حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ ، وَيَعْنِي ابْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ ، فِي قَوْلِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ ، وَيَعْنِي ابْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ ، فِي قَوْلِهِ " أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ سورة الكهف آية 9 كَانَتِ الْفِتْيَةُ عَلَى دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى الإِسْلَامِ ، وَكَانَ مَلِكُهُمْ كَافِرًا . وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَزْعُمُ أَنَّ أَمْرَهُمْ وَمَصِيرَهُمْ إِلَى الْكَهْفِ كَانَ قَبْلَ الْمَسِيحِ ، وَإِنَّ الْمَسِيحَ أَخْبَرَ قَوْمَهُ خَبَرَهُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ابْتَعَثَهُمْ مِنْ رَقْدَتِهِمْ بَعْدَ مَا رَفَعَ الْمَسِيحَ فِي الْفَتْرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيَّ ذَلِكَ كَانَ . فَأَمَّا الَّذِي عَلَيْهِ عُلَمَاءُ أَهْلِ الإِسْلَامِ , فَعَلَى أَنَّ أَمْرَهُمْ كَانَ بَعْدَ الْمَسِيحِ ، فَأَمَّا أَنَّهُ كَانَ فِي أَيَّامِ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ , فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لا يَدْفَعُهُ دَافِعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَخْبَارِ النَّاسِ الْقَدِيمَةِ . وَكَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ : دقْيَنُوسُ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ , فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ ، فَبَلَغَهُ عَنِ الْفِتْيَةِ خِلافُهُمْ إِيَّاهُ فِي دِينِهِ ، فَطَلَبَهُمْ , فَهَرَبُوا مِنْهُ بِدِينِهِمْ حَتَّى صَارُوا إِلَى جَبَلٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ , فِيمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : نيحلوس , وَكَانَ سَبَبُ إِيمَانِهِمْ وَخِلافِهِمْ بِهِ قَوْمَهُمْ ، فِيمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَدُوسٍ ، إِنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ ، يَقُولُ : جَاءَ حَوَارِيُّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إِلَى مَدِينَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ عَلَى بَابِهَا صَنَمًا ، لا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ إِلَّا سَجَدَ لَهُ ، فَكَرِهَ أَنْ يَدْخُلَهَا . فَأَتَى حَمَّامًا وَكَانَ فِيهِ قَرِيبًا مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ , فَكَانَ يَعْمَلُ فِيهِ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ , وَرَأَى صَاحِبُ الْحَمَّامِ فِي حَمَّامِهِ الْبَرَكَةَ , وَرَدَّ عَلَيْهِ الرِّزْقَ فَجَعَلَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ , وَجَعَلَ يَسْتَرْسِلُ إِلَيْهِ , وَعَلِقَهُ فِتْيَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ خَبَرَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَخَبَرَ الآخِرَةِ , حَتَّى آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ ، وَكَانُوا عَلَى مِثْلِ حَالِهِ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ , وَكَانَ يَشْرُطُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ أَنَّ اللَّيْلَ لِي لا تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّلاةِ إِذَا حَضَرَتْ فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ ، حَتَّى جَاءَ ابْنُ الْمَلِكِ بِامْرَأَةٍ فَدَخَلَ بِهَا الْحَمَّامَ فَعَيَّرَهُ الْحَوَارِيُّ ، فَقَالَ : أَنْتَ ابْنُ الْمَلَكِ وَتَدْخُلُ وَمَعَكَ هَذِهِ الْكَذَى ! فَاسْتَحْيَى فَذَهَبَ . فَرَجَعَ مَرَّةً أُخْرَى ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ , وَسَبَّهُ وَانْتَهَرَهُ وَلَمْ يَلْتَفِتْ ، حَتَّى دَخَلَ وَدَخَلَتْ مَعَهُ الْمَرْأَةُ فَمَاتَا فِي الْحَمَّامِ جَمِيعًا , فَأُتِيَ الْمَلِكُ , فَقِيلَ لَهُ : قَتَلَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ ابْنَكَ , فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ , فَهَرَبَ . قَالَ : مَنْ كَانَ يَصْحَبُهُ ؟ فَسَمُّوا الْفِتْيَةَ , فَالْتُمِسُوا , فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ فَمَرُّوا بِصَاحِبٍ لَهُمْ فِي زَرْعٍ لَهُ ، وَهُوَ عَلَى مِثْلِ أَمْرِهِمْ ، فَذَكَرُوا أَنَّهُمُ الْتُمِسُوا , وَانْطَلَقَ مَعَهُمْ وَمَعَهُ الْكَلْبُ حَتَّى آوَاهُمُ اللَّيْلُ إِلَى الْكَهْفِ فَدَخَلُوهُ ، فَقَالُوا : نَبِيتُ هَهُنَا اللَّيْلَةَ ، ثُمَّ نُصْبِحُ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ , فَتَرَوْنَ رَأْيَكُمْ ، فَضُرِبَ عَلى آذَانِهِمْ . فَخَرَجَ الْمَلِكُ فِي أَصْحَابِهِ يَتْبَعُونَهُمْ , حَتَّى وَجَدُوهُمْ قَدْ دَخَلُوا الْكَهْفَ . فَكُلَّمَا أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَدْخُلَ أُرْعِبَ فَلَمْ يُطِقْ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ . فَقَالَ قَائِلٌ : أَلَيْسَ لَوْ كُنْتَ قَدَرْتَ عَلَيْهِمْ قَتَلْتَهُمْ ؟ قَالَ بَلَى ! قَالَ : فَابْنِ عَلَيْهِمْ بَابَ الْكَهْفِ ، فَدَعْهُمْ فِيهِ يَمُوتُونَ عَطَشًا وَجُوعًا , فَفَعَلَ , فَغَبَرُوا بَعْدَ مَا بُنِيَ عَلَيْهِمْ بَابُ الْكَهْفِ زَمَانًا بَعْدَ زَمَانٍ , ثُمَّ إِنَّ رَاعِيًا أَدْرَكَهُ الْمَطَرُ عِنْدَ الْكَهْفِ ، فَقَالَ : لَوْ فَتَحْتُ هَذَا الْكَهْفَ فَأَدْخَلْتُهُ غَنَمِي مِنَ الْمَطَرِ ، فَلَمْ يَزَلْ يُعَالِجُهُ حَتَّى فَتَحَ مَا أَدْخَلَ فِيهِ ، وَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِمْ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ مِنَ الْغَدِ ، حِينَ أَصْبَحُوا . فَبَعَثُوا أَحَدَهُمْ بِوَرِقٍ يَشْتَرِي لَهُمْ طَعَامًا ، فَكُلَّمَا أَتَى بَابَ مَدِينَتِهِمْ رَأَى شَيْئًا يُنْكِرُهُ , حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ , فَقَالَ : بِعْنِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ طَعَامًا . قَالَ : وَمِنْ أَيْنَ لَكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ ؟ قَالَ : خَرَجْتُ وَأَصْحَابٌ لِي أَمْسِ , فَآوَانَا اللَّيْلُ حَتَّى أَصْبَحُوا فَأَرْسَلُونِي . فَقَالَ : هَذِهِ الدَّرَاهِمُ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ الْمَلِكِ فُلَانٍ ! فَأَنَّى لَكَ بِهَا ؟ فَرَفَعَهُ إِلَى الْمَلِكِ , وَكَانَ مَلِكًا صَالِحًا . فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذِهِ الْوَرِقُ ؟ قَالَ : خَرَجْتُ أَنَا وَأَصْحَابٌ لِي أَمْسِ حَتَّى أَدْرَكَنَا اللَّيْلُ فِي كَهْفِ كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ أَمَرُونِي أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُمْ طَعَامًا . قَالَ : وَأَيْنَ أَصْحَابُكَ ؟ قَالَ : فِي الْكَهْفِ . قَالَ : فَانْطَلَقُوا مَعَهُ حَتَّى أَتَوْا بَابَ الْكَهْفِ . فَقَالَ : دَعُونِي أَدْخُلُ إِلَى أَصْحَابِي قَبْلَكُمْ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ وَدَنَا مِنْهُمْ ضُرِبَ عَلَى أُذُنِهِ وَآذَانِهِمْ ، فَجَعَلُوا كُلَّمَا دَخَلَ رَجُلٌ أُرْعِبَ ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَدْخُلُوا إِلَيْهِمْ فَبَنَوْا عِنْدَهُمْ كَنِيسَةً وَاتَّخَذُوهَا مَسْجِدًا يُصَلُّونَ فِيهِ " .