍ ؟ إِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُرَافِقَ بَيْنَ بَهِيمٍ وَبَيْنَ ذَوَّادِ بْنِ عُلْبَةَ , وَدَاوُدَ الطَّائِيِّ ، وَسَلامٍ أَبِي الأَحْوَصِ ، حَتَّى يَبْكِيَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، حَتَّى يَشْتَفُّوا أَوْ يَمُوتُوا جَمِيعًا ! . قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أَرْفُقُ بِهِ ، وَقُلْتُ : وَيْحَكَ ! لَعَلَّهَا خَيْرُ سَفْرَةٍ سَافَرْتَهَا . قَالَ : وَكَانَ طَوِيلَ الْحَجِّ ، رَجُلا صَالِحًا ، إِلا أَنَّهُ كَانَ رَجُلا تَاجِرًا مُوسِرًا ، مُقْبِلا عَلَى شَأْنِهِ ، لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ حُزْنٍ وَلا بُكَاءٍ . قَالَ : فَقَالَ لِي : قَدْ وَقَعْتُ مَرَّتِي هَذِهِ ، وَلَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ خَيْرًا . قَالَ : وَكُلُّ هَذَا الْكَلامِ لا يَعْلَمُ بِهِ بَهِيمٌ ، وَلَوْ عَلِمَ بِشَيْءٍ مِنْهُ مَا صَحِبَهُ . قَالَ : فَخَرَجَا جَمِيعًا ، حَتَّى حَجَّا وَرَجَعَا ، مَا يَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ لَهُ أَخًا غَيْرَ صَاحِبِهِ . فَلَمَّا جِئْتُ أُسَلِّمُ عَلَى جَارِي قَالَ : جَزَاكَ اللَّهُ يَا أَخِي عَنِّي خَيْرًا ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ فِي هَذَا الْخَلْقِ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ ، كَانَ وَاللَّهِ يَتَفَضَّلُ عَلَيَّ فِي النَّفَقَةِ وَهُوَ مُعْدِمٌ وَأَنَا مُوسِرٌ ، يَتَفَضَّلُ عَلَيَّ فِي الْخِدْمَةِ وَأَنَا شَابٌّ قَوِيُّ , وَهُوَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ ، وَيَطْبِخُ لِي , وَأَنَا مُفْطِرٌ وَهُوَ صَائِمٌ قَالَ : قُلْتُ : فَكَيْفَ كَانَ أَمْرُكَ مَعَهُ فِي الَّذِي كُنْتَ تَكْرَهُهُ مِنْ طُولِ بُكَائِهِ ؟ قَالَ : أَلِفْتُ وَاللَّهِ ذَلِكَ الْبُكَاءَ ، وَسَرَّ قَلْبِي , حَتَّى كُنْتُ أُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ ، حَتَّى تَأَذَّى بِنَا أَهْلُ الرُّفْقَةِ . قَالَ : ثُمَّ وَاللَّهِ أَلِفُوا ذَلِكَ ، فَجَعَلُوا إِذَا سَمِعُونَا نَبْكِي بَكَوْا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ : مَا الَّذِي جَعَلَهُمْ أَوْلَى بِالْبُكَاءِ مِنَّا وَالْمَصِيرُ وَاحِدٌ ؟ قَالَ : فَجَعَلُوا وَاللَّهِ يَبْكُونَ وَنَبْكِي . قَالَ : ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، فَأَتَيْتُ بَهِيمًا فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : كَيْفَ رَأَيْتَ صَاحِبَكَ ؟ قَالَ : " كَخَيْرِ صَاحِبٍ ، كَثِيرَ الذِّكْرِ ، طَوِيلَ التِّلاوَةِ لِلْقُرْآنِ ، سَرِيعَ الدَّمْعَةِ ، مُحْتَمِلٌ لِهَفَوَاتِ الرَّفِيقِ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.