حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ طُعْمَةَ الْجَعْفَرِيِّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ : لَمَّا أُتِيَ الْحَجَّاجُ بِحُطَيْطٍ الزَّيَّاتِ ، قَالَ لَهُ : أَحَرُورِيُّ أَنْتَ ؟ قَالَ : " مَا أَنَا بِحَرُورِيٍّ ، وَلَكِنِّي عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ أُجَاهِدَكَ بِيَدِي وَبِلِسَانِي وَبِقَلْبِي ، فَأَمَّا يَدِي فَقَدْ فُتَّهَا ، وَأَمَّا لِسَانِي فَهَذَا تَسْمَعُ مَا يقُولُ ، وَأَمَّا قَلْبِي فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيهِ " ، قَالَ : فَوَثَبَ حَوْشَبٌ صَاحِبُ شُرَطِهِ فَسَارَّهُ بِشَيْءٍ ، قَالَ : يَقُولُ لَهُ حُطَيْطٌ : " لا تَسْمَعْ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ غَاشٌّ لَكَ " ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : مَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ؟ فَقَالَ : " أَقُولُ فِيهِمَا خَيْرًا " . قَالَ : مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؟ قَالَ : " مَا وُلِدْتُ إِذْ ذَاكَ " ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ ! وُلِدْتَ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَمْ تُولَدْ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ ؟ فَقَالَ لَهُ حُطَيْطٌ : " يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ لا تَعْجَلْ ! إِنِّي وَجَدْتُ النَّاسَ اجْتَمَعُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَقُلْتُ : بِقَوْلِهِمْ ، وَاخْتَلَفُوا فِي عُثْمَانَ فَوَسِعَنِي السُّكُوتُ " ، فَوَثَبَ مَعَدٌّ ، صَاحِبُ عَذَابِ الْحَجَّاجِ ، فَقَالَ : إِنْ رَأَى الأَمِيرُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيَّ ، فَوَاللَّهِ لأُسْمِعَنَّكَ صِيَاحَهُ ، قَالَ : خُذْهُ إِلَيْكَ ، قَالَ : فَحَمَلَهُ ، فَمَكَثَ يُعَذِّبُهُ لَيْلَتَهُ جَمْعَاءَ وَلا يُكَلِّمُهُ حُطَيْطٌ ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ دَعَا بِدَهْقٍ ، وَاعْتَمَدَ عَلَى سَاقِهِ فَكَسَرَهَا وَاكْتَبَى عَلَيْهَا ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ حُطَيْطٌ : " يَا أَفْسَدَ النَّاسِ وَأَلأَمَهُمْ ! تَكْتَبِي عَلَى سَاقِي بَعْدَ أَنْ كَسَرْتَهَا ؟ وَاللَّهِ لا كَلَّمْتُكَ " ! فَلَمَّا أَصْبَحَ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ ؟ قَالَ : إِنْ رَأَى الأَمِيرُ أَنْ يَأْخُذَهُ ، فَقَدْ أَفْسَدَ عَلَيَّ أَهْلَ سِجْنِي ، يَسْتَحْيُونَ أَنْ لا يَصْبِرُوا ! قَالَ : عَلَيَّ بِهِ فَأُتِيَ بِهِ ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، قَالَ : وَإِلَى جَنْبِ الْحَجَّاجِ شَيْخٌ مِنْ مَشْيَخَةِ أَهْلِ الشَّامِ ، قَالَ : فَقَالَ حُطَيْطٌ لِلْحَجَّاجِ : " كَيْفَ رَأَيْتَ ؟ " قَالَ إِسْحَاقُ : يَعْنِي قَوْلَ مَعَدٍّ لَهُ : وَاللَّهِ لأُسْمِعَنَّكَ صِيَاحَهُ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : أَتَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . قَالَ : فَاقْرَأْ ، قَالَ بِهِ حُطَيْطٌ : " لا ، بَلِ اقْرَأْ أَنْتَ " ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : اقْرَأْ ، قَالَ حُطَيْطٌ : " لا ، بَلِ اقْرَأْ أَنْتَ " . كُلُّ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَقَرَأَ الْحَجَّاجُ : هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا سورة الإنسان آية 1 حَتَّى بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ : وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا سورة الإنسان آية 8 قَالَ : فَقَالَ لَهُ حُطَيْطٌ : " قِفْ " ، قَالَ : فَوَقَفَ الْحَجَّاجُ ، فَقَالَ لَهُ حُطَيْطٌ : " هُوَ ذَا أَنْتَ تُعَذِّبُهُمْ " ، قَالَ : فَقَالَ : عَلَيَّ بِالْعَذَابِ ، قَالَ : فَأُتِيَ بِمُسَالٍ أَوْ سِلاءٍ ، فَأَمَرَ بِهَا فَغُرِزَتْ فِي أَنَامِلِهِ ! فَقَالَ الشَّيْخُ الَّذِي إِلَى جَنْبِ الْحَجَّاجِ : تَالَلَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلا أَصْبَرَ مِنْهُ ، قَالَ : فَقَالُ لَهُ حُطَيْطٌ : " إِنَّ اللَّهَ يُفْرِغُ الصَّبْرَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِفْرَاغًا " ، قَالَ : فَقَالَ الْحَجَّاجُ لِمَعْدٍ : وَيْحَكَ ! أَرِحْنِي مِنْهُ ، قَالَ : فَحَمَلَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، قَالَ : بَعْضُ أَعْوَانِ الْحَجَّاجِ : فَرَحِمْتُهُ ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ ؟ قَالَ : " لا ، إِلا أَنَّ لِسَانِيَ قَدْ يَبِسَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ ! " . حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ : أَلَهُ حَمِيمٌ ؟ قَالُوا : أُمٌّ وَأَخٌ ، قَالَ : فَوَضَعَ عَلَى أُمِّهِ الدَّهْقَ ، فَقَالَ حُطَيْطٌ : يَا أُمَّهِ اصْبِرِي . فَقَتَلَهَا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |