حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ ، قَالَ : نَا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : نَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ قَوْمِنَا غِفَارٍ ، وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا حَتَّى أَتَيْنَا خَالا لَنَا ذَا مَالٍ وَهَيْئَةٍ ، فَأَحْسَنَ إِلَيْنَا خَالُنَا فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ ، وَقَالُوا : إِنَّ أُنَيْسًا إِذَا خَرَجْتَ خَالَفَكَ إِلَى أَهْلِكَ ، فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَا عَلَيْنَا الَّذِي قِيلَ لَهُ فَقُلْنَا لَهُ : أَمَا أَنْتَ فَقَدْ كَدَّرْتَ مَعْرُوفَكَ فِيمَا مَضَى ، وَلا اجْتِمَاعَ لَنَا فِيمَا بَعْدُ ، فَقَدَّمَتْنَا صِرْمَتَنَا وَتَغَطَّى خَالُنَا بِرِدَائِهِ يَبْكِي فَانْطَلَقْنَا ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادٍ بِحَضْرَةِ مَكَّةَ نَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا ، فَأَتَى كَاهِنًا فَأَتَانَا بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا ، وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا ابْنَ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ سِنِينَ ، قَالَ : قُلْتُ : لِمَنْ ؟ قَالَ : للَّهِ ، قُلْتُ : أَيْنَ كُنْتَ تَوَجَّهُ ؟ قَالَ : حَيْثُ وَجَّهَنِي اللَّهُ أُصَلِّي عِشَاءً ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ السَّحَرِ أَلَقَيْتُ نَفْسِي كَأَنِّي خِفَاءٌ حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ ، فَقَالَ لِي أُنَيْسٌ : إِنِّي مُنْطَلِقٌ مَكَّةَ فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ ، فَانْطَلَقَ فَرَاثَ عَلَيَّ ، ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ : مَا حَبَسَكَ ، قَالَ : لَقِيتُ بِمَكَّةَ رَجُلا عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ ، قَالَ : قُلْتُ : فَمَا يَقُولُ فِيهِ النَّاسُ . قَالَ : يَقُولُونَ : شَاعِرٌ كَاهِنٌ . وَلَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةَ فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ ، قَالَ : أَبُو ذَرٍّ يَا ابْنَ أَخِي ، وَكَانَ أُنَيْسُ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ ، قَالَ : قُلْتُ : فَاكْفِنِي حَتَّى أُطَالِعَ مَكَّةَ ، قَالَ : نَعَمْ وَلَكِنْ كُنَّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ ، فَإِنَّهُمْ شَنِفُوا لَهُ ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ فَتَصَفَّحْتُ رَجُلا مِنْهُمْ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ الَّذِينَ يَدَعُونَهُ الصَّابِئَ ، قَالَ : فَأَشَارَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : الصَّابِئُ الصَّابِئُ ، قَالَ : فَأَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ حَجَرٍ وَعَظْمٍ ، فَخَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ ، فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ ، وَكَأَنِّي نُصْبٌ فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا وَمَكَثْتُ يَا ابْنَ أَخِي ثَلاثِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مَالِي طَعَامٌ وَلا شَرَابٌ إِلا زَمْزَمَ ، وَلَقَدْ سَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ أَضْحِيَانَ إِذْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَةِ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتَانِ تَدْعُوَانِ يَسَافًا وَنَائِلَةَ فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي ، فَقُلْتُ : زَوِّجُوا إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى ، فَوَاللَّهِ مَا تَنَاهُمَا ذَلِكَ ثُمَّ أَتَتَا عَلَيَّ وَهُمَا تُدْعَوَانِ يَسَافًا وَنَائِلَةَ ، فَقُلْتُ : هُنَّ مِثْلُ الْخَشَبَةِ غَيْرَ أَنِّي لا أُكَنَّى ، فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلانِ ، وَتَقُولانِ : لَوْ كَانَ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْصَارِنَا ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ ، فَقَالَتَا : الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا ، قَالَ : " مَا قَالَ لَكُمَا ؟ " ، قَالَتَا : قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الْفَمَ ، قَالَ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَبَدَأَ بِالْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَقَدْ وَصَاحِبِهِ ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ ، فَقَالَ : " وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ ؟ " قُلْتُ : رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ ، قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : كَرِهَ أَنِ انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ ، فَذَهَبْتُ لأَرْفَعَ يَدَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ ، فَمَنَعَنِي صَاحِبُهُ ، وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي ، فَقَالَ : " مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَا هُنَا ؟ " قُلْتُ : مُنْذُ ثَلاثِينَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، قَالَ : " مَا كَانَ طَعَامُكَ ؟ " قُلْتُ : مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلا مَاءَ زَمْزَمَ ، وَلَقَدْ سَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ وَهِيَ طَعَامُ طُعْمٍ " ، فَقَالَ : أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتْحِفْنِي بِطَعَامِهِ اللَّيْلَةَ ، قَالَ : " نَعَمْ " ، قَالَ : فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ ، وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَفَتَحَ لَنَا بَابًا فَقَبَضَ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ أَحْسَبُهُ ، قَالَ : قَبْضَةً فَذَاكَ أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا ، قَالَ : فَغَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ لا أَحْسَبُهَا إِلا يَثْرِبَ ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ يَنْفَعُهُمُ اللَّهُ بِكَ " ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أَخِي أُنَيْسًا ، فَقَالَ لِي : مَا صَنَعْتَ ، قَالَ : قَدِ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، فَقَالَ لِي : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ فَقَدْ أسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، ثُمَّ أَتَيْنَا أُمَّنَا فَعَرَضْنَا عَلَيْهَا الإِسْلامَ ، فَقَالَتْ : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا فَقَدْ أسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، ثُمَّ احْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَارًا ، فَعَرَضْنَا عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ ، وَقَالَ النِّصْفُ الْبَاقُونَ : إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَسْلَمْنَا ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ إِيمَاءً يَعْنِي ابْنَ رَحَضَةَ الْغِفَارِيَّ ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ ، فَجَاءَ إِخْوَانُنَا مِنْ أَسْلَمَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ غِفَارٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا ، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ " . وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ ، قَالَ : وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّهِ وَأَخْرَجَ إِلَيَّ كِتَابًا ذَكَرَ أَنَّهُ كِتَابُ أَبِيهِ ، عَنْ عَثَّامِ بْنِ عَلِيٍّ ، قَالَ : نَا الأَعْمَشُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ يَعْنِي حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ بِنَحْو مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فِي ذِكْرِ إِسْلامِهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا . وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الإِسْنَادِ لَمْ نَسْمَعْهُ إِلا مِنْ يَحْيَى بْنِ مُعَلَّى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَثَّامٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي ذَرٍّ | أبو ذر الغفاري | صحابي |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ | عبد الله بن الصامت الغفاري / توفي في :71 | ثقة |
أَبِي ذَرٍّ | أبو ذر الغفاري | صحابي |
أَبِي النَّضْرِ يَعْنِي حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ | حميد بن هلال العدوي | ثقة |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ | عبد الله بن الصامت الغفاري / توفي في :71 | ثقة |
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ | عمرو بن مرة المرادي / توفي في :116 | ثقة |
حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ | حميد بن هلال العدوي | ثقة |
الأَعْمَشُ | سليمان بن مهران الأعمش | ثقة حافظ |
سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ | سليمان بن المغيرة القيسي | ثقة ثقة |
عَثَّامِ بْنِ عَلِيٍّ | عثام بن علي العامري / توفي في :194 | ثقة |
أَبُو دَاوُدَ | أبو داود الطيالسي | ثقة حافظ غلط في أحاديث |
أَبِي | المعلى بن منصور الرازي / توفي في :211 | ثقة سني فقيه حافظ |
مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ | محمد بن معمر القيسي / توفي في :250 | ثقة |
يَحْيَى بْنُ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ | يحيى بن معلى الرازي | ثقة |