حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : " ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَلَى سَعْدٍ قُبَّةً فِي الْمَسْجِدِ ، وَوَضَعَ السِّلاحَ ، يَعْنِي : عِنْدَ مُنْصَرَفِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنَ الْخَنْدَقِ ، وَوَضَعَ الْمُسْلِمُونَ السِّلاحَ ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ ، عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : أَوَضَعْتُمُ السِّلاحَ ؟ فَوَاللَّهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلائِكَةُ بَعْدُ السِّلاحَ ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَقَاتِلْهُمْ . فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِلَأْمَتِهِ ، فَلَبِسَهَا ثُمَّ خَرَجَ ، وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ ، فَمَرَّ بِبَنِي غَنْمٍ ، فَقَالَ : مَنْ مَرَّ بِكُمْ ؟ قَالُوا : مَرَّ عَلَيْنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ . وَكَانَ يُشَبِّهُ سُنَّتَهُ وَلِحْيَتَهُ وَوَجْهَهُ بِجِبْرِيلَ ، عَلَيْهِ السَّلامُ ، حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِمْ ، وَسَعْدٌ فِي قُبَّتِهِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي الْمَسْجِدِ ، فَحَاصَرَهُمْ شَهْرًا أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ ، قِيلَ لَهُمُ : انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَشَارَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ : إِنَّهُ الذَّبْحُ . فَقَالُوا : نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْزِلُوا عَلَى حُكْمِهِ . فَنَزَلُوا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِحِمَارٍ بِإِكَافٍ مِنْ لِيفٍ ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ . قَالَتْ عَائِشَةُ : لَقَدْ كَانَ بَرِئَ كَلْمُهُ حَتَّى مَا يُرَى مِنْهُ إِلا مِثْلُ الْخَرْصِ . رَجْعُ الْحَدِيثِ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ . قَالَ : وَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً حَتَّى جَهَدَهُمُ الْحِصَارُ ، وَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، وَقَدْ كَانَ حَيُّ بْنُ أَخْطَبَ دَخَلَ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فِي حِصْنِهِمْ ، حِينَ رَجَعَتْ عَنْهُمْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ ، وَفَاءً لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ بِمَا كَانَ عَاهَدَهُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَيْقَنُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، غَيْرَ مُنْصَرِفٍ عَنْهُمْ حَتَّى يُنَاجِزَهُمْ ، قَالَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ لَهُمْ : يَا مَعْشَرَ يَهُودَ ، إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الأَمْرِ مَا تَرَوْنَ ، وَإِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ خِلالا ثَلاثًا ، فَخُذُوا أَيَّهَا شِئْتُمْ . قَالُوا : وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : نُتَابِعُ هَذَا الرَّجُلَ وَنُصَدِّقُهُمْ ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ تَبَيَّنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَإِنَّهُ لَلَّذِي كُنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ ، فَتَأْمَنُوا عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكِمْ وَأَبْنَائِكُمْ وَنِسَائِكُمْ . قَالُوا : لا نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ أَبَدًا ، وَلا نَسْتَبْدِلُ بِهِ غَيْرَهُ ، قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ هَذِهِ عَلَيَّ فَهَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا ، ثُمَّ نَخْرُجْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ رِجَالا مُصَلِّتِينَ بِالسُّيُوفِ ، وَلَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا ثِقَلا يُهِمُّنَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ ، فَإِنْ نَهْلِكْ نَهْلِكْ وَلَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا شَيْئًا نَخْشَى عَلَيْهِ ، وَإِنْ نَظْهَرْ فَلَعَمْرِي لَنَجِدَنَّ النِّسَاءَ وَالأَبْنَاءَ . قَالُوا : نَقْتُلُ هَؤُلاءِ الْمَسَاكِينَ ! فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ ؟ قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ هَذِهِ عَلَيَّ فَإِنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ السَّبْتِ ، وَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَمِنُوا فِيهَا ، فَانْزِلُوا لَعَلَّنَا نُصِيبُ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ غِرَّةً . قَالُوا : نُفْسِدُ سَبْتًا وَنُحْدِثُ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ فِيهِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا ، إِلا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ فَأَصَابَهُ مِنَ الْمَسْخِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ ؟ قَالَ : مَا بَاتَ رَجُلٌ مِنْكُمْ مُنْذُ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنَ الدَّهْرِ حَازِمًا . قَالَ : ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا أَبَا لَبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ، أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ الأَوْسِ ، نَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِنَا . فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِلَيْهِمْ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ ، وَبَهَشَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ ، فَرَقَّ لَهُمْ ، وَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا لُبَابَةَ ، أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ إِنَّهُ الذَّبْحُ ، قَالَ أَبُو لُبَابَةَ : فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ قَدَمَايَ حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وَجْهِهِ ، وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِهِ ، وَقَالَ : لا أَبْرَحُ مَكَانِي هَذَا حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْتُ ، وَعَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لا يَطَأَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا ، وَقَالَ : لا يَرَانِي اللَّهُ فِي بَلَدٍ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيهِ أَبَدًا . فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَبَرُهُ ، وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ وَكَانَ قَدِ اسْتَبْطَأَهُ ، قَالَ : أَمَّا لَوْ جَاءَنِي لاسْتَغْفَرْتُ لَهُ ، فَأَمَّا إِذَا فَعَلَ مَا فَعَلَ ، فَمَا أَنَا بِالَّذِي أُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَائِشَةَ | عائشة بنت أبي بكر الصديق / توفي في :57 | صحابي |
عَلْقَمَةَ | علقمة بن وقاص العتواري | ثقة ثبت |
أَبِي | عمرو بن علقمة الليثي | مقبول |
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو | محمد بن عمرو الليثي / توفي في :145 | صدوق له أوهام |
مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ | محمد بن بشر العبدي / توفي في :203 | ثقة حافظ |
ابْنُ وَكِيعٍ | سفيان بن وكيع الرؤاسي | مقبول |