ذكر امر قارون بن يصهر بن قاهث


تفسير

رقم الحديث : 354

مَا حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الآمُلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ إِذَا سَافَرَ أَوْ أَرَادَ سَفَرًا قَعَدَ عَلَى سَرِيرِهِ ، وَوُضِعَتِ الْكَرَاسِيُّ يَمِينًا وَشِمَالًا ، فَيَأْذَنُ لِلإِنْسِ ، ثُمَّ يَأْذَنُ لِلْجِنِّ عَلَيْهِ بَعْدَ الإِنْسِ ، فَيَكُونُونَ خَلْفَ الْإِنْسِ ، ثُمَّ يَأْذَنُ لِلشَّيَاطِينِ بَعْدَ الْجِنِّ فَيَكُونُونَ خَلْفَ الْجِنِّ ، ثُمَّ يُرْسِلُ إِلَى الطَّيْرِ فَتُظِلُّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ، ثُمَّ يُرْسِلُ إِلَى الرِّيحِ فَتَحْمِلُهُمْ وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ ، وَالنَّاسُ عَلَى الْكَرَاسِيِّ , فَتَسِيرُ بِهِمْ ، غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ سورة سبأ آية 12 ، رَخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ، لَيْسَ بِالْعَاصِفِ وَلا اللَّيِّنِ ، وَسَطًا بَيْنَ ذَلِكَ . فَبَيْنَمَا سُلَيْمَانُ يَسِيرُ ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ اخْتَارَ مِنْ كُلِّ طَيْرٍ طَيْرًا ، فَجَعَلَهُ رَأْسَ تِلْكَ الطَّيْرِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَائِلَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الطَّيْرِ عَنْ شَيْءٍ سَأَلَ رَأْسَهَا ، فَبَيْنَمَا سُلَيْمَانُ يَسِيرُ إِذْ نَزَلَ مَفَازَةً , فَسَأَلَ عَنْ بُعْدِ الْمَاءِ هَهُنَا ، فَقَالَ الْإِنْسُ : لَا نَدْرِي ، فَسَأَلَ الْجِنَّ ، فَقَالُوا : لَا نَدْرِي فَسَأَلَ الشَّيَاطِينَ ، فَقَالُوا : لا نَدْرِي ، فَغَضِبَ سُلَيْمَانُ ، فَقَالَ : لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ كَمْ بُعْدُ مَسَافَةِ الْمَاءِ هَهُنَا ، قَالَ : فَقَالَتْ لَهُ الشَّيَاطِينُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَا تَغْضَبْ ، فَإِنْ يَكُ شَيْئًا يُعْلَمُ فَالْهُدْهُدُ يَعْلَمُهُ ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيَّ بِالْهُدْهُدِ , فَلَمْ يُوجَدْ , فَغَضِبَ سُلَيْمَانُ ، فَقَالَ : مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ { 20 } لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ { 21 } سورة النمل آية 20-21 ، يَقُولُ : بِعُذْرٍ مُبِينٍ , لِمَ غَابَ عَنْ مَسِيرِي هَذَا ؟ وَكَانَ عِقَابُهُ لِلطَّيْرِ أَنْ يَنْتِفَ رِيشَهُ وَيُشَمِّسَهُ فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَطِيرَ ، وَيَكُونُ مِنْ هَوَامِ الْأَرْضِ إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ , أَوْ يَذْبَحَهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ عَذَابَهُ . قَالَ : وَمَرَّ الْهُدْهُدُ عَلَى قَصْرِ بِلْقِيسَ ، فَرَأَى بُسْتَانًا لَهَا خَلْفَ قَصْرِهَا ، فَمَالَ إِلَى الْخَضِرَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَإِذَا هُوَ بِهُدْهُدٍ لَهَا فِي الْبُسْتَانِ ، فَقَالَ هُدْهُدُ سُلَيْمَانَ : أَيْنَ أَنْتَ عَنْ سُلَيْمَانَ ؟ وَمَا تَصْنَعُ هَهُنَا ؟ قَالَ لَهُ هُدْهُدُ بِلْقِيسَ : وَمَنْ سُلَيْمَانُ ؟ فَقَالَ : بَعَثَ اللَّهُ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ سُلَيْمَانُ رَسُولًا ، وَسَخَّرَ لَهُ الرِّيحَ وَالْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَالطَّيْرَ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ هُدْهُدُ بِلْقِيسَ : أَيَّ شَيْءٍ تَقُولُ ؟ قَالَ : أَقُولُ لَكَ مَا تَسْمَعُ ، قَالَ : إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ ، وَأَعْجَبُ مِنْ ذَاكَ أَنَّ كَثْرَةَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ سورة النمل آية 23 ، جَعَلُوا الشُّكْرَ لِلَّهِ أَنْ يَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، قَالَ : وَذَكَرَ الْهُدْهُدُ سُلَيْمَانَ , فَنَهَضَ عَنْهُ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْعَسْكَرِ تَلَقَتْهُ الطَّيْرُ ، وَقَالُوا : تَوَعَّدَكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ ، قَالَ : وَكَانَ عَذَابُ سُلَيْمَانَ لِلطَّيْرِ أَنْ يَنْتِفَ رِيشَهُ وَيُشَمِّسَهُ فَلَا يَطِيرُ أَبَدًا ، فَيَصِيرُ مِنْ هَوَامِ الْأَرْضِ ، أَوْ يَذْبَحَهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ نَسْلٌ أَبَدًا ، قَالَ : فَقَالَ الْهُدْهُدُ : أَوَمَا اسْتَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالُوا : بَلْ قَالَ : أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِعُذْرٍ مُبِينٍ ، قَالَ : فَلَمَّا أَتَى سُلَيْمَانُ ، قَالَ : مَا غَيَّبَكَ عَنْ مَسِيرِي ؟ قَالَ : أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ سورة النمل آية 22 ، حَتَّى بَلَغَ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ سورة النمل آية 28 ، قَالَ : فَاعْتَلَّ لَهُ بِشَيْءٍ ، وَأَخْبَرَهُ عَنْ بِلْقِيسَ وَقَوْمِهَا مَا أَخْبَرَهُ الْهُدْهُدُ ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : قَدِ اعْتَلَلْتَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ { 27 } اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ سورة النمل آية 27-28 ، قَالَ : فَوَافَقَهَا وَهِيَ فِي قَصْرِهَا ، فَأَلْقَى إِلَيْهَا الْكِتَابَ , فَسَقَطَ فِي حِجْرِهَا أَنَّهُ كِتَابٌ كَرِيمٌ ، وَأَشْفَقَتْ مِنْهُ , فَأَخَذَتْهُ وَأَلْقَتْ عَلَيْهِ ثِيَابَهَا ، وَأَمَرَتْ بِسَرِيرِهَا فَأُخْرِجَ ، فَخَرَجَتْ فَقَعَدَتْ عَلَيْهِ ، وَنَادَتْ فِي قَوْمِهَا , فَقَالَتْ لَهُمْ : يَأَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ { 29 } إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ { 30 } أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ { 31 } سورة النمل آية 29-31 ، وَلَمْ أَكُنْ لِأَقْطَعَ أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونَ : قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ سورة النمل آية 33 إِلَى : وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ سورة النمل آية 35 ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَهَذَا مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا وَأَنَا أَعَزُّ مِنْهُ وَأَقْوَى , وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا فَهَذَا شَيْءٌ مِنَ اللَّهِ . فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ الْهَدِيَّةُ قَالَ لَهُمْ سُلَيْمَانُ : أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ إِلَى قَوْلِهِ : وَهُمْ صَاغِرُونَ سورة النمل آية 36 - 37 ، يَقُولُ : وَهُمْ غَيْرُ مَحْمُودِينَ ، قَالَ : بَعَثَتْ إِلَيْهِ بِخَرَزَةٍ غَيْرِ مَثْقُوبَةٍ ، فَقَالَتِ : اثْقُبْ هَذِهِ ، قَالَ : فَسَأَلَ سُلَيْمَانُ الْإِنْسَ , فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ عِلْمُ ذَاكَ ، ثُمَّ سَأَلَ الْجِنَّ , فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ عِلْمُ ذَاكَ ، قَالَ : فَسَأَلَ الشَّيَاطِينَ ، فَقَالُوا : تُرْسِلُ إِلَى الْأَرَضَةِ ، فَجَاءَتِ الْأَرَضَةُ , فَأَخَذَتْ شَعْرَةً فِي فِيهَا , فَدَخَلَتْ فِيهَا فَنَقَبَتْهَا بَعْدَ حِينٍ ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا رَسُولُهَا خَرَجَتْ فَزِعَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مِنْ قَوْمِهَا , وَتَبِعَهَا قَوْمُهَا . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : وَكَانَ مَعَهَا أَلْفُ قَيْلٍ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَهْلُ الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الْقَائِدَ : قَيْلًا ، مَعَ كُلِّ قَيْلٍ عَشَرَةُ آلافٍ . قَالَ العباس : قَالَ عَلِيٌّ : عَشَرَةُ آلافِ أَلْفٍ . قَالَ الْعَبَّاسُ : قَالَ عَلِيٌّ : فَأَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ ، قَالَ : فَأَقْبَلَتْ بِلْقِيسُ إِلَى سُلَيْمَانَ وَمَعَهَا ثَلاثُ مِائَةِ قَيْلٍ وَاثْنَا عَشَرَ قَيْلًا مَعَ كُلِّ قَيْلٍ عَشَرَةُ آلافٍ . قَالَ عَطَاءٌ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : وَكَانَ سُلَيْمَانُ رَجُلًا مَهِيبًا لا يَبْتَدِئُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ عَنْهُ ، فَخَرَجَ يَوْمَئِذٍ فَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ ، فَرَأَى رَهْجًا قَرِيبًا مِنْهُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : بِلْقِيسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : وَقَدْ نَزَلَتْ مِنَّا بِهَذَا الْمَكَانِ ، قَالَ مُجَاهِدٌ : فَوَصَفَ لَنَا ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَحَزَرْتُهُ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ قَدْرَ فَرْسَخٍ ، قَالَ : فَأَقْبَلَ عَلَى جُنُودِهِ ، فقال : أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ { 38 } قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ سورة النمل آية 38-39 الَّذِي أَنْتَ فِيهِ إِلَى الْحِينِ الَّذِي تَقُومُ إِلَى غَدَائِكَ . قَالَ : قَالَ سُلَيْمَانُ مَنْ يَأْتِينِي بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ : قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ سورة النمل آية 40 فَنَظَرَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ ، فَلَمَّا قَطَعَ كَلَامَهُ رَدَّ سُلَيْمَانُ بَصَرَهُ عَلَى الْعَرْشِ ، فَرَأَى سَرِيرَهَا قَدْ خَرَجَ وَنَبَعَ مِنْ تَحْتِ كُرْسِيِّهِ : فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ سورة النمل آية 40 إِذْ أَتَانِي بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيَّ طَرْفِي أَمْ أَكْفُرُ سورة النمل آية 40 إِذْ جَعَلَ مَنْ تَحْتَ يَدَيَّ أَقْدَرَ عَلَى الْمَجِيءِ بِهِ مِنِّي . قَالَ : فَوَضَعُوا لَهَا عَرْشَهَا ، قَالَ : فَلَمَّا جَاءَتْ قَعَدَتْ إِلَى سُلَيْمَانَ ، قِيلَ لَهَا : أَهَكَذَا عَرْشُكِ سورة النمل آية 42 ؟ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ ، فَقَالَتْ : كَأَنَّهُ هُوَ سورة النمل آية 42 ، ثُمَّ قَالَتْ : لَقَدْ تَرَكْتُهُ فِي حُصُونِي ، وَتَرَكْتُ الْجُنُودَ مُحِيطَةً بِهِ ، فَكَيْفَ جِيءَ بِهَذَا ؟ يَا سُلَيْمَانُ , إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ فَأَخْبِرْنِيهِ ، قَالَ : سَلِي ، قَالَتْ : أَخْبِرْنِي عَنْ مَاءٍ رَوَاءٍ ، لا مِنْ سَمَاءٍ وَلا مِنْ أَرْضٍ ، قَالَ : وَكَانَ إِذَا جَاءَ سُلَيْمَانَ شَيْءٌ لا يَعْلَمُهُ بَدَأَ فَسَأَلَ الْإِنْسَ عَنْهُ ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْإِنْسِ فِيهِ عِلْمٌ وَإِلَّا سَأَلَ الْجِنَّ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْجِنِّ عِلْمٌ بِهِ سَأَلَ الشَّيَاطِينَ ، قَالَ : فَقَالَتْ لَهُ الشَّيَاطِينُ : مَا أَهْوَنَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , مُرِ الْخَيْلَ فَلْتَجْرِ ، ثُمَّ تَمْلَأِ الآنِيَةَ مِنْ عَرَقِهَا ، فَقَالَ لَهَا سُلَيْمَانُ : عَرَقُ الْخَيْلِ ، قَالَتْ : صَدَقْتَ . قَالَتْ : أَخْبِرْنِي عَنْ لَوْنِ الرَّبِّ . قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَوَثَبَ سُلَيْمَانُ عَنْ سَرِيرِهِ فَخَرَّ سَاجِدًا ، قَالَ الْعَبَّاسُ : قَالَ عَلِيٌّ : فَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : صُعِقَ فَغُشِيَ عَلَيْهِ فَخَرَّ عَنْ سَرِيرِهِ . ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِهِ ، قَالَ : فَقَامَتْ عَنْهُ ، وَتَفَرَّقَتْ عَنْهُ جُنُودُهُ ، وَجَاءَهُ الرَّسُولُ ، فَقَالَ : يَا سُلَيْمَانُ ، يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ ، مَا شَأْنُكَ ؟ قَالَ : سَأَلْتِنِي عَنْ أَمْرٍ يُكَابِرُنِي أَوْ يُكَابِدُنِي أَنْ أُعِيدَهُ ، قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعُودَ إِلَى سَرِيرِكَ فَتَقْعُدَ عَلَيْهِ ، وَتُرْسِلَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَنْ حَضَرَهَا مِنْ جُنُودِهَا ، وَتُرْسِلَ إِلَى جَمِيعِ جُنُودِكَ الَّذِينَ حَضَرُوا فَيَدْخُلُوا عَلَيْكَ فَتَسْأَلَهَا وَتَسْأَلَهُمْ عَمَّا سَأَلَتْكَ عَنْهُ . قَالَ : فَفَعَلَ , فَلَمَّا حَضَرُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا ، قَالَ لَهَا : عَمَّ سَأَلْتِنِي ؟ قَالَتْ : سَأَلْتُكَ عَنْ مَاءٍ رَوَاءٍ ، لا مِنْ سَمَاءٍ وَلا مِنْ أَرْضٍ ، قَالَ : قُلْتُ لَكِ : عَرَقُ الْخَيْلِ ، قَالَتْ : صَدَقْتَ ، قَالَ : وَعَنْ أَيِّ شَيْءٍ سَأَلْتِنِي ؟ قَالَتْ : مَا سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ غَيْرَ هَذَا : قَالَ : قَالَ لَهَا سُلَيْمَانُ ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ خَرَرْتُ عَنْ سَرِيرِي ؟ قَالَتْ : قَدْ كَانَ ذَاكَ لِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ ، قَالَ الْعَبَّاسُ : قَالَ عَلِيٌّ : نُسِّيَتْهُ . قَالَ : فَسَأَلَ جُنُودَهَا ، فَقَالُوا مِثْلَ مَا قَالَتْ ، قَالَ : فَسَأَلَ جُنُودَهُ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالطَّيْرِ وَكُلِّ شَيْءٍ كَانَ حَضَرَهُ مِنْ جُنُودِهِ ، فَقَالُوا : مَا سَأَلَتْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا عَنْ مَاءٍ رَوَاءٍ ، قَالَ : وَقَدْ كَانَ قَالَ لَهُ الرَّسُولُ : يَقُولُ اللَّهُ لَكَ : عُدْ إِلَى مَكَانِكَ فَإِنِّي قَدْ كَفَيْتُكَهُمْ ، قَالَ : وَقَالَ سُلَيْمَانُ لِلشَّيَاطِينِ : ابْنُوا لِي صَرْحًا تَدْخُلُ عَلَيَّ فِيهِ بِلْقِيسُ ، قَالَ : فَرَجَعَ الشَّيَاطِينُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، فَقَالُوا : سُلَيْمَانُ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ مَا سَخَّرَ ، وَبِلْقِيسُ مَلِكَةُ سَبَأَ يَنْكِحُهَا فَتَلِدُ لَهُ غُلَامًا ، فَلا نَنْفَكُّ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ أَبَدًا . قَالَ : وَكَانَتِ امْرَأَةً شَعْرَاءَ السَّاقَيْنِ ، فَقَالَتِ الشَّيَاطِينُ : ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا لِيَرَى ذَلِكَ مِنْهَا ، فَلا يَتَزَوَّجُهَا ، فَبَنَوْا لَهُ صَرْحًا مِنْ قَوَارِيرَ أَخْضَرَ ، وَجَعَلُوا لَهُ طَوَابِيقَ مِنْ قَوَارِيرَ كَأَنَّهُ الْمَاءُ ، وَجَعَلُوا فِي بَاطِنِ الطَّوَابِيقِ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي الْبَحْرِ مِنَ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ ، ثُمَّ أَطْبَقُوهُ ، ثُمَّ قَالُوا لِسُلَيْمَانَ : ادْخُلِ الصَّرْحَ ، قَالَ : فَأُلْقِيَ لِسُلَيْمَانَ كُرْسِيٌّ فِي أَقْصَى الصَّرْحِ ، فَلَمَّا دَخَلَهُ وَرَأَى مَا رَأَى أَتَى الْكُرْسِيَّ ، فَقَعَدَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَدْخِلُوا عَلَيَّ بِلْقِيسَ ، فَقِيلَ لَهَا : ادْخُلِي الصَّرْحَ سورة النمل آية 44 فَلَمَّا ذَهَبَتْ تَدْخُلُهُ رَأَتْ صُورَةَ السَّمَكِ وَمَا يَكُونُ فِي الْمَاءِ مِنَ الدَّوَابِّ ، فَحَسِبَتْهُ لُجَّةً , حَسِبَتْهُ مَاءً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا سورة النمل آية 44 لِتَدْخُلَ ، وَكَانَ شَعْرُ سَاقَيْهَا مُلْتَوِيًا عَلَى سَاقَيْهَا فَلَمَّا رَآهَا سُلَيْمَانُ ، نَادَاهَا وَصَرَفَ بَصَرَهُ عَنْهَا : إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ سورة النمل آية 44 ، فَأَلْقَتْ ثَوْبَهَا ، فَقَالَتْ : رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ سورة النمل آية 44 ، قَالَ : فَدَعَا سُلَيْمَانُ الْإِنْسَ ، فَقَالَ : مَا أَقْبَحَ هَذَا ، مَا يُذْهِبُ هَذَا ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمُوسَى . قَالَ : الْمَوَاسِي تَقْطَعُ سَاقَيِ الْمَرْأَةِ ، قَالَ : ثُمَّ دَعَا الْجِنَّ فَسَأَلَهُمْ ، فَقَالُوا : لا نَدْرِي ، ثُمَّ دَعَا الشَّيَاطِينَ ، فَقَالَ : مَا يُذْهِبُ هَذَا ؟ قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ : الْمُوسَى ، فَقَالَ : إِنَّ الْمَوَاسِي تَقْطَعُ سَاقَيِ الْمَرْأَةِ . قَالَ فَتَلَكَّئُوا عَلَيْهِ ، ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ النُّورَةَ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ يَوْمٍ رُئِيَتْ فِيهِ النُّورَةُ ، فَاسْتَنْكَحَهَا سُلَيْمَانُ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.