حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ أَنَّ تَوْبَةَ أَبِي لُبَابَةَ أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ . قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنَ السَّحَرِ يَضْحَكُ ، فَقُلْتُ : مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ . قَالَ : تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ . فَقُلْتُ : أَلا أُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : بَلَى ، إِنْ شِئْتِ . قَالَ : فَقَامَتْ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهَا ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ ، فَقَالَتْ : يَا أَبَا لُبَابَةَ ، أَبْشِرْ فَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ . قَالَ : فَثَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيُطْلِقُوهُ ، فَقَالَ : لا وَاللَّهِ ، حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنِي بِيَدِهِ . فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ خَارِجًا إِلَى الصُّبْحِ أَطْلَقَهُ . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَعْيَةَ ، وَأُسَيْدَ بْنَ سَعْيَةَ ، وَأَسَدَ بْنَ عُبَيْدٍ ، وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي هَدَلٍ ، لَيْسُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَلا النَّضِيرِ ، نَسَبُهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ ، هُمْ بَنُو عَمِّ الْقَوْمِ ، أَسْلَمُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا قُرَيْظَةُ عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَخَرَجَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَمْرُو بْنُ سُعْدَى الْقُرَظِيُّ ، فَمَرَّ بِحَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ ، تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : عَمْرُو بْنُ سُعْدَى ، وَكَانَ عَمْرٌو قَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي غَدْرِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ : لا أَغْدِرُ بِمُحَمَّدٍ أَبَدًا . فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، حِينَ عَرَفَهُ : اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي عَثَرَاتِ الْكِرَامِ . ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ ، فَخَرَجَ عَلَى وَجْهِهِ ، حَتَّى بَاتَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِالْمَدْيِنَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، ثُمَّ ذَهَبَ فَلا يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ مِنْ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا . فَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، شَأْنُهُ ، فَقَالَ : ذَاكَ رَجُلٌ نَجَّاهُ اللَّهُ بِوَفَائِهِ . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَبَعْضُ النَّاسِ يَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ أَوْثَقَ بِرِمَّةٍ فِيمَنْ أَوْثَقَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، حِينَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَصْبَحَتْ رِمَّتُهُ مُلْقَاةً لا يُدْرَى أَيْنَ ذَهَبَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيهِ تِلْكَ الْمَقَالَةَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : فَلَمَّا أَصْبَحُوا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَوَاثَبَتِ الأَوْسُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُمْ مَوَالِينَا دُونَ الْخَزْرَجِ ، وَقَدْ فَعَلْتَ فِي مَوَالِي الْخَزْرَجِ بِالأَمْسِ مَا قَدْ عَلِمْتَ . وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَبْلَ بَنِي قُرَيْظَةَ ، حَاصَرَ بَنِي قَيْنُقَاعٍ ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْخَزْرَجِ ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ ، فَسَأَلَهُ إِيَّاهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ، فَوَهَبَهُمْ لَهُ ، فَلَمَّا كَلَّمَهُ الأَوْسُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الأَوْسِ ، أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : فَذَاكَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ . وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَدْ جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي خَيْمَةِ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، يُقَالُ لَهَا : رُفَيْدَةُ ، فِي مَسْجِدِهِ ، كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَحْتَسِبُ بِنَفْسِهَا عَلَى خِدْمَةِ مَنْ كَانَتْ بِهِ ضَيْعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ قَالَ لِقَوْمِهِ ، حِينَ أَصَابَهُ السَّهْمُ بِالْخَنْدَقِ : اجْعَلُوهُ فِي خَيْمَةِ رُفَيْدَةَ ، حَتَّى أَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ . فَلَمَّا حَكَّمَهُ رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَتَاهُ قَوْمُهُ ، فَاحْتَمَلُوهُ عَلَى حِمَارٍ قَدْ وَطَّئُوا لَهُ بِوِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ ، وَكَانَ رَجُلا جَسِيمًا ، ثُمَّ أَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُمَ يَقُولُونَ : يَا أَبَا عَمْرٍو ، أَحْسِنْ فِي مَوَالِيكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِنَّمَا وَلاكَ ذَلِكَ لِتُحْسِنَ فِيهِمْ . فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ ، قَالَ : قَدْ آنَ لِسَعْدٍ أَلا تَأْخُذَهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ . فَرَجَعَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ ، مِنْ قَوْمِهِ ، إِلَى دَارِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، فَنَعَى لَهُمْ رِجَالُ بَنِي قُرَيْظَةَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ كَلِمَتِهِ الَّتِي سَمِعَ مِنْهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَلَمَّا انْتَهَى سَعْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُسْلِمِينَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ ، قَالَ : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : فَلَمَّا طَلَعَ ، يَعْنِي : سَعْدًا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ ، أَوْ قَالَ : إِلَى خَيْرِكُمْ ، فَأَنْزِلُوهَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْكُمْ فِيهِمْ ، قَالَ : فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَأَنْ تُسْبَى ذَرَارِيَّهُمْ ، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ ، فَقَالَ : لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ . رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ . وَأَمَّا ابْنُ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ : فَلَمَّا انْتَهَى سَعْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُسْلِمِينَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ . فَقَامُوا إِلَيْهِ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا عَمْرٍو ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ وَلاكَ أَمْرَ مَوَالِيكَ لِتَحْكُمَ فِيهِمْ . فَقَالَ سَعْدٌ : عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ ، عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ ، أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مَا حَكَمْتُ . قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : وَعَلَى مَنْ هَهُنَا فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِجْلالا لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ . قَالَ سَعْدٌ : فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ بِأَنْ تُقْتَلَ الرِّجَالُ ، وَتُقْسَمَ الأَمْوَالُ ، وَتُسْبَى الذَّرَارِيُّ وَالنِّسَاءُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أُمُّ سَلَمَةَ | أم سلمة زوج النبي / توفي في :63 | صحابية |
يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ | يزيد بن قسيط الليثي / ولد في :32 / توفي في :122 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ | سلمة بن الفضل الأنصاري | صدوق كثير الخطأ |
ابْنُ حُمَيْدٍ | محمد بن حميد التميمي / توفي في :248 | متروك الحديث |