وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، يَقُولُ : " كُنْتُ أَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ فَلا أَعْرِفُهَا مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا سورة البقرة آية 106 ، أَقُولُ هَذَا قُرْآنٌ ، وَهَذَا قُرْآنٌ فَكَيْفَ يَكُونُ خَيْرًا مِنْهَا حَتَّى فُسِّرَ لِي فَكَانَ بَيِّنًا ، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا لَكُمْ أَيْسَرُ عَلَيْكُمْ ، أَخَفُّ عَلَيْكُمْ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ " . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : فَتَأْوِيلُ الآيَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا حَكَى ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالُوا : فَإِنَّمَا مَعْنَى النَّسْخِ هُوَ أَنْ يَنْسَخَ حُكْمَهُ الأَوَّلَ الَّذِي أَوْجَبَهُ بِكَلامِهِ عَلَى عِبَادِهِ بِحُكْمٍ خَيْرٍ لَهُمْ مِنْهُ ، فَإِنَّمَا خَفَّفَ عَنِ الْعِبَادِ ، فَأَبْدَلَهُمْ عَمَلا أَخَفَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الأَوَّلِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ حُكْمًا خَيْرًا لَهُمْ مِنْ حُكْمِ الآيَةِ الأُولَى أَوْسَعَ لَهُمْ وَأَخَفَّ عَلَيْهِمْ كَمَا نَسَخَ قِيَامَ اللَّيْلِ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْهُ فَكَانَ مَا تَيَسَّرَ خَيْرًا لَهُمْ فِي السَّعَةِ وَالْخِفَّةِ مِنَ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ بِطُولِ قِيَامِ اللَّيْلِ ؛ لأَنَّهُمْ قَامُوا حَوْلا حَتَّى تَوَرَّمَتْ أَقْدَامُهُمْ ، فَخَفَّفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ ، وَكَذَلِكَ كَانُوا لا يُنَاجُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَتَصَدَّقُوا بِصَدَقَةٍ فَخَفَّفَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ خَيْرًا ، لَهُمْ بِأَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ إِذَا هُمْ عَمِلُوا بِهِ ، وَخَيْرًا لَهُمْ فِي الْعَاقِبَةِ ، قَالُوا : فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيَانُ الْحُكْمِ الثَّانِي الَّذِي أُبْدِلَ بِهِ الْحُكْمُ الأَوَّلُ فِي كِتَابِهِ مُنَزَّلا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ بَيَانَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا يُنْزِلَهُ فِي كِتَابِهِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |