باب بعث خالد بن الوليد الى اكيدر دومة


تفسير

رقم الحديث : 4456

وَقَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، فَصَامَ ، وَصَامَ النَّاسُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ أَفْطَرَ ، فَنَزَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ ظَهْرَانَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ النَّاسِ ، فِيهِمْ أَلْفٌ مِنْ مُزَيْنَةَ ، وَسَبْعُ مِائَةٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، وَقَدْ عَمِيَتِ الْأَخْبَارُ عَلَى قُرَيْشٍ ، فَلَا يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَدْرُونَ مَا هُوَ فَاعِلُهُ ، وَقَدْ خَرَجَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ ، يَتَحَسَّسُونَ الْأَخْبَارَ , قَالَ الْعَبَّاسُ : فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ نَزَلَ ، قُلْتُ : وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ ، وَاللَّهِ لَئِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَنْوَةً ، لَيَكُونَنَّ هَلَاكُهُمْ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ ، فَرَكِبْتُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْضَاءَ ، حَتَّى جِئْتُ الْأَرَاكَ ، رَجَاءَ أَنْ أَلْتَمِسَ بَعْضَ الْحَطَّابَةِ , أَوْ صَاحِبَ لَبَنٍ ، أَوْ ذَا حَاجَةٍ ، يَأْتِي مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَخْرُجُوا إِلَيْهِ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسِيرُ أَلْتَمِسُ مَا جِئْتُ لَهُ ، إِذْ سَمِعْتُ كَلَامَ أَبِي سُفْيَانَ ، وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ ، وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَاللَّيْلَةِ نِيرَانًا ، وَلَا عَسْكَرًا ، فَقَالَ بُدَيْلٌ : هَذِهِ وَاللَّهِ خُزَاعَةُ , قَدْ خَمَشَهَا الْحَرْبُ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : خُزَاعَةُ وَاللَّهِ أَقَلُّ وَأَذَلُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ نِيرَانُهَا ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا حَنْظَلَةَ ! فَعَرَفَ صَوْتِي ، فَقَالَ : أَبُو الْفَضْلِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : مَا لَكَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ؟ فَقُلْتُ : هَذَا وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ ، وَإِصْبَاحُ قُرَيْشٍ ، قَالَ : فَمَا الْحِيلَةُ ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، قَالَ : قُلْتُ : وَاللَّهِ لَئِنْ ظَفِرَ بِكَ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ ، فَارْكَبْ عَجُزَ هَذِهِ الْبَغْلَةَ ، فَرَكِبَ وَرَجَعَ صَاحِبَاهُ ، فَخَرَجْتُ بِهِ ، فَكُلَّمَا مَرَرْتُ بِنَارٍ مِنْ نِيرَانِ الْمُسْلِمِينِ ، فَقَالُوا : مَا هَذِهِ ؟ فَإِذَا رَأَوْا بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَمُّهُ ، قَالُوا : هَذِهِ بَغْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَمُّهُ ، حَتَّى مَرَرْتُ بِنَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ وَقَامَ إِلَيَّ ، فَلَمَّا رَآهُ عَلَى عَجُزِ الْبَغْلَةِ عَرَفَهُ , فَقَالَ : وَاللَّهِ عَدُوُّ اللَّهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمْكَنَ مِنْكَ ، فَخَرَجَ يَشْتَدُّ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَدَفَعْتُ الْبَغْلَةَ ، فَسَبَقْتُهُ ، بِقَدْرِ مَا تَسْبِقُ الدَّابَّةُ الْبَطِيئَةُ الرَّجُلَ الْبَطِيءَ ، فَاقْتَحَمْتُ عَنِ الْبَغْلَةِ ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَدَخَلَ عُمَرُ ، فَقَالَ : هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو سُفْيَانَ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ ، فِي غَيْرِ عَقدٍ وَلَا عَهدٍ ، فَدَعْنِي أَضْرِبَ عُنُقَهُ , فَقُلْتُ : قَدْ أَجَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَا يُنَاجِيهُ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ دُونِي ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عُمَرُ ، قُلْتُ : مَهْلًا يَا عُمَرُ ، فَوَاللَّهِ لَوْ كَانَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ مَا قُلْتَ هَذَا ، وَلَكِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَقَالَ : مَهْلًا يَا عَبَّاسُ ، لَا تَقُلْ هَذَا ، فَوَاللَّهِ لَإِسَلَامُكَ حِينَ أَسْلَمْتَ ، كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلَامِ أبي الْخَطَّابِ أَبِي لَوْ أَسْلَمَ ، وَذَلِكَ أَنِّي عَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَكَ أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِسْلَامِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَبَّاسُ ! اذْهَبْ بِهِ إِلَى رَحْلِكَ ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَأْتِنَا بِهِ " فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى الرَّحْلِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ بِهِ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يَا أَبَا سُفْيَانَ ! أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؟ " فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي مَا أَحْلَمَكَ ، وَمَا أَكْرَمَكَ , وَأَوْصَلَكَ ، وَأَعْظَمَ عَفْوَكَ , لَقَدْ كَادَ أَنْ يَقَعَ فِي نَفْسِي ، أَنْ لَوْ كَانَ إِلَهٌ غَيْرَهُ لَقَدْ أَغْنَى شَيْئًا بَعْدُ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ " فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي ، مَا أَحْلَمَكَ ، وَأَكْرَمَكَ ، وَأَوْصَلَكَ ، وَأَعْظَمَ عَفْوَكَ ، أَمَّا هَذِهِ فَإِنَّ فِي النَّفْسِ مِنْهَا حَتَّى الْآنَ شَيْءٌ قَالَ الْعَبَّاسُ : فَقُلْتُ : وَيْلَكَ ، أَسْلِمْ ، وَاشْهَدْ ، أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُكَ ، فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , قَالَ الْعَبَّاسُ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ الْفَخْرَ ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ " فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى مَكَّةَ ، يُخْبِرُهُمْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْبِسْهُ بِمَضِيقٍ مِنَ الْوَادِي ، عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ ، حَتَّى تَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللَّهِ " ، فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ حَيْثُ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّتِ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا ، فَكُلَّمَا مَرَّتْ رَايَةٌ ، قَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ فَأَقُولُ : بَنُو سُلَيْمٍ , فَيَقُولُ : مَا لِي وَلِبَنِي سُلَيْمٍ , ثُمَّ تَمُرُّ أُخْرَى ، فَيَقُولُ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَأَقُولُ : مُزَيْنَةُ ، فَيَقُولُ : مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ كَتِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَضْرَاءُ ، فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، لَا يُرَى مِنْهُمْ إِلَّا الْحَدَقُ ، قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : مَا لِأَحَدٍ بِهَؤُلَاءِ قِبَلٌ ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ الْيَوْمَ لَعَظِيمٌ , فَقُلْتُ : وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ! إِنَّهَا النُّبُوَّةُ ، قَالَ : فَنَعَمْ إِذًا . قُلْتُ : النَّجَاءُ إِلَى قَوْمِكَ ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهُمْ بِمَكَّةَ ، فَجَعَلَ يَصِيحُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ! هَذَا مُحَمَّدٌ ، قَدْ أَتَاكُمْ بِمَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ ، فَقَامَتِ امْرَأَتُهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ ، فَأَخَذَتْ بِشَارِبِهِ ، فَقَالَتِ : اقْتُلُوا الْحَمِيتَ الدَّسِمَ حَمِسَ الْبَعِيرُ مِنْ طَلِيعَةِ قَوْمٍ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : لَا تَغُرَّنَّكُمُ هَذِهِ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ , فَقَالُوا : قَاتَلَكَ اللَّهُ ، وَمَا يُغْنِي عَنَّا دَارُكَ ؟ قَالَ : وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ " . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، وَرَوَى مَعْمَرٌ ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ ، وَمَالِكٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، طَرَفًا مِنْهُ فِي قِصَّةِ الصَّوْمِ ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا ، وَرَوَى أَحْمَدُ طَرَفًا مِنْهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ طَرَفًا مِنْهُ , مِنْ قِصَّةِ أَبِي سُفْيَانَ مُخْتَصَرًا جِدًّا ، وَلَمْ يَسُقْهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ ، وَأَحْمَدُ بِتَمَامِهِ وَرَوَاهُ الذُّهْلِيُّ بِتَمَامِهِ فِي الزُّهْرِيَّاتِ ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحُ ابْنِ إِسْحَاقَ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ ، وَالسِّيَاقُ الَّذِي هُنَا حَسَنٌ جِدًّا .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ

ثقة فقيه ثبت

الزُّهْرِيُّ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ

صدوق مدلس

أَبِي

ثقة

وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ

ثقة

إِسْحَاقُ

ثقة حافظ إمام

Whoops, looks like something went wrong.