تفسير

رقم الحديث : 244

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ثنا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ النَّهْدِيُّ ، قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو خَالِدٍ الدَّالانِيُّ ، ثنا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : " يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيَنْزِلُ اللَّهُ فِي ظِلٍّ مِنَ الْغَمَامِ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ! أَلَمْ تَرْضَوْا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ، وَصَوَّرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ ، أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مَا كَانَ يَعْبُدُ فِي الدُّنْيَا ، وَيَتَوَلَّى ؟ أَلَيْسَ ذَلِكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ عَدْلٌ ؟ قَالُوا : بَلَى ! قَالَ : فَلْيَنْطَلِقْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِلَى مَا كَانَ يَتَوَلَّى فِي الدُّنْيَا ! قَالَ : وَيُمَثَّلُ لَهُمْ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا ، قَالَ : وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عِيسَى ، شَيْطَانُ عِيسَى ، وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عُزَيْرَ ، شَيْطَانُ عُزَيْرَ ، حَتَّى يُمَثَّلُ لَهُمُ الشَّجَرَةُ ، وَالْعَوْدُ ، وَالْحَجَرُ ، وَيَبْقَى أَهْلُ الإِسْلامِ جُثُومًا ، فَيَقُولُ لَهُمُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " مَا لَكُمْ لا تَنْطَلِقُونَ كَمَا انْطَلَقَ النَّاسُ ؟ ! " فَيَقُولُونَ : إِنَّ لَنَا رَبًّا ، مَا رَأَيْنَاهُ بَعْدُ ، فَيَقُولُ : " فَبِمَ تَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ إِنْ رَأَيْتُمُوهُ ؟ " قَالُوا : بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَلامَةٌ ، إِنْ رَأَيْنَاهَا عَرَفْنَاهُ ، قَالَ : فَيُكْشَفُ عِنْدَ ذَلِكَ عَنْ سَاقٍ ، قَالَ : " فَيَخِرُّ كُلُّ مَنْ كَانَ بِظَهْرِهِ الطَّبَقُ سَاجِدًا " ، وَيَبْقَى قَوْمٌ ظُهُورُهُمْ كَصَيَاصِي الْبَقَرِ ، يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ، ثُمَّ يُؤْمَرُونَ ، فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ ، فَيُعْطَوْنَ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ ، قَالَ : فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ فَوْقَ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ النَّخْلَةِ بِيَمِينِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ دُونَ ذَلِكَ ، حَتَّى يكُونَ آخِرُ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ يُضِيءُ مَرَّةً وَيُطْفِئُ مَرَّةً ، فَإِذَا أَضَاءَ قَدَّمَ قَدَمَهُ ، وَإِذَا أُطْفِئَ قَامَ ، قَالَ : فَيَمُرُّ ، وَيَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ ، وَالصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ ، دَحْضٌ مَزَلَّةٌ ، قَالَ : فَيَقُولُ لَهُمُ : انْجُوا عَلَى قَدْرِ نُورِكُمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ الْكَوْكَبِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالطَّرْفِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّحْلِ ، وَيَرْمُلُونَ رَمَلا ، فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ ، حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ ، قَالَ : تَخِرُّ يَدٌ وَتَعْلَقُ يَدٌ ، وَتَخِرُّ رِجْلٌ ، وَتَعْلَقُ أُخْرَى ، وَتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ ، فَإِذَا خَلَصُوا ، قَالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْكَ بَعْدَ الَّذِي أَرَانَاكِ ، لَقَدْ أَعْطَانَا اللَّهُ مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا ، قَالَ : فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى ضَحْضَاحٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ ، فَيَغْتَسِلُونَ ، فَيَعُودُ إِلَيْهِمْ رِيحُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَلْوَانُهُمْ ، وَيَرَوْنَ مِنْ خَلَلِ بَابِ الْجَنَّةِ ، وَهُوَ مُصْفَقٌ مَنْزِلا فِي أَدْنَى الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا أَعْطِنَا ذَلِكَ الْمَنْزِلَ ، فَيَقُولُ لَهُمْ : " أَتَسْأَلُونِي الْجَنَّةَ وَقَدْ نَجَّيْتُكُمْ مِنَ النَّارِ ؟ ! " فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا أَعْطِنَاهُ ذَلِكَ الْمَنْزِلَ ، فَيَقُولُ : " لَعَلَّكُمْ إِنْ أَعْطَيْتُكُمُوهُ أَنْ تَسْأَلُوا غَيْرَهُ " . فَيَقُولُونَ : لا وَعِزَّتِكَ لا نَسْأَلُكُ غَيْرَهُ ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ يَكُونُ أَحْسَنَ مِنْهُ ؟ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيُرْفَعُ لَهُمْ مَنْزِلٌ أَمَامَ ذَلِكَ ، كَانَ الَّذِي رَأَوْهُ قَبْلَ ذَلِكَ حُلْمًا عِنْدَهُ ، فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا أَعْطِنَا ذَلِكَ الْمَنْزِلَ . فَيَقُولُ لَهُمْ : " لَعَلَّكُمْ إِنْ أَعْطَيْتُكُمُوهُ أَنْ تَسْأَلُوا غَيْرَهُ " . فَيَقُولُونَ : لا وَعِزَّتِكَ ، لا نَسْأَلُكُ غَيْرَهُ ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ أَحْسَنُ مِنْهُ ؟ فَيُعْطُونَهُ ، ثُمَّ يُرْفَعُ لَهُمْ مَنْزِلٌ أَمَامَ ذَلِكَ ، كَانَ الَّذِي أُعْطُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ حُلْمًا عِنْدَ الَّذِي رَأَوْا ، فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا ، أَعْطِنَا ذَلِكَ الْمَنْزِلَ . فَيَقُولُ : " لَعَلَّكُمْ إِنْ أُعْطِيتُمُوهُ تَسْأَلُوا غَيْرَهُ ؟ " ، فَيَقُولُونَ : لا وَعِزَّتِكَ ، لا نَسْأَلُكُ غَيْرَهُ ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ أَحْسَنُ مِنْهُ ؟ ثُمَّ يَسْكُتُونَ ، لِيُقَالَ لَهُمْ : " مَالُكُمْ لا تُسْأَلُونَ ؟ " فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا ، قَدْ سَأَلْنَاكَ حَتَّى اسْتَحْيَيْنَا ، فَيَقُولُ لَهُمُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " أَلا تَرْضَوْنَ أَنْ أُعْطِيَكُمْ مِثْلَ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقْتُهَا إِلَى يَوْمِ أَفْنَيْتُهَا وَعَشْرَةً أَضْعَافَهَا ؟ ! " فَيَقُولُونَ : أَتَسْتَهْزِئُ بِنَا وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ ! قَالَ مَسْرُوقٌ : فَمَا بَلَغَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِلا ضَحِكَ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ! لَقَدْ حَدَّثْتَ هَذَا الْحَدِيثَ مِرَارًا ، فَمَا بَلَغْتَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِلا ضَحِكْتَ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُهُ مِرَارًا ، فَمَا بَلَغَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِلا ضَحِكَ ، حَتَّى تَبْدُوَ لَهَوَاتُهُ ، يَقُولُ الإِنْسَانُ : أَتَسْتَهْزِئُ بِنَا ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ ! فَيَقُولُ : " لا ، وَلَكِنِّي عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ ، فَسَلُونِي " . فَقَالُوا : رَبَّنَا أَلْحِقْنَا النَّاسَ . فَيُقَالُ لَهُمْ : الْحَقُوا النَّاسَ . فَيَنْطَلِقُونَ يَرْفُلُونَ فِي الْجَنَّةِ ، حَتَّى يَبْدُوَ لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ قَصْرٌ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ ، فَيَخِرُّ سَاجِدًا ، فَيُقَالُ لَهُ : ارْفَعْ رَأْسَكَ . فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ ، فَيَقُولُ : رَأَيْتُ رَبِّي . فَيُقَالُ لَهُ : إِنَّمَا ذَلِكَ مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِكَ . فَيَنْطَلِقُ فَيَسْتَقْبِلُهُ رَجُلٌ ، فَيَتَهَيَّأُ لِلسُّجُودِ ، فَيُقَالُ لَهُ : مَا لَكَ ؟ فَيَقُولُ : رَأَيْتُ مَلِكًا أَوْ مَلَكًا ، شَكَّ أَبُو غَسَّانَ ، فَيُقَالُ لَهُ : إِنَّمَا ذَلِكَ قَهْرَمَانٌ مِنْ قَهَارِمَتِكَ ، عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِكَ . فَيَأْتِيهِ فَيَقُولُ : إِنَّمَا أنا قَهْرَمَانٌ مِنْ قَهَارِمَتِكَ عَلَى هَذَا الْقَصْرِ ، تَحْتَ يَدَيْ أَلْفِ قَهْرَمَانٍ ، كُلُّهُمْ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ . فَيَنْطَلِقُ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَيُفْتَحُ لَهُ الْقَصْرُ ، وَهُوَ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ ، سَقَائُفُهَا وَأَبْوَابُهَا وَأَعْلاقُهَا ، وَمَفَاتِيحُهَا مِنْهَا ، قَالَ : فَيُفْتَحُ لَهُ الْقَصْرُ ، فَيَسْتَقْبِلُهُ جَوْهَرَةٌ خَضْرَاءُ ، مُبَطَّنَةٌ بِحَمْرَاءَ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فِيهَا سِتُّونَ بَابًا ، كُلُّ بَابٍ يُفْضِي إِلَى جَوْهَرَةٍ حَمْرَاءَ مُبَطَّنَةٍ بِخَضْرَاءَ ، فِيهَا سِتُّونَ بَابًا ، كُلُّ بَابٍ يُفْضِي إِلَى جَوْهَرَةٍ عَلَى غَيْرِ لَوْنِ صَاحِبَتِهَا ، فِي كُلِّ جَوْهَرَةٍ سُرَرٌ وَأَزْوَاجٌ وَيَصَائِفُ ، أَوْ قَالَ : وَوَصَائِفُ ، هَكَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ ، فَيَدْخُلُ ، فَإِذَا هُوَ بِحَوْرَاءَ عَيْنَاءَ ، عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةٌ ، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا ، كَبِدُهَا مِرْآتُهُ وَكَبِدُهُ مِرْآتُهَا ، إِذَا أَعْرَضَ عَنْهَا إِعْرَاضَةً ، ازْدَادَتْ فِي عَيْنِهِ سَبْعِينَ ضِعْفًا ، عَمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَعْرَضَتْ عَنْهُ إِعْرَاضَةً ، ازْدَادَ فِي عَيْنِهَا سَبْعِينَ ضِعْفًا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَتَقُولُ لَهُ : ازْدَدْتَ فِي عَيْنِي سَبْعِينَ ضِعْفًا ، وَيَقُولُ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ ، فَيُشْرِفُ عَلَى مُلْكِهِ مَدَّ بَصَرِهِ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَ ذَلِكَ : أَلا تَسْمَعُ يَا كَعْبُ إِلَى مَا يُحَدِّثُنَا بِهِ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ، عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَا لَهُ ، فَكَيْفَ بِأَعْلاهُمْ ؟ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْمَاءِ ، فَخَلَقَ لِنَفْسِهِ دَارًا بِيَدِهِ ، فَزَيَّنَهَا بِمَا شَاءَ ، وَجَعَلَ فِيهَا مَا شَاءَ مِنَ الثَّمَرَاتِ وَالشَّرَابِ ، ثُمَّ أَطْبَقَهَا فَلَمْ يَرَهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ مُنْذُ خَلَقَهَا ، جِبْرِيلُ وَلا غَيْرُهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ ، ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ سورة السجدة آية 17 ، وَخَلَقَ دُونَ ذَلِكَ جَنَّتَيْنِ ، فَزَيَّنَهُمَا بِمَا شَاءَ ، وَجَعَلَ فِيهِمَا مَا ذَكَرَ مِنَ الْحَرِيرِ ، وَالسُّنْدُسِ ، وَالإِسْتَبْرَقِ ، وَأَرَاهُمَا مَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ مِنَ الْمَلائِكَةِ ، فَمَنْ كَانَ كِتَابُهُ فِي عِلِّيِّينَ لَهُ تِلْكَ الدَّارُ ، فَإِذَا رَكِبَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ فِي مُلْكِهِ ، لَمْ يَبْقَ خَيْمَةٌ مِنْ خِيَامِ الْجَنَّةِ إِلا دَخَلَهَا مِنْ ضَوْءِ وَجْهِهِ ، حَتَّى إِنَّهُمْ لِيَسْتنْشِقُونَ رِيحَهُ ، يَقُولُونَ : وَاهًا لِهَذِهِ الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ ، وَيَقُولُونَ : لَقَدْ أَشْرَفَ عَلَيْنَا الْيَوْمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَيْحَكَ يَا كَعْبُ ! إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ قَدِ اسْتَرْخَتْ ، فَاقْبِضْهَا ، فَقَالَ كَعْبٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ لِجَهَنَّمَ زَفْرَةً ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ ، وَلا نَبِيٍّ ، إِلا يَخِرُّ لِرُكْبَتَيْهِ ، حَتَّى يَقُولَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ : رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي ، حَتَّى لَوْ كَانَ لَكَ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا إِلَى عَمَلِكَ ، لَظَنَنْتَ أَنْ لَنْ تَنْجُوَ مِنْهَا . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، ثنا زَائِدَةُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنِ الْمِنْهَالِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّكَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : إِذَا حُشِرَ النَّاسُ قَامُوا أَرْبَعِينَ عَامًا شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ ، لا يُكَلِّمُهُمْ بَشَرٌ ، الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِهِمْ ، حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ ، كُلُّ بَرٍّ مِنْهُمْ وَفَاجِرٍ ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلَيْسَ ذَلِكَ عَدْلا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ، وَصَوَّرَكُمْ ، وَرَزَقَكُمْ ، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ غَيْرَهُ ، أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ عَبْدٍ مِنْكُمْ مَا تَوَلَّى ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : بَلَى ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي غَسَّانَ ، وَلَمْ يَسْتَوْعِبِ الْحَدِيثَ اسْتِيعَابَهُ ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرَّهَاوِيُّ ، قَالَ : وَثَبَّتَنِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي أَبَاهُ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : " إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، قَالَ : وَيَأْتِي اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ ثُمَّ يُنَادِيهِمْ ، فَيَقُولُ : أَلَمْ أُحْسِنْ إِلَيْكُمْ ، وَأَرْزُقْكُمْ ، وَأُنْعِمْ عَلَيْكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : بَلَى رَبَّنَا ! فَيَقُولُ : أَلَيْسَ ذَلِكَ عَدْلٌ أَنْ أُوَلِّيَ كُلَّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : بَلَى رَبَّنَا ، فَيُرْفَعُ لَهُمْ شَيْطَانٌ فِي تِمْثَالِ عِيسَى ، وَيُرْفَعُ لَهُمْ شَيْطَانٌ فِي تِمْثَالِ عُزَيْرٍ ، وَيُرْفَعُ لَهُمْ تِمْثَالُ كُلِّ صَنَمٍ ، وَتِمْثَالُ كُلِّ وَثَنٍ ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ ، الشَّمْسَ ، وَحَتَّى يَتْبَعَ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَبْقَى أَنَا وَأَمَتِي ، فَيُقَالُ : مَا لِهَؤُلاءِ لا يَتَحَرَّكُونَ ؟ فَيَقُولُ : رَبَّنَا ! نَادَى مُنَادٍ : أَنْ يَتْبَعَ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ، نَحْنُ كُنَّا نَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ ، لا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَكَانَ رَسُولُنَا قَدْ جَاءَنَا بِعَلامَةٍ : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ سورة القلم آية 42 ، قَالَ : فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ، وَنَخِرُّ لَهُ سُجَّدًا ، فَيَصِيرُ ظُهُورُ أَقْوَامٍ يَوْمَئِذٍ مِثْلَ صَيَاصِيِّ الْبَقَرِ ، فَلا يَسْتَطِيعُونَ سُجُودًا ، ثُمَّ يُؤْمَرُ مَنْ سَجَدَ ، فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ ، وَيُعْطَى نُورَهُ ، فَيُعْطَى الرَّجُلُ يَوْمَئِذٍ نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ ، حَتَّى يُعْطَى أَدْنَاهُمْ نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ ، فَيُطْفِئُ مَرَّةً ، وَيُضِئُ أُخْرَى ، فَيَمُرُّونَ بِجَهَنَّمَ عَلَيْهَا جِسْرٌ مِثْلُ حَدِّ السَّيْفِ دَحْضًا ، مَزَلَّةً ، فَيَمُرُّ بِهَا أَقْوَامٌ مِثْلُ الْبَرْقِ ، وَآخَرُونَ مِثْلُ الرِّيحِ ، وَآخَرُونَ ، حَتَّى يَجِيءَ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ ، فَيَمُرُّ عَلَى الْجِسْرِ ، يَحْبُو حَبْوًا ، تَزِلُ رِجْلٌ مَرَّةً ، وَتَثْبُتُ أُخْرَى ، وَتَزِلُّ يَدٌ مَرَّةً وَتَثْبُتُ أُخْرَى ، حَتَّى يَجُوزَ الْجِسْرَ ، فَيَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكَ ، لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ ، مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا ، إِذْ نَجَّانِي مِنْ جَهَنَّمَ ، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى غَدِيرٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ ، فَيَغْتَسِلُ ، فَيَصِيرُ لَوْنُهُ مِثْلُ أَلْوَانِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيَغْتَسِلُ فِيهِ فَيَصِيرُ رِيحُهُ مِثْلُ رَائِحَتِهِمْ ، ثُمَّ يَقُولُ : رَبِّ كَمَا نَجَّيْتَنِي مِنْ جَهَنَّمَ ، فَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ لَهُ : فَلَعَلَّكَ تَسْأَلُ سِوَى ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ : لا ، وَعِزَّتِكَ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي غَسَّانَ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.