حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَ : وحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَ : " وَكُلٌّ قَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُ فِي خَبَرِ قِصَّةِ عَائِشَةَ عَنْ نَفْسِهَا ، حِينَ قَالَ أَهْلُ الإِفْكِ فِيهَا مَا قَالُوا ، فَكُلٌّ قَدْ دَخَلَ فِي حَدِيثِهَا عَنْ هَؤُلاءِ جَمِيعًا ، وَيُحَدِّثُ بَعْضُهُمْ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بَعْضٌ ، وَكُلٌّ كَانَ عَنْهَا ثِقَةً ، وَكُلٌّ قَدْ حَدَّثَ عَنْهَا بِمَا سَمِعَ . قَالَتْ عَائِشَةُ : كَانَ رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ ، فَأَيَّتَهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ . فَلَمَّا كَانَتْ غَزَوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ ، فَخَرَجَ سَهْمِي عَلَيْهِنَّ ، فَخَرَجَ بِي رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعَلَقَ لَمْ يَهُجْهُنَّ اللَّحْمَ فَيَثْقُلْنَ . قَالَتْ : وَكُنْتُ إِذَا رَحَلَ بَعِيرِي جَلَسْتُ فِي هَوْدَجِي ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمُ الَّذِينَ يُرَحِّلُونَ هَوْدَجِي فِي بَعِيرِي ، وَيَحْمِلُونِّي ، فَيَأْخُذُونَ بِأَسْفَلِ الْهَوْدَجِ ، فَيَرْفَعُونَهُ ، فَيَضَعُونَهُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ ، فَيَشُدُّونَهُ بِحِبَالِهِ ، ثُمَّ يَأْخُذُونَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ ، فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ . قَالَتْ : فَلَمَّا فَرَغَ رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ ، وَجَّهَ قَافِلا ، حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ ، نَزَلَ مَنْزِلا فَبَاتَ فِيهِ بَعْضَ اللَّيْلِ ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ . فَلَمَّا ارْتَحَلَ النَّاسُ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي ، وَفِي عُنُقِي عِقْدٌ لِي ، فِيهِ جَزَعُ ظَفَارٍ ، فَلَمَّا فَرَغْتُ انْسَلَّ مِنْ عُنُقِي وَلا أَدْرِي ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى الرَّحْلِ ، ذَهَبْتُ أَلْتَمِسُهُ فِي عُنُقِي فَلَمْ أَجِدْهُ ، وَقَدْ أَخَذَ النَّاسُ فِي الرَّحِيلِ . قَالَتْ : فَرَجَعْتُ ، عَوْدِي عَلَى بَدْئِي ، إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي ذَهَبْتُ إِلَيْهِ ، فَالْتَمَسْتُهُ حَتَّى وَجَدْتُهُ . وَجَاءَ خِلافِي الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونَ لِي الْبَعِيرَ وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ رِحْلَتِهِ ، فَأَخَذُوا الْهَوْدَجَ ، وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنِّي فِيهِ كَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ ، فَاحْتَمَلُوهُ ، فَشَّدُوهُ عَلَى الْبَعِيرِ ، وَلَمْ يَشُكُّوا أَنِّي فِيهِ ، ثُمَّ أَخَذُوا بِرَأْسِ الْبَعِيرِ فَانْطَلَقُوا بِهِ ، وَرَجَعْتُ إِلَى الْعَسْكَرِ ، وَمَا فِيهِ دَاعٍ وَلا مُجِيبٌ ، قَدِ انْطَلَقَ النَّاسُ . قَالَتْ : فَتَلَفَّفْتُ بِجِلْبَابِي ، ثُمَّ اضْطَجَعْتُ فِي مَكَانِي الَّذِي ذَهَبْتُ إِلَيْهِ ، وَعَرَفْتُ أَنْ لَوْ قَدِ افْتَقَدُونِي قَدْ رَجَعُوا إِلَيَّ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لَمُضْطَجِعَةٌ إِذْ مَرَّ بِي صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ، وَقَدْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنِ الْعَسْكَرِ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ . فَلَمْ يَبِتْ مَعَ النَّاسِ فِي الْعَسْكَرِ ، فَلَمَّا رَأَى سَوَادِيَ أَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلِيَّ ، فَعَرَفَنِي ، وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ . فَلَمَّا رَآنِي قَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أَظَعِينَةُ رَسُولِ اللَّهِ ؟ وَأَنَا مُتَلَفِّفَةٌ فِي ثِيَابِي ، قَالَ : مَا خَلَّفَكِ رَحِمَكِ اللَّهُ ؟ قَالَتْ : فَمَا كَلَّمْتُهُ . ثُمَّ قَرَّبَ الْبَعِيرَ ، فَقَالَ : ارْكَبِي ، رَحِمَكِ اللَّهُ ، وَاسْتَأْخَرَ عَنِّي ، قَالَتْ : فَرَكِبْتُ ، وَجَاءَ فَأَخَذَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ ، فَانْطَلَقَ بِي سَرِيعًا يَطْلُبُ النَّاسَ ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرَكْنَا النَّاسَ وَمَا افْتُقِدْتُ حَتَّى أَصْبَحْتُ وَنَزَلَ النَّاسُ ، فَلَمَّا اطْمَأَنُّوا طَلَعَ الرَّجُلُ يَقُودُنِي ، فَقَالَ أَهْلُ الإِفْكِ فِيَّ مَا قَالُوا ، فَارْتَجَّ الْعَسْكَرُ ، وَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ . ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ، فَلَمْ أَمْكُثْ أَنِ اشْتَكَيْتُ شَكْوًى شَدِيدَةً ، وَلا يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَدِ انْتَهَى الْحَدِيثُ إِلَى رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِلَى أَبَوَيَّ ، وَلا يُذْكَرُ أَنَّ لِي مِنْ ذَلِكَ قَلِيلا وَلا كَثِيرًا ، إِلا أَنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ مِنْ رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَعْضَ لُطْفِهِ بِي ، كُنْتُ إِذَا اشْتَكَيْتُ رَحِمَنِي وَلَطَفَ بِي ، فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فِي شَكْوَايَ تِلْكَ . فَأَنْكَرْتُ مِنْهُ ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلِيَّ ، وَأُمِّي تُمَرِّضُنِي ، قَالَ : كَيْفَ تِيكُمْ ، لا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ . قَالَتْ : حَتَّى وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِمَّا رَأَيْتُ مِنْ جَفَائِهِ عَنِّي . فَقُلْتُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ أَذِنْتَ لِي فَانْتَقَلْتُ إِلَى أُمِّي فَمَرَّضَتْنِي . قَالَ : لا عَلَيْكَ . قَالَتْ : فَانْتَقَلْتُ إِلَى أُمِّي ، وَلا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ ، حَتَّى نَقِهْتُ مِنْ وَجَعِي بَعْدَ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً . قَالَتْ : وَكُنَّا قَوْمًا عَرَبًا لا نَتَّخِذُ فِي بُيُوتِنَا هَذِهِ الْكُنُفَ ، الَّتِي تَتَّخِذَهَا الأَعَاجِمُ نَعَافُهَا وَنَكْرَهُهَا ، إِنَّمَا كُنَّا نَخْرُجُ فِي فُسَحِ الْمَدِينَةِ ، وَإِنَّمَا كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي حَوَائِجِهِنَّ ، فَخَرَجْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ حَاجَتِي ، وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحِ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَكَانَتْ أُمُّهَا بِنْتَ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ ، خَالَةَ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَتْ : فَوَاللَّهِ ، إِنَّهَا لَتَمْشِي مَعِي إِذْ عَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا ، فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ . قَالَتْ : قُلْتُ : بِئْسَ لَعَمْرِ اللَّهِ مَا قُلْتِ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا . قَالَتْ : أَوَمَا بَلَغَكَ الْخَبَرُ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : وَمَا الْخَبَرُ ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِالَّذِي كَانَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ ، قَالَتْ : قُلْتُ : وَقَدْ كَانَ هَذَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ وَاللَّهِ ، لَقَدْ كَانَ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا قَدِرْتُ عَلَى أَنْ أَقْضِيَ حَاجَتِي ، وَرَجَعْتُ ، فَمَا زِلْتُ أَبْكِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْبُكَاءَ سَيَصْدَعُ كَبِدِي . قَالَتْ : وَقُلْتُ لأُمِّي : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكِ ، تَحَدَّثَ النَّاسُ بِمَا تَحَدَّثُوا بِهِ ، وَبَلَغَكِ مَا بَلَغَكِ وَلا تَذْكُرِينَ لِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ؟ قَالَتْ : أَيْ بُنَيَّةُ ، خَفِّضِي الشَّأْنَ ، فَوَاللَّهِ قَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ، لَهَا ضَرَائِرُ ، إِلا كَثَّرْنَ وَكَثَّرَ النَّاسُ عَلَيْهَا . قَالَتْ : وَقَدْ قَامَ رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي النَّاسِ يَخْطُبُهُمْ وَلا أَعْلَمُ بِذَلِكَ . ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، مَا بَالُ رِجَالٍ يُؤْذُونَنِي فِي أَهْلِي ، وَيَقُولُونَ عَلَيْهِنَّ غَيْرَ الْحَقِّ ؟ وَاللَّهُ مَا عَلِمْتُ مِنْهُنَّ إِلا خَيْرًا ، وَيَقُولُونَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ إِلا خَيْرًا ، وَمَا دَخَلَ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِي إِلا وَهُوَ مَعِي . قَالَتْ : وَكَانَ كِبَرُ ذَلِكَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ ، فِي رِجَالٍ مِنَ الْخَزْرَجِ ، مَعَ الَّذِي قَالَ مِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ أُخْتَهَا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتْ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَشَاعَتْ مِنْ ذَلِكَ مَا أَشَاعَتْ ، تُضَارِّنِي لأُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، فَشَقِيتُ بِذَلِكَ . فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، تِلْكَ الْمَقَالَةَ ، قَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ يَكُونُوا مِنَ الأَوْسِ نَكْفِيكَهُمْ ، وَإِنْ يَكُونُوا مِنْ إِخْوَانِنَا ، مِنَ الْخَزْرَجِ ، فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُمْ لأَهْلٌ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ . قَالَتْ : فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُرَى رَجُلا صَالِحًا ، فَقَالَ : كَذَبْتَ لِعَمْرِ اللَّهِ ، لا تُضْرَبُ أَعْنَاقُهُمْ ، أَمَا وَاللَّهِ مَا قُلْتَ هَذِهِ المْقَالَةَ إِلا أَنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ ، وَلَوْ كَانُوا مِنْ قَوْمِكَ مَا قُلْتَ هَذَا . قَالَ أُسَيْدٌ : كَذَبْتَ لِعَمْرِ اللَّهِ ، وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ . قَالَتْ : وَتَثَاوَرَ النَّاسُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ ، وَنَزَلَ رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَدَخَلَ عَلِيَّ ، قَالَتْ : فَدَعَا عَلِيَّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَاسْتَشَارَهُمَا ، فَأَمَّا أُسَامَةُ ، فَأَثْنَى خَيْرًا وَقَالَهُ ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَهْلُكَ وَلا نَعْلَمُ عَلَيْهِنَّ إِلا خَيْرًا ، وَهَذَا الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ . وَأَمَّا عَلِيٌّ ، فَإِنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ النِّسَاءَ لَكَثِيرٌ ، وَإِنَّكَ لَقَادِرٌ عَلَى أَنْ تَسْتَخْلِفَ ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ فَإِنَّهَا تَصْدُقُكَ . فَدَعَا رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَرِيرَةَ يَسْأَلُهَا ، قَالَتْ : فَقَامَ إِلَيْهَا عَلِيٌّ ، فَضَرَبَهَا ضَرْبًا شَدِيدًا ، وَهُوَ يَقُولُ : اصْدُقِي رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَتْ : فَتَقُولُ : وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ إِلا خَيْرًا ، وَمَا كُنْتُ أَعِيبُ عَلَى عَائِشَةَ ، إِلا أَنِّي كُنْتُ أَعْجِنُ عَجِينِي فَآمُرُهَا أَنْ تَحْفَظَهُ ، فَتَنَامَ عَنْهُ ، فَيَأْتِي الدَّاجِنُ فَيَأْكُلُهُ . ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعِنْدِي أَبَوَايَ ، وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، وَأَنَا أَبْكِي وَهِيَ تَبْكِي مَعِي ، فَجَلَسَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ ، إِنَّهُ قَدْ كَانَ مَا بَلَغَكِ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ ، فَاتَّقِي اللَّهَ ، وَإِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا ، مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ ، فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التُّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ قَالَ ذَلِكَ تَقَلَّصَ دَمْعِي ، حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ شَيْئًا ، وَانْتَظَرْتُ أَبَوَيَّ أَنْ يُجِيبَا رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يَتَكَلَّمَا . قَالَتْ : وَايْمُ اللَّهِ ، لأَنا كُنْتُ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي وَأَصْغَرَ شَأْنًا ، مِنْ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فِيَّ قُرْآنًا يُقْرَأُ بِهِ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَيُصَلَّى بِهِ ، وَلَكِنِّي قَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ فِي نَوْمِهِ شَيْئًا ، يُكَذِّبُ اللَّهُ بِهِ عَنِّي ، لِمَا يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَتِي أَوْ يُخْبِرُ خَبَرًا . فَأَمَّا قُرْآنٌ يَنْزِلُ فِيَّ ، فَوَاللَّهِ لَنَفْسِي كَانَتْ أَحْقَرَ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ . قَالَتْ : فَلَمَّا لَمْ أَرَ أَبَوَيْ يَتَكَلَّمَانِ ، قَالَتْ : قُلْتُ : أَلا تُجِيبَانِ رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَتْ : فَقَالا لِي : وَاللَّهِ مَا نَدْرِي بِمَاذَا نُجِيبُهُ . قَالَتْ : وَايْمُ اللَّهِ ، مَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ دَخَلَ عَلَيْهِمْ مَا دَخَلَ عَلَى آلِ أَبِي بَكْرٍ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ . قَالَتْ : فَلَمَّا اسْتَعْجَمَا عَلِيَّ اسْتَعْبَرْتُ فَبَكَيْتُ . ثُمَّ قُلْتُ : وَاللَّهِ لا أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِمَّا ذَكَرْتَ أَبَدًا ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَقْرَرْتُ بِمَا يَقُولُ النَّاسُ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ ، لَتُصَدِّقَنِّي لأَقُولَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ ، وَلَئِنْ أَنَا أَنْكَرْتُ مَا تَقُولُونَ لا تُصَدِّقُونَنِي . قَالَتْ : ثُمَّ الْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَمَا أَذْكُرُهُ ، وَلَكِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ سورة يوسف آية 18 ، قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا بَرِحَ رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَجْلِسَهُ ، حَتَّى تَغَشَّاهُ مِنَ اللَّهِ مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ ، فَسَجَّى بِثَوْبِهِ ، وَوَضَعْتُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ تَحْتَ رَأْسِهِ . فَأَمَّا أَنَا حِينَ رَأَيْتُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَأَيْتُ ، فَوَاللَّهِ مَا فَزِعْتُ كَثِيرًا وَلا بَالَيْتُ قَدْ عَرَفْتُ أَنِّي بِرِيئَةٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ ظَالِمِي ، وَأَمَّا أَبَوَايَ فَوَالَّذِي نَفْسُ عَائِشَةَ بِيَدِهِ ، مَا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى ظَنَنْتُ لَتَخْرُجَنَّ أَنْفُسُهُمَا فَرَقًا أَنْ يَأْتِيَ مِنَ اللَّهِ تَحْقِيقَ مَا قَالَ النَّاسُ . قَالَتْ : ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَلَسَ ، وَإِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلَ الْجُمَانِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ وَيَقُولُ : أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ . قَالَتْ : فَقُلْتُ : بِحَمْدِ اللَّهِ وَذَمِّكُمْ . ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ ، وَتَلا عَلَيْهِمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَمْرِ مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ ، وَحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ ، وَكَانُوا مِمَّنْ أَفْصَحَ بِالْفَاحِشَةِ ، فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَائِشَةَ | عائشة بنت أبي بكر الصديق / توفي في :57 | صحابي |
عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ | عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية / ولد في :29 / توفي في :106 | ثقة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ | عبد الله بن أبي بكر الأنصاري / ولد في :65 / توفي في :135 | ثقة ثبت |
عَائِشَةَ | عائشة بنت أبي بكر الصديق / توفي في :57 | صحابي |
أَبِيهِ | عباد بن عبد الله القرشي | ثقة |
يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ | يحيى بن عباد الزبيري / ولد في :65 / توفي في :101 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
سَلَمَةُ | سلمة بن الفضل الأنصاري | صدوق كثير الخطأ |
ابْنُ حُمَيْدٍ | محمد بن حميد التميمي / توفي في :248 | متروك الحديث |