حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنِي مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذٍ الْمَكِّيُّ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ الْكِنَانِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، عَنِ الأَعْشَى بْنِ النَّبَّاشِ بْنِ زُرَارَةَ التَّيْمِيِّ حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ , قَالَ : " خَرَجْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ نُرِيدُ الشَّامَ , فَنَزَلْنَا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ : وَادِي غَوْلٍ , فَعَرَّسْنَا بِهِ , فَاسْتَيْقَظْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ , فَإِذَا أَنَا بِقَائِلٍ يَقُولُ : أَلا هَلَكَ النَّسَّاكُ غَيْثُ بَنِي فِهْرِ وَذُو الْبَاعِ وَالْمَجْدِ التَّلِيدِ وَذُو الْفَخْرِ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : وَاللَّهِ لأُجِيبَنَّهُ , فَقُلْتُ : أَلا أَيُّهَا النَّاعِي أَخَا الْجُودِ وَالْفَخْرِ مَنِ الْمَرْءُ تَنْعَاهُ لَنَا مِنْ بَنِي فِهْرِ ، فَقَالَ : نَعَيْتُ ابْنَ جُدْعَانَ بْنَ عَمْرٍو أَخَا النَّدَى وَذَا الْحَسَبِ الْقُدْمُوسِ وَالْمَنْصِبِ الْقَهْرِ ، فَقُلْتُ : لَعَمْرِي لَقَدْ نُوَّهْتَ بِالسَّيِّدِ الَّذِي لَهُ الْفَضْلُ مَعْرُوفًا عَلَى وَلَدِ النَّضْرِ ، فَقَالَ : مَرَرْتُ بِنِسْوَانٍ يُخَمِّشْنَ أَوْجُهًا صِيَاحًا عَلَيْهِ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْحِجْرِ ، فَقُلْتُ : مَتَى إِنَّمَا عَهْدِيَ بِهِ مُذْ عَرُوبَةٍ وَتِسْعَةِ أَيَّامٍ لِغُرَّةِ ذَا الشَّهْرِ ، فَقَالَ : ثَوَى مُنْذُ أَيَّامٍ ثَلاثٍ كَوَامِلٍ مَعَ اللَّيْلِ أَوِ فِي اللَّيْلِ أَوْ وَضَحِ الْفَجْرِ ، فَاسْتَيْقَظَتِ الرُّفْقَةُ , فَقَالُوا : مَنْ تُخَاطِبُ ؟ فَقُلْتُ : هَذَا هَاتِفٌ يَنْعَى ابْنَ جُدْعَانَ , فَقَالُوا : وَاللَّهِ لَوْ بَقِيَ أَحَدٌ بِشَرَفٍ أَوْ عِزٍّ أَوْ كَثْرَةِ مَالٍ , لَبَقِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُدْعَانَ , فَقَالَ ذَلِكَ الْهَاتِفُ : أَرَى الأَيَّامَ لا تُبْقِي عَزِيزًا لِعِزَّتِهِ وَلا تُبْقِي ذَلِيلًا ، قَالَ : فَقُلْتُ : وَلا تُبْقِي مِنَ الثَّقَلَيْنِ شَغْرًا وَلا تُبْقِي الْحُزُونَ وَلا السُّهُولا ، قَالَ : فَنَظَرْنَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ , فَرَجَعْنَا إِلَى مَكَّةَ , فَوَجَدْنَاهُ مَاتَ كَمَا قَالَ لَنَا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |