حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ أَبِي بِشْرٍ ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، ثنا حَيَّانُ بْنُ الْبَصْرِيِّ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نُوحٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَقْبَلَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَقَالَ : " يَا أُسَامَةُ ، إِيَّاكَ وَكُلُّ كَبِدٍ جَائِعَةٍ تُخَاصِمُكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَإِيَّاكَ وَدُعَاءَ عِبَادٍ قَدْ أَذَابُوا اللُّحُومَ ، وَحَرَقُوا الْجُلُودَ بِالرِّيَاحِ وَالسَّمَائِمِ ، وَأَظْمَأُوا الْأَكْبَادَ ، حَتَّى غُشِيَتْ أَبْصَارُهُمْ ، فَإِنْ شِئْتَ فَانْظُرْ إِلَيْهِمْ فَتُسَرُّ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ ، بِهِمْ تُصْرَفُ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ " ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى اشْتَدَّ نَحِيبُهُ ، ثُمَّ قَالَ : " وَيْحٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ ، مَا تَلْقَى مِنْهُمْ مِنْ أَطَاعَ رَبَّهُ ، كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ وَيُكَذِّبُونَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أَطَاعُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " ؟ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْإِسْلَامِ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ " ، قَالَ : فَفِيمَ إِذًا يَقْتَتِلُونَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عُمَرُ ، تَرَكَ الْقَوْمُ الطَّرِيقَ ، وَرَكِبُوا الدَّوَابَّ ، وَلَبِسُوا أَلْيَنَ الثِّيَابِ ، وَخَدَمَتْهُمْ أَبْنَاءُ فَارِسَ ، تَتَزَيَّنُ لَهُمْ تَزَيُّنَ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا ، فَإِذَا تَكَلَّمَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمُ الْعَبَاءُ مَحْنِيَّةٌ أَصْلَابُهُمْ ، قَدْ ذَبَحُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْعَطَشِ ، فَإِذَا تَكَلَّمَ مِنْهُمْ مُتَكَلِّمٌ كُذِّبَ ، وَقِيلَ لَهُ : أَنْتَ قَرِينُ الشَّيْطَانِ وَرَأْسُ الضَّلَالَةِ ، تُحَرِّمُ زِينَةَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِ دِينٍ ، اسْتَذَلُّوا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ ، وَاعْلَمْ يَا أُسَامَةُ ، أَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمَنْ طَالَ حُزْنُهُ ، وَعَطَشُهُ ، وَجُوعُهُ فِي الدُّنْيَا ، الْأصفِيَاءُ الْأَبْرَارُ ، الَّذِينَ إِذَا شَهِدُوا لَمْ يُقْرَبُوا ، وَإِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، تَعْرِفُهُمْ بِقَاعُ الْأَرْضِ ، يُعْرَفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ ، وَيَخْفَوْنَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَتَحِفُّ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ ، يَنَعَّمَ النَّاسُ ، وَتَنَعَّمُوا هُمُ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ ، لَبِسَ النَّاسُ لَيِّنَ الثِّيَابِ ، وَلَبِسُوا هُمْ خَشِنَ الثِّيَابَ ، افْتَرَشَ النَّاسُ الْفُرُشَ ، وَافْتَرَشُوا هُمُ الْجِبَاهَ وَالرُّكَبَ ، ضَحِكَ النَّاسُ وَبَكَوْا ، يَا أُسَامَةُ ، لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمُ الشِّدَّةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، لَهُمُ الْجَنَّةُ ، يَا لَيْتَنِي قَدْ رَأَيْتُهُمْ يَا أُسَامَةُ ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْآخِرَةِ ، الْأَرْضُ بِهِمْ رَحِيمَةٌ ، وَالْجَبَّارُ عَنْهُمْ رَاضٍ ، ضَيَّعَ النَّاسُ فِعْلَ النَّبِيِّينَ وَأَخْلَاقَهُمْ وَحَفِظُوا هُمُ ، الرَّاغِبُ مَنْ رَغِبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي مِثْلِ رَغْبَتِهِمْ ، وَالْخَاسِرُ مَنْ خَالَفَهُمْ ، تَبْكِي الْأَرْضُ إِذَا فَقَدَتْهُمْ ، وَيَسْخَطُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ بَلْدَةٍ لَيْسَ فِيهَا مِثْلُهُمْ ، يَا أُسَامَةُ ، وإِذَا رَأَيْتَهُمْ فِي قَرْيَةٍ ، فَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَمَانٌ لِتِلْكَ الْقَرْيَةِ ، لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ تَعَالَى قَوْمًا هُمْ فِيهِمْ ، اتَّخِذْهُمْ لِنَفْسِكَ ، عَسَى أَنْ تَنْجُوَ بِهِمْ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَدَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ فَتَزِلَّ قَدَمُكَ ، فَتَهْوِي فِي النَّارِ ، حُرِمُوا حَلَالَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ ، طَلَبُوا الْفَضْلَ مِنَ الْآخِرَةِ ، وَتَرَكُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَنْ قُدْرَةٍ ، لَمْ يَتَكَلَّبُوا عَلَى الدُّنْيَا تَكَلُّبَ الْكِلَابِ عَلَى الْجِيَفِ ، شُغِلَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَشَغَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، لَبِسُوا الْخِرَقَ وَأَكَلُوا الْفِلَقَ ، تَرَاهُمْ شُعْثًا غُبْرًا ، يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ بِهِمْ دَاءً وَمَا ذَاكَ بِهِمْ ، وَيَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ عُقُولَهُمْ ذَهَبَتْ وَمَا ذَهَبَتْ ، وَلَكِنْ نَظَرُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مَنْ ذَهَبَ بِعُقُولِهِمْ عَنِ الدُّنْيَا ، فَهُمْ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا يَمْشُونَ بِلَا عُقُولٍ ، يَا أُسَامَةُ ، عَقَلُوا حِينَ ذَهَبَ عُقُولُ النَّاسِ ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْآخِرَةِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ | سعيد بن زيد القرشي | صحابي |
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ | محمد بن الحنفية الهاشمي / ولد في :8 / توفي في :73 | ثقة |
إِسْحَاقَ بْنِ نُوحٍ | إسحاق بن نوح الشامي | مجهول الحال |
حَيَّانُ بْنُ الْبَصْرِيِّ | حيان بن البصري | مجهول الحال |
الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ | الوليد بن عبد الرحمن العبدي / توفي في :202 | ثقة |
بِشْرُ بْنُ أَبِي بِشْرٍ | بشر بن أبي بشر البصري | مجهول الحال |