حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّ ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ . . . . ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ : " لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلا قَدْرُ غَمْسَةِ دَلْوٍ لَكَانَ عَظِيمًا ! " قَالَ أَبُو بَكْرٍ : " كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْوَاعِظِينَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، قَالَ : حُقَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ : لا ، وَقَدْ غُمِسَ غَمْسَةً . . . . . . مَعَهَا . . . . . . قَالَ : غَمْسَةٌ لَمْ تَدَعْ شَعْرًا مِنْ كَافِرٍ وَلا مُصِرٍّ عَلَى مَعْصِيَةٍ إِلا مَعَكَتْهُ ، وَلا جِلْدًا كَانَ فِي الدُّنْيَا مَصُونًا إِلا أَنْضَجَتْهُ ، وَلا وَجْهًا مُنَعَّمًا بِطُرُقِ التَّفَيُّؤِ إِلا كَلَّحَتْهُ ، وَلا بَصَرًا نَافِذًا فِي قُرَّةِ عَيْنٍ إِلا أَعْمَتْهُ ، وَلا سَمْعًا مُنْصِتًا لِلَهْوٍ إِلا اقْتَحَمَتْ عَلَيْهِ فَسَمَّجَتْهُ . يَا لَهَا غَمْسَةً ! مَا أَطْوَلَ شِقْوَةِ هَذَا الْمُعَذَّبِ بِهَا ، وَأَشَدَّ نِسْيَانِهِ لِمَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنَ النَّعِيمِ فِي جَنْبِهَا ! إِنَّهَا غَمْسَةٌ فِي لُجَّةِ جَهَنَّمَ ، لا يَهْدَأُ وَهْجُ حَرِّهَا ، وَلا يَهْتَدُّ لأَبَدِ الأَبَدِ . يُوقِدُ جَمْرُهَا وَمَا تَرْمِي بِهِ الْمُعَذَّبِينَ مِنْ لَفْحِ اسْتِعَارِهَا وَتَوالِي نَضْجِ شَرَرِهَا ! غَمْسَةٌ سَقَطَ لَحْمُهُ فِي لُجَّةِ مَهَاوِيهَا ، وَبَقِيَتْ عِظَامُهُ مُتَعَلِّقَةً بِكَلالِيبِ مَلائِكَتِهَا ، . . . إِلَى أَرْوَاحٍ لا تَمُوتُ وَلا . . . إِلَى حَيَاتِهَا . وَإِذَا أُخْرِجُوا مِنَ الْمَكَانِ السَّحِيقِ مِنْ غَيَايَاتِهَا ، أُخْرِجُوا وَقَدِ انْسَلَخُوا لِمَا أَذَاقُوا مِنْ أَلِيمِ نَكَالِهَا . وَيْلَهُمْ ! إِذَا سَالَتْ حِدَقُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ ، وَامْتَلأَتْ أَوْدِيَةُ النَّارِ وَبُطُونُ سِبَاعِهَا مِنْ صَدِيدِهِمْ ، وَتَقَرَّحَتْ بِنَفَحَاتِ النِّيرَانِ ثَوَاعِرُ جُلُودِهِمْ ، وَإِذَا سُقُوا فِيهَا بِالْكُرْهِ مِنْ غُسَالَةِ أَكْبَادِهِمْ ، وَإِذَا وَقَعَتْ أَكْلَةٌ مِنَ النَّارِ فِي أَفْوَاهِهِمْ ، وَإِذَا اسْتَبَقَ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فِيهَا إِلَى وُجُوهِهِمْ . بَلْ وَيْلَهُمْ إِذَا سُلِخُوا مِنَ الْجُلُودِ ، وَعَرِيَتْ مِنَ اللَّحْمِ عِظَامُهُمْ ، وَسُحِبُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ بَعْدَ أَنْ أَتَتِ النَّارُ عَلَى أَخَامِصِ أَقْدَامِهِمْ ، فَإِذَا نِيعُوا فَلَمْ يَبْقَ عَلَى اللَّفْحِ دُونَ الْقُمْعَ هَامَهُمْ ، وَإِذَا سَلَكَتِ النَّارُ فِي أَسْمَاعِهِمْ وَانْبَعَثَتْ خَارِجَةً مِنْ أَبْصَارِهِمْ ، وَإِذَا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ، وَيُسْهِبُونَهُمْ عَلَى صَفَائِحِ أَطْبَاقِهَا وَيَسْجُرُونَهُمْ ، وَالْحِجَارَةُ فِي بُعْدِ أَعْمَاقِهَا . وَيْلٌ لِلْمُعَذَّبِ مَا أَسْوَأَ خَبَرَ مَنْزِلٍ وَرِثَهُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ ، وَمَا أَضْيَقَهُ عَلَيْهِ عَلَى سَعَتِهِ ، وَمَا أَشَدَّ حَرَّهُ وَأَحْلَكَ سَوَادَ ظُلْمَتِهِ وَأَغَمَّهُ ، وَأَوْحَشَ عُمَّارَ مَسَاكِنِهِ ، وَأَسْوَأَ أَخْلاقَ مُرَافِقِيهِ فِي سِجْنِهِ . وَيْلَهُ ! لَقَدْ أُفْرِدَ فِيهَا بِمَا لا يَقُومُ لَهُ وَلا يَحْتَمِلُ مُضَضَ وَجَعِ قَلْبِهِ مُهَانًا ، قَدِ اسْتَحْكَمَتْ فِي عُنُقِهِ رِبْقَةُ شِقْوَتِهِ ، أَسِيرُ . . . قَدْ أَخْلَقَ الْبَلاءُ فِيهَا جَدَتَهُ . أَلَسْتَ أَنْتَ صَاحِبَ الْغَالِيَةِ فِي صَدْرِكَ ، وَالْمِرْآةِ الَّتِي تَصَفَّحُ بِهَا وَضَاءَةَ وَجْهِكَ ، وَالْمِقَصِّ الَّذِي كُنْتَ تَنَاوَلُ بِهِ الشَّعَرَةَ تَرَاهَا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا مِنْ خَدِّكَ ، وَصَاحِبِ السِّوَاكِ الَّذِي كُنْتَ تَخَلَّلُ بِهِ قُلْحَ أَسْنَانِكَ ، وَالْكُحْلِ الَّذِي كُنْتَ تُزَيَّنُ بِهِ قُرَّةَ عَيْنِكَ ؟ ! أَلا بَلَى ، فَكَيْفَ كَانَتِ النَّارُ حِينَ دَخَلْتَهَا ، وَصِرْتَ إِلَى مَالِكٍ وَخَزَنَتِهَا ؟ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |