حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ ، عَنْ أَرْطَاةَ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : " يُسْتَخْلَفُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ ، يَنْزِلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، وَتُنْقَلُ إِلَيْهِ الْخَزَائِنُ وَأَشْرَافُ النَّاسِ ، فَيَتَجَبَّرُونَ فِيهَا ، وَيَشْتَدُّ حِجَابُهُ ، وَتَكْثُرُ أَمْوَالُهُمْ ، حَتَّى يَطْعَمَ الرَّجُلُ مِنْهُمُ الشَّهْرَ وَالآخَرُ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلاثَةَ ، حَتَّى يَكُونَ مَهْزُولُهُمْ كَسَمِينِ سَائِرِ النَّاسِ ، وَيَنْشَأُوا فِيهَا نُشُوءًا كَالْعُجُولِ الْمُرَبِّيَةِ عَلَى الْمَذَاوِدِ ، وُيُطْفِئُ الْخَلِيفَةُ سُنَنًا كَانَتْ مَعْرُوفَةً ، وَيَبْتَدِعُ سُنَنًا لَمْ تَكُنْ ، وَيَظْهَرُ الشَّرُّ فِي زَمَانِهِ ، وَيَظْهَرُ الزِّنَا ، وَتُشْرَبُ الْخَمْرُ عَلانِيَةً ، وَيُخِيفُ الْعُلَمَاءَ فِي زَمَانِهِ خَوْفًا ، حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلا رَكِبَ رَاحِلَةً ثُمَّ طَافَ الأَمْصَارَ كُلَّهَا لَمْ يَجِدْ رَجُلا مِنَ الْعُلَمَاءِ يُحَدِّثُهُ بِحَدِيثِ عِلْمٍ مِنَ الْخَوْفِ ، وَفِي زَمَانِهِ يَكُونُ الْمَسْخُ وَالْخَسْفُ ، وَيَكُونُ الإِسْلامُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، وَيَكُونُ الْمُتَمَسِّكُ بِدِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرَةِ ، أَوْ كَخَارِطِ الْقَتَادِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ ، حَتَّى يَصِيرَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُرْسِلَ ابْنَتَهُ تَمُرُّ فِي السُّوقِ وَمَعَهَا الشُّرَطُ ، عَلَيْهَا بَطِيطَانِ مِنْ ذَهَبٍ ، وَثَوْبٌ لا يُوَارِيهَا مُقْبِلَةً وَلا مُدْبِرَةً ، فَلَوْ تَكَلَّمَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ فِي الإِنْكَارِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ ، يَبْدَأُ فَيَمْنَعُ النَّاسَ الرِّزْقَ ، ثُمَّ يَمْنَعُهُمُ الْعَطَاءَ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْمُرُ بِإِخْرَاجِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنَ الشَّامِ ، فَتُخْرِجُهُمُ الشُّرَطُ مُتَفَرِّقِينَ ، لا تَتْرُكُ جُنْدًا يَصِلُ إِلَى جُنْدٍ حَتَّى يُخْرِجُوهُمْ مِنَ الرِّيفِ كُلِّهِ ، فَيَنْتَهُونَ إِلَى بُصْرَى ، وَذَلِكَ عِنْدَ آخِرِ عُمْرِهِ ، فَيَتَرَاسَلُ أَهْلُ الْيَمَنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا كَاجْتِمَاعِ قُزَعِ الْخَرِيفِ ، فَيَنْصِبُونَ مِنْ حَيْثُ كَانُوا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ عُصَبًا عُصَبًا ، ثُمَّ يَقُولُونَ : أَيْنَ تَذْهَبُونَ وَتَتْرُكُونَ أَرْضَكُمْ وَمُهَاجِرَكُمْ ؟ فَيَجْتَمِعُ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يُبَايعُوا رَجُلا مِنْهُمْ ، فَبَيْنَا هُمْ ، يَقُولُونَ : نُبَايعُ فُلانًا ، بَلْ فُلانًا ، إِذْ سَمِعُوا صَوْتًا مَا قَالَهُ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ : بَايَعُوا فُلانًا ، يُسَمِّيهِ لَهُمْ ، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَدْ رَضُوا بِهِ ، وَقَنَعَتْ بِهِ الأَنْفُسُ ، لَيْسَ مِنْ ذِي وَلا مِنْ ذِي ، ثُمَّ يُرْسِلُونَ إِلَى جَبَّارِ قُرَيْشٍ نَفَرًا مِنْهُمْ ، فَيَقْتُلُهُمْ وَيَرُدُّ رَجُلا مِنْهُمْ يُخْبِرُهُمْ مَا قَدْ كَانَ ، ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ يَسِيرُونَ إِلَيْهِ ، وَلِجَبَّارِ قُرَيْشٍ مِنَ الشُّرَطِ عِشْرُونَ أَلْفًا ، فَيَسِيرُ أَهْلُ الْيَمَنِ فَتُقَاتِلُهُمْ لَخْمٌ وَجُذَامٌ وَعَامِلَةُ وَجَدِيسٌ ، فَيُنْزِلُونَ لَهُمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ، وَالْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ ، وَيَكُونُونَ يَوْمَئِذٍ مَغُوثَةً لِلْيَمَنِ كَمَا كَانَ يُوسُفُ مَغُوثَةً لإِخْوَتِهِ بِمِصْرَ ، وَالَّذِي نَفْسُ كَعْبٍ بِيَدِهِ ، إِنَّ لَخْمَ وَجُذَامَ وَعَامِلَةَ وَجَدِيسَ لَمِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ، يَا أَهْلَ الْيَمَنِ ، فَإِنْ جَاءُوكُمْ يَلْتَمِسُونَ نَسَبَهُمْ فِيكُمْ فَصِلُوهُمْ ، فَإِنَّهُمْ مِنْكُمْ ، ثُمَّ يَسِيرُونَ جَمِيعًا حَتَّى يُشْرِفُوا عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَيَلْقَاهُمْ جَبَّارُ قُرَيْشٍ ، بِالْجُمُوعِ ، فَيَهْزِمُهُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ ، وَلا يَقُومُونَ لأَهْلِ الْيَمَنِ اقْتِنَاعَ الرَّجُلِ بِثَوْبِهِ فِي الْقِتَالِ " .