عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِصْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْحَارِثِ الْحَضْرَمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ ، قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، يُقَالَ لَهُ : زِيَادٌ ، قَالَ : فَغَزَوْنَا صِقِلِّيَّةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَحَاصَرْنَا مَدِينَةً ، قَالَ : وَكُنَّا ثَلاثَةً مُتَرَافِقِينَ : أَنَا وَزِيَادٌ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، قَالَ : فَإِنَّا لَمُحَاصِرُونَ يَوْمًا ، وَقَدْ وَجَّهْنَا أَحَدَنَا الثَّالِثَ لِيَأْتِيَنَا بِطَعَامٍ إِذْ أَقْبَلَتْ مَنْجَنِيقَةٌ فَوَقَعَتْ قَرِيبًا مِنْ زِيَادٍ ، فَشَظِيَتْ مِنْهَا شَظِيَّةٌ ، فَأَصَابَتْ رُكْبَةَ زِيَادٍ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فَاجْتَرَرْتُهُ ، وَأَقْبَلَ صَاحِبِي ، فَنَادَيْتُهُ فَجَاءَنِي ، فَبَرَزْنَا بِهِ حَيْثُ لا يَنَالُهُ الْقَتْلُ وَالْمَنْجَنِيقُ ، فَمَكَثْنَا طَوِيلا مِنْ صَدْرِ نِهَارِنَا لا يَتَحَرَّكُ مِنْهُ شَيْءٌ ، ثُمَّ أَفْتَرَ ضَاحِكًا حَتَّى تَبَيَّنَتْ نَوَاجِذُهُ ، ثُمَّ خَمَدَ ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ ، ثُمَّ خَمَدَ ، ثُمَّ ضَحِكَ مَرَّةً أُخْرَى ، ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ، فَأَفَاقَ ، فَاسْتَوَى جَالِسًا ، فَقَالَ : مَا لِي هَاهُنَا ؟ فَقُلْنَا : أَمَا عَلِمْتَ مَا أَمْرُكَ ؟ قَالَ : لا ، قَالَ : أَمَا تَذْكُرُ الْمَنْجَنِيقَ حِينَ وَقَعَ إِلَى جَنْبِكَ ؟ قَالَ : بَلَى ، فَقُلْنَا : فَإِنَّهُ أَصَابَكَ مِنْهَا شَيْءٌ فَأُغْمِيَ عَلَيْكَ ، وَرَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : نَعَمْ ، " أُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ أُفْضِيَ بِي إِلَى غُرْفَةٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ أَوْ زَبَرْجَدَةٍ ، وَأُفْضِيَ بِي إِلَى فُرُشٍ مَوْضُونَةٍ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ ، فَبَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ سِمَاطَانِ مِنْ نَمَارِقَ ، فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ قَاعِدًا عَلَى الْفِرَاشِ ، سَمِعْتُ صَلْصَلَةَ حُلِيٍّ عَنْ يَمِينِي ، فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ ، فَلا أَدْرِي أَهِيَ أَحْسَنُ أَوْ ثِيَابُهَا أَوْ حُلِيُّهَا ؟ فَأَخَذَتْ إِلَى طَرَفِ السِّمَاطِ ، فَلَمَّا اسْتَقْبَلَتْنِي رَحَّبَتْ وَسَهَّلَتْ ، وَقَالَتْ : مَرْحَبًا بِالْحَافِي ، الَّذِي لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَسْنَا كَفُلانَةَ امْرَأَتِهِ ، فَلَمَّا ذَكَرَتْهَا بِمَا ذَكَرَتْهَا بِهِ ضَحِكْتُ ، وَأَقْبَلَتْ حَتَّى جَلَسَتْ عَنْ يَمِينِي ، فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : أَنَا حَوْز زَوْجَتُكَ ، فَلَمَّا مَدَدْتُ يَدَيَّ ، قَالَتْ : عَلَى رِسْلِكَ ، إِنَّكَ سَتَأْتِينَا عِنْدَ الظُّهْرِ ، فَبَكَيْتُ ، فَحِينَ فَرَغَتْ مِنْ كَلامِهَا ، سَمِعْتُ صَلْصَلَةً عَنْ يَسَارِي ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ مِثْلِهَا ، فَوَصَفَ نَحْوَ ذَلِكَ ، فَصَنَعَتْ كَمَا صَنَعَتْ صَاحِبَتُهَا ، فَضَحِكْتُ حِينَ ذَكَرْتُ الْمَرْأَةَ ، وَقَعَدَتْ عَنْ يَسَارِي فَمَدَدْتُ يَدَيَّ ، فَقَالَتْ : عَلَى رِسْلِكَ ، إِنَّكَ تَأْتِينَا عِنْدَ الظُّهْرِ ، فَبَكَيْتُ " ، قَالَ : فَكَانَ قَاعِدًا مَعَنَا يُحَدِّثُنَا ، فَلَمَّا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ مَالَ ، فَمَاتَ ، قَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ : كَانَ رَجُلٌ يُحَدِّثُنِي ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْمَدَنِيِّ ، ثُمَّ قَدِمَ ، فَقَالَ لِيَ الرَّجُلُ : هَلْ لَكَ فِي أَبِي إِدْرِيسَ الْمَدَنِيِّ تَسْمَعْهُ مِنْهُ ؟ فَسَمِعْتُهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْحَارِثِ الْحَضْرَمِيُّ | عبد الكريم بن الحارث الحضرمي | ثقة |
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِصْرِيِّ | عبد الرحمن بن شريح المعافري / توفي في :167 | ثقة |