حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : " إِنَّ أَهْلَ النَّارِ نَادَوْا : يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ سورة الزخرف آية 77 قَالَ : " فَخَلَّى عَنْهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا ثُمَّ أَجَابَهُمْ : إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ سورة الزخرف آية 77 . فَقَالُوا : رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ سورة المؤمنون آية 107 قَالَ : فَخَلَّى عَنْهُمْ مِثْلَ الدُّنْيَا ثُمَّ أَجَابَهُمُ : اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ سورة المؤمنون آية 108 " قَالَ : " فَلَمْ يَنْبُسُ الْقَوْمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ ، إِنْ كَانَ إِلا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ " . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : " كَانَ بَعْضُ الْوَاعِظِينَ يَقُولُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا : أَنْتَ تَحْتَمِلُ مُحَاوَرَةَ مَالِكٍ ؟ وَمَالِكٌ الْمُسَلَّطُ عَلَى مَا هُنَالِكَ فِي بُعْدِ تِلْكَ الْمَهَالِكِ لَسْتَ عِنْدِي كَذَلِكَ ! مَالِكٌ إِنْ زَجَرَ النَّارَ الْتَهَبَتْ حَرِيقًا لِزَجْرِهِ وَتَوَقَّدَتْ مُسْتَعِرَةً انْصِيَاعًا لأَمْرِهِ وَاحْتَدَمَتْ تَلَظِّيًا عَلَى الْعُصَاةِ مِنْ غَضَبِهِ وَمَتَى يَرْضَى مَنْ غَضِبِ عَلَيْهِمْ لِغَضَبِ رَبِّهِ ؟ ! إِذَا غَضِبَ مَالِكٌ عَلَى النَّارِ أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَلَمْ تَخْبُ مِنَ الاسْتِعَارِ عَلَى الْمُعَذَّبِينَ خِيفَةَ غَضَبِهِ . أَوَ يَرْضَى ؟ وَمَتَى يَرْضَى مَنْ فَطَرَهُ اللَّهُ عَلَى طَوَالِ الْغَضَبِ عَلَيْهِمْ ، وَمَنْ تَعَبَّدَ اللَّهَ بِمَا يُوصَلُ مِنْ أَلِيمِ الْهَوَانِ إِلَيْهِمْ ؟ اسْتَغَاثُوا بِمَنْ لا يَرْحَمُهُمْ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُمْ ، وَلا يَرْثِي لَهُمْ مِنْ جَهْدِ بَلاءٍ نَزَلَ بِهِمْ ، وَلا يَأْوِي لَهُمْ أَوْيَ مُتَوَجِّعٍ مِنْ نَارٍ اطَّلَعَتْ بِحَرِّهَا عَلَيْهِمْ . يَدْعُونَ مَالِكًا وَقَدْ شَوَهتْهُمُ النَّارُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَأَنْضَجَتْهُمْ ، ثُمَّ جَدَّدُوا لَهَا خَلْقًا مُسْتَأْنَفًا فَأَكَلَتْهُمْ ! لَيْسَتْ لِمَالِكٍ هِمَّةٌ - أَيُّهَا الْمُسْتَغِيثُ بِهِ - إِلا أَنْ يَرَى فِيهَا سُوءَ مَصْرَعِكَ عَلَى الصَّفَا الزُّلالِ الْمَحْمِيِّ عَلَيْهِ بَقَايَا لَحْمِ وَجْهِكَ ، وَمَوَاقِعَ شُعَبِ الْكَلالِيبِ انْتَشَبَتْ بِحَوَاشِي جِلْدِكَ ، وَاسْتِبَاقِ دُخَانِهَا إِذَا أَخَذَ بِمَجَامِعِ نَفْسِكَ ! وَيْلَكَ أَيُّهَا الْمُسْتَغِيثُ بِمَالِكٍ ! إِنَّ مَالِكًا اشْتَدَّتْ سَوْرَةُ غَضَبِهِ ، فَهُوَ دَائِبٌ يَشْتَفِي مِمَّنْ أَقْدَمَ صُرَاحًا عَلَى مَعْصِيَةِ رَبِّهِ . فَلا تَسَلْ عَنْ جُهْدٍ يُلاقُونَهُ بِشِدَّتِهِ ، وَوَيْلٍ طَوِيلٍ شَجْوًا تَسِيغُ مَرَارَتَهُ ، وَخِزْيِ هَوَانٍ فَتَجَرَّفُوا بِغُصَّتِهِ ، وَطَعَامِ زَقُّومِ اعْتُرِضَ فِي حُلُوقِهِمْ بِحَرِّهِ وَخُشُونَتِهِ ، وَصَدِيدٍ لَمْ يُسِيغُوهُ إِذَا جُرِّعُوهُ عَلَى كَرَاهَتِهِ ، وَشَيَاطِينَ قُرِبُوا بِهِمْ فِي مَهَاوِي ظَلَمَتِهَا ، وَسُرَادِقَاتِ نَارٍ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ فِي بُعْدِ غَيَايَاتِهَا ، فَمَا أَجْهَدَهُمْ وَهُمْ يُكْرَهُونَ ! بِالْمَقَامِعِ عَلَى تَنَاوُلِ آنِيَتِهَا الْمُنْتَزَعَةِ مِنْ عَصَا لَهُ أَعْمَتْ تتريا تَحْتَهَا ؟ وَلَقَدْ نَادَوْا بِالْوَيْلِ عِنْدَ أَوَّلِ نَفْحَةٍ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مَسَّتْهُمْ ، وَأَقَرُّوا بِالظُّلْمِ حِينَ قُرِنُوا بِنَدَامَتِهِمْ ، فَكَيْفَ لَوْ قَدْ طَالَ طَوْلُهُمْ بِدَارٍ رَأَوْا مِنْهُمْ ؟ وَلُوِّنَتِ الْمَثُلاتُ وَالنِّقْمَاتُ عَلَيْهِمْ ، وَوُجِّهَ الْمَكْرُوهُ سَوَالِفَ وَأَيْنَ فِيهَا إِلَيْهِمْ ؟ تَعَالَوْا نَبْكِ ، وَالْبُكَاءُ يَنْفَعُنَا خَوْفَ دَوَاهِيهَا ، وَخَوْفَ مَا يَلْقَى الْمُعَذَّبُونَ فِيهَا ! وَيْحِي إِنْ دَخَلْتُهَا مَعَ مَعْرِفَتِي ، وَأَخَذْتُ فِيهَا مَا تَسْمَعُونَ مِنْ مَعْنًى ؟ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو | عبد الله بن عمرو السهمي / توفي في :63 | صحابي |
سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ | سعيد بن أبي عروبة العدوي | ثقة حافظ |
حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ | حماد بن أسامة القرشي | ثقة ثبت |
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ | ابن أبي شيبة العبسي / توفي في :235 | ثقة حافظ صاحب تصانيف |