حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو بْنِ الْحَكَمِ الْهَرَوِيُّ ، حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيِّ ، أنا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، ثنا زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ ، قَالَ : " كُنَّا فِي غَدِيرٍ لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَمَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ , يُقَالُ لَهُ : عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ وَمَعَهُ ابْنَةٌ لَهُ شَابَّةٌ رَوَادٌ ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّةُ , خُذِي هَذِهِ الصَّحْفَةَ فَأْتِي الْغَدِيرَ فَأْتِينِي مِنْ مَائِهِ , فَوَافَاهَا عَلَيْهِ جَانٌّ , فَاخْتَطَفَهَا , فَذَهَبَ بِهَا , فَفَقَدَهَا أَبُوهَا فَنَادَى فِي الْحَيِّ , فَخَرَجْنَا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ ، وَسَلَكْنَا كُلَّ شِعْبٍ وَنَقْبٍ وَطَرِيقٍ , فَلَمْ نَجِدْ لَهَا أَثَرًا , فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا هِيَ قَدْ جَاءَتْ , قَدْ عَفَا شَعْرُهَا وَأَظْفَارُهَا , فَقَامَ إِلَيْهَا أَبُوهَا يَلْثُمُهَا , وَيَقُولُ : أَيْ بُنَيَّةُ ، أَيْنَ كُنْتِ ؟ وَأَيْنَ نَبَتْ بِكِ الأَرْضُ ؟ قَالَتْ : أَتَذْكُرُ لَيْلَةَ الْغَدِيرِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَتْ : وَافَانِي عَلَيْهِ جَانٌّ , فَاخْتَطَفَنِي فَذَهَبَ بِي , فَلَمْ أَزَلْ فِيهِمْ , وَاللَّهِ مَا نَالَ مِنِّي مُحَرَّمًا , حَتَّى إِذَا جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ غَزْوًا قَوْمًا مُشْرِكِينَ فِيهِمْ , أَوْ غَزَاهُمْ قَوْمٌ مُشْرِكُونَ مِنْهُمْ , فَجَعَلَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ إِنْ هُوَ ظَفِرَ وَأَصْحَابُهُ , أَنْ يَرُدَّنِي عَلَى أَهْلِي , فَظَفِرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ , فَحَمَلَنِي فَأَصْبَحْتُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ , وَجَعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَمَارَةً , إِذَا أَنَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ , أَنْ أُوَلْوِلَ بِصَوْتِي , فَأَخَذُوا مِنْ شَعْرِهَا وَأَظْفَارِهَا , ثُمَّ زَوَّجَهَا أَبُوهَا شَابًّا مِنَ الْحَيِّ , فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا يَقَعُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ , فَقَالَ : يَا مَجْنُونَةُ ، إِنَّمَا نَشَأْتِ فِي الْجِنِّ فَوَلْوَلَتْ بِصَوْتِهَا , فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ : يَا مَعْشَرَ بَنِي الْحَارِثِ اجْتَمِعُوا وَكُونُوا أَحِبَّاءَ كِرَامًا , قُلْنَا : يَا هَذَا نَسْمَعُ صَوْتًا وَلا نَرَى شَيْئًا , فَقَالَ : أَنَا رَبُّ فُلانَةَ , رَعَيْتَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِحُبِّي , وَحَفِظْتُهَا فِي الإِسْلامِ بِدِينِي , وَاللَّهِ مَا نِلْتُ مِنْهَا مُحَرَّمًا قَطُّ , إِنِّي كُنْتُ فِي أَرْضِ بَنِي فُلانٍ , فَسَمِعْتُ نَبْأَةً مِنْ صَوْتِهَا , فَتَرَكْتُ مَا كُنْتُ فِيهِ , ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَسَأَلْتُهَا , فَقَالَتْ : عَيَّرَنِي صَاحِبِي أَنِّي كُنْتُ فِيكُمْ , قَالَ : وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ لَفَقَأْتُ عَيْنَيْهِ , فَتَقَدَّمُوا إِلَيْهِ : أَيْ فُلُ , اظْهَرْ لَنَا نُكَافِئْكَ , فَلَكَ عِنْدَنَا الْجَزَاءُ وَالْمُكَافَأَةُ , فَقَالَ : إِنَّ أَبَانَا سَأَلَ : أَنْ نَرَى وَلا نُرَى , وَأَنْ لا نَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ الثَّرَى , وَأَنْ يَعُودَ شَيْخُنَا فَتًى , فَقَالَتْ لَهُ عَجُوزٌ مِنَ الْحَيِّ : أَيْ فُلُ ، بُنَيَّةٌ لِي عُرَيِّسٌ أَصَابَتْهَا حُمَّى الرِّبْعِ , فَهَلْ لَهَا عِنْدَكَ دَوَاءٌ ؟ قَالَ : عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطَتِ , انْظُرِي إِلَى ذُبَابِ الْمَاءِ الطَّوِيلِ الْقَوَائِمِ الَّذِي يَكُونُ عَلَى أَفْوَاهِ الأَنْهَارِ , فَخِذِي سَبْعَةَ أَلْوَانِ عِهْنٍ مِنْ أَصْفَرِهِ , وَأَحْمَرِهِ , وَأَخْضَرِهِ , وَأَسْوَدِهِ , فَاجْعَلِيهِ فِي وَسَطِ ذَلِكَ , ثُمَّ افْتُلِيهِ بَيْنَ إِصْبَعَيْكِ , ثُمَّ اعْقَدِيهِ عَلَى عَضُدِهَا الْيُسْرَى , فَفَعَلَتْ , فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَتْ مِنْ عِقَالٍ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |