أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَوَّلُ مَنْ خَضَبَ بِالْوَسْمَةِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، وَذَاكَ وَذَا كَأَنَّهُ قَدِمَ الْيَمَنَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ بَعْضُ مُلُوكِهَا فَقَالَ : يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ هَلْ لَكَ أَنْ أُغَيِّرَ لَكَ هَذَا الْبَيَاضَ ، فَتَعُودَ شَابًّا ؟ قَالَ : " ذَاكَ إِلَيْكَ ، فَخَضَبَهُ بِالْحِنَّاءِ ، ثُمَّ عَلاهُ بِالْوَسْمَةِ ، فَلَمَّا أَرَادَ الانْصِرَافَ زَوَّدَهُ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا ، وَأَقْبَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ اخْتَضَبَ ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ كَأَنَّ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ حَنَكُ الْغُرَابِ ، فَقَالَتْ لَهُ نُتَيْلَةُ بِنْتُ خَبَّابِ بْنِ كُلَيْبٍ أُمِّ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : يَا شَيْبَةَ الْحَمْدِ مَا أَحْسَنَ هَذَا الْخِضَابَ لَوْ دَامَ . فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ : لَوْ دَامَ لِي هَذَا السَّوَادُ حَمِدْتُهُ وَكَانَ بَدِيلا مِنْ شَبَابٍ قَدِ انْصَرَمْ تَمَتَّعْتُ مِنْهُ وَالْحَيَاةُ قَصِيرَةٌ وَلا بُدَّ مِنْ مَوْتٍ تَنُولُهُ أَوْ هِرَمْ وَمَنْ ذَا الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمَرْءِ خَفْضُهُ وَنِعْمَتُهُ يَوْمًا إِذَا عَرْشُهُ انْهَدَمْ فَمَوْتٌ جَهِيرٌ عَاجِلٌ لا سِوَى لَهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ مَقَالِهِمُ حَكَمْ قَالَ : فَخَضَبَ بَعْدَ ذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ " .