حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي قَوْلِ الدُّهَيْقِينِ مَوْلَى امْرِئِ الْقَيْسِ : كَأَنَّ الصُّبِيرِيَّاتِ يَوْمَ لَقِينَنَا ظِبَاءٌ حَنَتْ أَعَنْاقَهَا لِلْمَكَانِسِ وَهُنَّ بَنَاتُ الْقَوْمِ إِنْ يَشْعُرُوا بِنَا يَكُنْ فِي ثِيَابِ الْقَوْمِ إِحْدَى الدَّهَارِسِ فَكَمْ قَدْ شَقَقْنَا مِنْ رِدَاءٍ مُنَيَّر وَمِنْ بُرْقُعٍ عَنْ طَفْلَةٍ غَيْرِ عَانِسِ إِذَا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بِالْبُرْدِ مِثْلُهُ دَوَاليكَ حَتَّى كُلُّنَا غَيْرُ لَابِسِ قَالَ يَعْقُوبُ : هَذَا مِثْلُ قَوْلِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ : كَأَنَّ ثِيَابِي نَازَعَتْ شَوْكَ عُرْفُطٍ تَرَى الثَّوْبَ لَمْ يُخْلِقْ وَقَدْ شُقَّ جَانِبُهْ قَالَ : هَذَا رَجُلٌ كَانَ يَتَغَزَّلُ وَيَتَحَدَّثُ إِلَى النِّسَاءِ ، فَيُشَقِّقْنَ ثَوْبَهُ ، وَهُوَ جَدِيدٌ . وَقَالَ غَيْرُهُ : كُنَّ يَصْنَعْنَ يَتَفَأَلَنَّ فِيهِ دَوَامَ الْعَهْدِ ، وَبَقَاءَ الْمَوَدَةِ . وَالذَّرُورُ : مَا شَيَّعْتَ بِهِ النَّارَ مِنْ فُتَاتِ الْحَطَبِ ، وَدِقَاقِ الْعِيدَانِ . وَقَوْلُهُ : لَا سِرَّ رَحِيلٍ مَعَ الرُّغَاءِ ، فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ : مَا اسْتَسَرَّ مَنْ قَادَ الْجَمَلَ ، أَيْ أَنَّهُ عَظِيمٌ لَا يَخْفَى شَخْصُهُ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَفْضَحُهُ بِرُغَائِهِ ، قَالَ القُلَاخُ : أَنَا القُلَاخُ بْنُ جَنَابِ بِنِ جَلَا أَخُو خَنَاثِيرَ أَقُودُ الْجَمَلَا أَيْ ، لَا أَتَقَنَّعُ مِنْ خِزْيَةٍ ، وَلَا أَسْتَتِرُ مِنْ مَخَافَةٍ . وَالْهَجْهَجَةُ : زَجْرُ السَّبُعُ وَالصِّيَاحُ بِهِ ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا صَاحَ بِالسَّبُعِ لِيَكُفَّهُ : نَهْنَهَ بِالسَّبُعِ ، وَقَدْ هَرَجَ بِهِ ، وَقَدْ جَهْجَهَ بِهِ ، كُلُّ ذَلِكَ يُقَالُ : قَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ أَسَدًا : أَوْذِي ذَوَائِدَ لَا يُطَافُ بِأَرْضِهِ يَغْشَى الْمُهَجْهِجَ كَالذَّنُوبِ الْمُرْسَلِ وَقَالَ الرَّاعِي : وَلَكِنَّمَا أَجْدَى وَأَمْتَعَ جَدُّهُ بِفِرْقٍ يُخَشِّيهِ بِهَجْهَجَ نَاعِقُهْ وَالْفِرْقُ : الْقَطِيعُ مِنَ الْغَنَمِ ، وَيُقَالُ : أَفْرَطَ الْحَوْضَ ، أَوِ الْإِنَاءَ إِذَا مَلَأَهُ حَتَّى فَاضَ . وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ " لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَفَضَّ فِيهِمُ الْعَطَاءَ " . قَالَ أَبُو زَيْدٍ فِي الْعَطَاءِ : إِنَّمَا يُقَالُ : أَفَضَّ الرَّجُلُ الْعَطَاءَ إِفْضَاضًا إِذَا أَجْزَلَ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ : فَضَضْتَ مِنْ قَوْلِكَ فَضَضْتَ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ، إِذَا قَطَعْتَهُ ، وَأَنْشَدَ أَبُو الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى ، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ : فَمَا فَضَّنَا مِنْ صَائِعٍ بَعْدَ عَهْدِكُمْ فَتَطَمْعُ فِينَا زَاهِرٌ وَالْأَصَارِمُ الْمَفْضُوضُ : الْمَكْسُورُ بَعْدُ أَنْ كَانَ صَحِيحًا . وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَنَّهُ قَالَ : " يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِنِّي لَسْتُ أُحِبُّ لَكُمْ خُلُقًا كَخُلُقِ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، يَعِيبُونَ الْبَيْتَ ، وَهُمْ فِيهِ ، كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ شَيَّعَتْهُ نَفْسُهُ ، فَاقْبَلُونَا بِمَا فِينَا ، فَإِنَّ مَا وَرَاءَنَا شَرٌّ لَكُمْ ، وَالْوَسَقُ خَيْرٌ مِنَ الْعَنَقِ ، وَلَا مُقَامَ عَلَى الرَّذِيَّةِ " . الْوَسَقُ : ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ ، وَالرَّذِيُّ : الْهَزِيلُ مِنَ الْإِبِلِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ بَرَاحًا ، وَالْأُنْثَى : رَذِيَّةٌ ، وَالْفِعْلُ : رَذِي يَرْذَى رَذَاوَةً ، وَيُقَالُ : أَرْذَيْتَهُ . وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسْدِيُّ ، قَالَ : أَنْشَدَنِي مُضْرُ ، قَالَ : أَنْشَدَنِي ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ لِأَعْرَابِيٍّ نَظَرَ إِلَى إِبِلٍ لَهُ بَاعَهَا تَحْمِلُ الطِّينَ : إِلَى اللَّهِ أَشْكُو هَجْمَةً عَرَبيَّةً أَضَرَّ بِهَا مَرُّ السِّنِينَ الْغَوَابِرِ فَأَضْحَتْ رَذِايَّا تَحْمِلُ الطِّينَ بَعْدَمَا تَكُونُ غِيَاثَ الْمُسْنَتِينَ الْمَفَاقِرِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ قَوْلَ ذَكْوَانَ : فَلَوْ شَهِدَتْنِي مِنْ قُرَيْشٍ عِصَابَةٌ قُرَيْشِ الْبِطَاحِ لَا قُريْشَ الظَّاهِرِ تَطَالَلْتُ لِلضَّحَّاكِ حَتَّى رَدَدْتُهُ إِلَى حَسَبٍ فِي قَوْمِهِ مُتَقَاصِرِ وَلَكِنَّهُمْ غَابُوا وَأَصْبَحْتَ شَاهِدًا فَقُبِّحْتَ مِنْ مَوْلَى حِفَاظٍ وَنَاصِرِ فَقَالَ مُعَاوَيَةَ : أَنَا ابْنُ سِدَادِ الْبَطْحَاءِ ، إِيَّايَ واللَّهِ دَعَا ، اكْتُبُوا إِلَى الضَّحَّاكِ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهِ . وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ الْعَابِدِيُّ ، عَنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ مُعَاوَيَةَ " مَا لَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ ؟ وَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ مِنْهَا خَائِفًا حَتَّى كَانَ هُوَ الَّذِي جَهَرَهَا " . قُرَيْشُ الْبِطَاحِ : قَبَائِلُ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَبَعْضُ بَنِي عَامِرِ لُؤَيٍّ : بَنُو مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ ، وَالظَّوَاهِرُ : مُحَارِبٌ وَالْحَارِثٌ ابْنَا فِهْرٍ ، وَبَنُو تَيْمٍ الْأَدْرَمِ ، وَعَامَّةُ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ . وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ ، عَنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : نَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَثْرَمُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ ، قَالَ : قُرَيْشُ الظَّوَاهِرِ ، مُحَارِبٌ وَالْحَارِثٌ ابْنَا فِهْرٍ ، وَجِيرَانُهُمْ عَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ ، وَبَنُو تَيْمٍ الْأَدْرَمِ بْنِ غَالِبِ ، وَكَانُوا يُغِيرُونَ عَلَى كِنَانَةَ . قَالَ الزُّبَيْرُ : وَكَانَ أَهْلُ الظَّوَاهِرِ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَفْخَرُونَ عَلَى أَهْلِ الْحَرَمِ بِظُهُورُهُمْ لِلْعَدُوِّ ، وَإِصْحَارُهُمْ لِلْمَنَاسِرِ . قَالَ الزُّبَيْرُ فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : أَنْشَدْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ الْمَأْمُونَ أَبْيَاتَ ضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ : وَنَحْنُ بَنُو الْحَرْبِ الْعَوَانِ نَشُبُّهَا وَبِالْحَرْبِ سُمِّينَا فَنَحْنُ مُحَارِبُ فَذَلِكَ أَفْنَانَا وَأَبْقَى قَبَائِلًا سِوَانَا تَوَقِّيهِمْ قِرَاعَ الْكَتَائِبِ قَالَ : مَنِ الْقَبَائِلِ الَّتِي يَعْنِي ؟ قَالَ : أَنْتُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَنُو كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ؛ لِلُزُومِكُمُ الْحَرَمَ ، وَخُرُوجِهِمْ مِنْهُ ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تنفسُ قُرَيْشًا ، وَتُعَيِّرُ أَهْلَ الْحَرَمِ مِنْهَا الْمُقَامَ بِالْحَرَمِ ، وَأَسْمَوْهُمُ الضَّبَّ ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ : شَدُّوا مَا عَلَى الضَّبِّ فَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدْ قَالَ الزُّبَيْرُ ، قَالَ ُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : كَانَتْ قُرَيْشُ الظَّوَاهِرِ يَدَيْنِ : فَبَنُو عَامِرٍ يَدٌ ، وَهُمْ يُدْعَوْنَ الْبُسْلَ ، وَسَائِرُ قُرَيْشِ الظَّوَاهِرِ ، وَهُمْ يُدْعَوْنَ الْيَسَرَ ، فَإِنْ دَهَمَهُمْ غَيْرُهُمُ اجْتَمَعُوا ، فَصَارُوا يَدًا وَاحِدَةً ، قَالَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوَيَةَ فِي تَفْضِيلِهِمْ : إِنَّهَا بَيْنَ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ حِينَ تُدْعَى وَبَيْنَ عَبْدِ مَنَافِ وَلَهَا فِي الْمُطَيَّبِينَ جُدُودٌ ثُمَّ نَالَتْ ذَوَائِبَ الْأَحْلَافِ يَسَرِيُّونَ فِي الذُّؤَابَةِ حَلُّوًا حَيْثُ حَلَّتْ ذَوَّائِبُ الْأَشْرَافِ وَإِنَّمَا سُمُّوا يَسَرًا مِنْ أَيْسَارِ الْجَزُورِ ، وَالْبُسْلُ : الْحَرَامُ ، قَالَ الْأَعْشَى : أَجَارَتْكُمْ بُسْلٌ عَلَيْنَا مُحَرَّمٌ وَجَارَتُنَا حِلٌ لَكُمْ وَحَلِيلُهَا وَقَوْلُهُ " حَتَّى كَانَ هُوَ الَّذِي جَهَرَهَا " ، أَيْ : كَشَفَهَا وَاسْتَثَارَهَا ، تَقُولُ : جَهَرْتُ الْمَاءَ إِذَا كَانَ سُدُمًا ، فَاسْتَقَيْتُ مِنْهُ حَتَّى يَطِيبَ . حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى ، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ ، وَأَنْشَدَ : إِذَا وَرَدْنَا آجنًا جَهَرْنَاهْ أَوْ خَالِيًا مِنْ أَهْلِهِ عَمَرْنَاهْ وَأَنْشَدَ : يَارُبَّ مَاءٍ قَدْ وَرَدْتُ مَجْهُورْ يُنْبِطُهُ الذِّئْبُ بِحَدِّ الْأُظْفُورْ يَقُولُ : إِنَّهُ سُدُمٌ غَطَاهُ أَدْنَى شَيْءٍ . وَيُرْوَى عَنْ مُعَاوَيَةَ ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ يَزِيدَ : يَا بُنَيَّ ، إِنْ وُلِّيتَ هَذَا الْأَمْرَ فَسَدَادًا ، فَإِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ جَهَرَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى تَرَكَهُ كَالْفَلَكَةِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |