حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، ثنا مَالِكُ بْنُ نَصْرٍ الدَّالانِيُّ ، مِنْ هَمْدَانَ , قَالَ : سَمِعْتُ شَيْخًا لَنَا يَذْكُرُ , قَالَ : خَرَجَ مَالِكُ بْنُ خُرَيْمٍ الدَّالانِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُرِيدُونَ عُكَاظًا , فَاصْطَادُوا صَيْدًا وَأَصَابَهُمْ عَطَشٌ شَدِيدٌ , فَانْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعٍ , يُقَالُ لَهُ : أُجَيْرَةُ , فَقَصَدُوا الظَّبْيَ وَجَعَلُوا يَشْرَبُونَ مِنْ دَمِهِ مِنَ الْعَطَشِ , فَلَمَّا ذَهَبَ دَمُهُ ذَبَحُوهُ , وَخَرَجُوا فِي طَلَبِ الْحَطَبِ , وَكَمَنَ مَالِكٌ فِي خِبَائِهِ , فَأَثَارَ بَعْضُهُمْ شُجَاعًا , فَأَقْبَلَ مُنْسَابًا حَتَّى دَخَلَ رَحْلَ مَالِكٍ فَلاذَ بِهِ , وَأَقْبَلَ الرَّجُلُ فِي أَثَرِهِ , فَقَالَ : يَا مَالِكُ اقْتُلِ الشُّجَاعَ عَنْكَ , فَاسْتَيْقَظَ مَالِكٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَلاذَ بِهِ , فَقَالَ مَالِكٌ لِلرَّجُلِ : عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلا تَرَكْتَهُ فَكَفَّ عَنْهُ , وَانْسَابَ الشُّجَاعُ إِلَى مَأْمَنِهِ وَأَنْشَأَ مَالِكٌ , يَقُولُ : وَأَوْصَانِي الْخُرَيْمُ بِعِزِّ جَارِي وَأَمْنَعُهُ وَلَيْسَ بِهِ امْتِنَاعُ وَأَدْفَعُ ضَيْمَهُ وَأَذُبُّ عَنْهُ وَأَمْنَعُهُ إِذَا امْتَنَعَ الْمَتَاعُ فَذَلِكُمُ أَبِي عَنْهُ بِنَجْوٍ لِشَيْءٍ مَا اسْتَجَارَنِيَ الشُّجَاعُ وَلا تَنْحُو إِلَى دَمِ مُسْتَجِيرٍ تَضَمَّنَهُ أُجَيْرَةُ فَالتِّلاعُ فَإِنَّ لِمَا تَرَوْنَ غَبِيَّ أَمْرٍ لَهُ مِنْ دُونِ أَعْيُنِكُمْ قِنَاعُ فَارْتَحَلُوا وَاشْتَدَّ بِهِمُ الْعَطَشُ , فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِهِمْ : " يَأَيُّهَا الْقَوْمُ لا مَاءٌ أَمَامَكُمُ حَتَّى تَسُومُوا الْمَطَايَا يَوْمَهَا التَّعَبَا ثُمَّ اعْدِلُوا شَامَةً فَالْمَاءُ عَنْ كَثَبٍ عَيْنٌ رُوَاءٌ وَمَاءٌ يُذْهِبُ اللَّغَبَا حَتَّى إِذَا مَا أَصَبْتُمْ مِنْهُ رِيَّكُمُ فَاسْقُوا الْمَطَايَا وَمِنْهُ فَامْلَئُوا الْقِرَبَا فَعَدَلُوا شَامَةً فَإِذَا هُمْ بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ فِي أَصْلِ جَبَلٍ , فَشَرِبُوا وَسَقَوْا إِبِلَهُمْ وَحَمَلُوا رِيَّهُمْ حَتَّى أَتَوْا عُكَاظًا , ثُمَّ أَقْبَلُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ , فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا , وَإِذَا هَاتِفٌ يَقُولُ : يَا مَالِ عَنِّي جَزَاكَ اللَّهُ صَالِحَةً هَذَا وَدَاعٌ لَكُمْ مِنِّي وَتَسْلِيمُ لا تَزْهَدَنْ فِي اصْطِنَاعِ الْعُرْفِ مَعْ أَحَدٍ إِنَّ الَّذِي يُحْرَمُ الْمَعْرُوفَ مَحْرُومُ مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لا يَعْدَمْ مَغَبَّتَهُ مَا عَاشَ وَالْكُفْرُ بَعْدَ الْغَدْرِ مَذْمُومُ أَنَا الشُّجَاعُ الَّذِي أَنْجَيْتَ مِنْ رَهَقٍ شَكَرْتُ ذَلِكَ إِنَّ الشُّكْرَ مَقْسُومُ ، فَطَلَبُوا الْعَيْنَ فَلَمْ يَجدوهَا .