ما السؤدد فيكم قال اطعام الطعام ولين الكلام وبذل النوال وكف المرء نفسه عن السؤال قال...


تفسير

رقم الحديث : 123

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ الْمُشْرِفُ الْوَرَّاقُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْكَاتِبُ وَلَيْسَ بِالْجُمَحِيُّ ، قَالَ : كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ أَدِيبًا ، فَارِسًا ، شَدِيدًا فِي بَدَنِهِ ، رَاجِحًا فِي عَقْلِهِ ، فَاضِلًا فِي رَأْيِهِ ، كَامِلًا فِي أَدَبِهِ ، مَحْمُودًا فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ ، وَكَانَ أَبُوهُ بِهِ مُعْجَبًا ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ فِي يَوْمِ نَوْرُوزٍ بَغْتَةً لِيَنْظُرَ إِلَى حَالِهِ وَهَيْبَتِهِ فِي مثل ذَلِكَ الْيَوْمِ كَيْفَ هِيَ ، فَوَجَدَهُ وَحْدَهُ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ يُؤْنِسُهُ وَيَسْتَرِيحُ إِلَى مُجَالَسَتِهِ وَيَقْطَعُ بِهِ نَهَارَهُ ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْضَهُ مِنْهُ ، وَقَالَ لَهُ : يَا بُنَيَّ ، مَا لَكَ مُنْفَرِدًا مُعَطِّلًا لِلْمَقْدِرَةِ ، تَارِكًا لِابْتِذَالِ الْجِدَةِ ، مَعْفِيًّا عَلَى إِظْهَارِ النِّعْمَةِ ، وَذَاكَ لِأَنِّي لَا أَرَى أَنِيسًا عِنْدَكَ ، وَلَا مُلْهِيًّا بِقُرْبِكَ ، وَإِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَكُونَ قَدْ أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ جَلِيسًا أَدِيبًا ، عَالِمًا مَلْهِيًّا بِالأَخْبَارِ ، حَكِيمًا ، وَمُسَامِرًا ظَرِيفًا ، رَاوِيَةً لِلْأَشْعَارِ ، دَمِثًا حَصِيفًا وَمُنَدِّرًا ، طَيِّبًا بَرِيعًا ، وَمُلْهِيًّا غَرِدًا حَاذِقًا مُصِيبًا ، يَا بُنَيَّ ، أَوَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الطُّرَفِ وَالْأَدَبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ ، وَمُنَبِّهَةٌ لِلْعُقُولِ ، وَزِيَادَةٌ فِي الْمُرُوءَةِ ، وَتَشْحِيذٌ عَلَى طَلَبِ مَعَالِي الْأُمُورِ ، وَقَدْ قَالَ . . . : كَمْ مِنْ نَفْسٍ أَصِيلَةٍ أَخْمَلَهَا صَنَاعَةُ التَّأَدُّبِ ، وَكَمْ مِنْ نَفْسٍ وَضَيْعَةٍ قَدْ رَفَعَهَا الأَدَبُ . وَقَدْ قَالَ سَابِقُ الْبَرْبَرِيُّ : الْعِلْمُ وَالْحِلْمُ خِلَّتَانِ هُمَا لِلْخَلْقِ زَيْنٌ إِذَا هُمَا اجْتَمَعَا صِنْوَانَ لَا يَسْتَتِمُّ حُسْنُهُمَا إِلَّا بِجَمْعٍ لِذَا وَذَاكَ مَعًا كَمْ مِنَ وَضِيعٍ سَمَا بِهِ الْعِلْمُ والْحِلْمُ فَنَالَ الْعُلُوَّ وَارْتَفَعَا وَمِنْ رَفِيعِ الْبِنَا أَضَاعَهُمَا أَخْمَلَهُ مَا أَضَاعَ فَاتَّضَعَا يَا بُنَيَّ ، إِنَّ الأَدَبَ أَخَفُّ مَحْمَلًا مِنَ الْجَوْهَرِ الثَّمِينِ ، وَأَلَذُّ مِنَ السَّمَاعِ الْمُطْرِبِ ، وَأَنْفَعُ مِنَ الْمَالِ الطَّاهِرِ ، وَأَحْسَنُ مِنَ الرِّيَاشِ . . . . . ، وَأَنْجَى مِنَ الْجُيُوشِ فِي الشَّدَائِدِ ، وَأَزْيَنُ فِي الرَّخَاءِ مِنْ مَدْخُورِ الْعَلائِقِ ، وَأَجْوَدُ فِي الْمَحَافِلِ مِنْ نَفِيسِ الذَّخَائِرِ ، وَآنَسُ فِي الْوِحْدَةِ مِنَ الْقَرَائِنِ ، وَأَجْمَعُ فِي الْغُرْبَةِ مِنَ الْوَطَنِ ، يَا بُنَيَّ ، أَوَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَ الشَّاعِرُ : إِنَّمَا الْعِلْمُ . . . . . . كَنْزٌ فَاطْلُبَاهُ وَأَوْدِعَاهُ الْقُلُوبَا . . . اكْتَسَبَ النَّاسُ فَلَا تَعْدِلَنَّ بِهِ مَطْلُوبَا وَآدَابُ الدَّهْرِ فِيهِ مَا دُمْتَ خَبَايَا زِدِ . . . الْعِلْمَ . . . مَغْلُوبَا وَلَهُ الْفَضْلُ فِي السُّكُوتِ وَإِمَّا حَاوِلِ الْقَوْلَ قَالَ قَوْلًا عَجِيبَا يُخْرِسُ الْجَاهِلَ الْعَيِيَّ مِنَ الْقَوْمِ وَتَلْقَاهُ مُفْحَمًا مَكْرُوبَا قَائِلًا بِئْسَ مَا اكْتَسَبْتَ لِنَفْسٍ لَمْ أَنَلْهَا مِنَ الْعُلوِمِ قَضِيبَا وَتَعَلَّلْتَ بِالنَّقَاهَة قِدْمًا وَتَنَدَّمْتَ إِذْ رَأَيْتَ الْمَشِيبَا وَلَعَلَّ الْغِنَاءَ . . . مِنْ ذَا . . . فِي ضَرْعِهِ مَحْلُوبَا يَا بُنَيَّ ، أَوَ مَا عَلِمْتَ مَا قَالَ بَعْضُ حُكَمَاءِ الْعَرَبِ ، إِذْ يَقُولُ لابْنِهِ : يَا بُنَيَّ ، اطْلُبِ الْعِلْمَ ، وَاحْرِصْ عَلَى الْأَدَبِ ، فَإِنَّهُمَا زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ ، وَدَلِيلٌ عَلَى الْخَيْرِ ، وَعَوْنٌ عَلَى الْمُرُوءَةِ ، وَوَصْلَةٌ فِي الْمَجَالَسَةِ ، وَشَفِيعٌ أَمَامَ الْحَاجَةِ ، وَأَنَسٌ فِي الْوِحْدَةِ ، وَصَاحِبٌ فِي الْغُرْبَةِ ، وَوَسِيلَةٌ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْجِدَة ، وَسَبَبٌ إِلَى الدُّنُوِّ مِنْ أَهْلِ الشَّرَفِ وَالْمَقْدِرَةِ ، وَذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ : لَا تَيْأَسَنَّ مِنَ الطَّلَبْ لِجَمِيعِ أَصْنَافِ الأَدَبْ أَنِّي رَأَيْتَ أَخَا الأَدَبْ مُحْظَى بِهِ أَهْلُ الْحَسَبْ وَيَنَالُ جَاهًا عِنْدَهُمْ وَيَحُلُّ فِي أَعْلَى الرُّتَبْ وَأَخُو الْجَهَالَةِ يَجْتَوِي مِنْهُ الْحُضُورُ وَيُجْتَنَبْ وَهَلِ التَّحَاسُبُ بِمُسْتَوٍ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ وَالذَّهَبْ يَا بُنَيَّ ، أَوَ مَا تَعْلَمُ مَا يَشِينُ الْمَرْءَ وَيَنْقُصُهُ وَيُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ وَيَضَعُ مِنْ قَدْرِهِ وَيُخْمِلُ شَرَفَهُ : تَرْكُهُ طَلَبَ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ ، وَرَغْبَتُهُ عَنْهُمَا ، وَزُهْدُهُ فِيهِمَا ، وَقِلَّةُ مَعْرِفَتِهِ بِفَضْلِهِمَا ، وَجَهْلُهُ بِعَظِيمِ قَدْرِهِمَا ، وَقَدْ قَالَ : خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ لإِبْرَاهِيمَ الْمُجَاشِعِيُّ : مَا الْإِنْسَانُ لَوْلا الْأَدَبُ إِلَّا صُورَةٌ مُصَوَّرَةٌ ، وَنَهْمَةٌ مُهْمَلَةٌ ، وَلَقَدْ أَنْشَدَنِي أَبُو الْهُذَيْلِ الْبَصْرِيُّ الْعَلَّافُ فِي مثل ذَلِكَ : إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يُزَيِّنُهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَا دِينٍ قَوِيمٍ وَلَا أَدَبْ فَمَا هُوَ إِلَّا ذُو قَوَائِمَ أَرْبَعٍ وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَذَا حَسَبْ يَا بُنَيَّ ، وَقَدْ قَالَ الْفَيْلَسُوفُ : مَنْ جَهِلَ عَادَى مَنْ عَلِمَ ، وَتَعَلَّتْ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ ، وَخَفَّ شَكْلُهُ ، وَمَالَ إِلَى أَخْدَانِهِ ، وَأَحَبَّ أَضْرَابَهُ ، وَمَا رَأَيْتُ كَيْفَ يُعَلِّمُ الْعَالِمُ الْعَالِمَ ، وَيَأْنَسُ الْجَاهِلُ بِالْجَاهِلِ ، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ : لَنْ يَأْلَفَ الْمَرْءُ إِلَّا مَنْ يُشَاكِلُهُ وَإِنَّمَا النَّاسُ أَشْكَالٌ لِأَشْكَالِ وَقَالَ آخَرُ : هِيَ دُنْيَا تَصْفَى إِلَى الأَنْذَالِ كُلُّ مثل يُمَثَّلُ لِلْأَشْكَالِ وَقَالَ آخَرُ : وَقَائِلٍ كَيْفَ تَصَافَيْتُمَا فَقُلْتُ قَوْلًا فِيهِ إِنْصَافُ قَدْ كَانَ مِنْ شَكْلِي فَصَافَيْتُهُ وَالنَّاسُ أَشْكَالٌ وَأُلَّافُ .

الرواه :

الأسم الرتبة