حَدَّثَنَا السَّرِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَيْفٌ ، وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمِّي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَيْفٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُسْتَنِيرُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ غَزِيَّةَ الدُّثَيْنِيِّ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ ، قَالَ السَّرِيُّ عَنْ جُشَيْشِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ جُشَيْشِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، قَالَ : " قَدِمَ عَلَيْنَا وَبْرُ بْنُ يُحَنِّسَ بِكِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا فِيهِ بِالْقِيَامِ عَلَى دِينِنَا وَالنُّهُوضِ فِي الْحَرْبِ وَالْعَمَلِ فِي الأَسْوَدِ ، إِمَّا غَيْلَةً وَإِمَّا مُصَادَمَةً ، وَأَنْ نُبَلِّغَ عَنْهُ مَنْ رَأَيْنَا أَنَّ عِنْدَهُ نَجْدَةً وَدِينًا ، فَعَمِلْنَا فِي ذَلِكَ ، فَرَأَيْنَا أَمْرًا كَثِيفًا ، وَرَأَيْنَاهُ قَدْ تَغَيَّرَ لِقَيْسِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَكَانَ عَلَى جُنْدِهِ ، فَقُلْنَا : يَخَافُ عَلَى دَمِهِ فَهُوَ لأَوَّلُ دَعْوَةٍ ، فَدَعَوْنَاهُ وَأَنْبَأْنَاهُ الشَّأْنَ ، وَأَبْلَغْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَأَنَّمَا وَقَعْنَا عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ ، وَكَانَ فِي غَمٍّ وَضِيقٍ بِأَمْرِهِ ، فَأَجَابَنَا إِلَى مَا أَحْبَبْنَا مِنْ ذَلِكَ . وَجَاءَنَا وَبْرُ بْنُ يُحَنِّسَ ، وَكَاتَبْنَا النَّاسَ وَدَعَوْنَاهُمْ ، وَأَخْبَرَهُ الشَّيْطَانُ بِشَيْءٍ ، فَأَرْسَلَ إِلَى قَيْسٍ ، وَقَالَ : يَا قَيْسُ مَا يَقُولُ هَذَا ؟ قَالَ : وَمَا يَقُولُ ؟ قَالَ : يَقُولُ عَمَدْتَ إِلَى قَيْسٍ فَأَكْرَمْتَهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ مِنْكَ كُلَّ مُدْخَلٍ وَصَارَ فِي الْعِزِّ مِثْلَكَ ، مَالَ مَيْلَ عَدُوِّكَ وَحَاوَلَ مُلْكَكَ ، وَأَضْمَرَ عَلَى الْغَدْرِ . إِنَّهُ يَقُولُ : يَا أَسْوَدُ يَا أَسْوَدُ ، يَا سَوْءَةُ يَا سَوْءَةُ ، اقْطِفْ قُنَّتَهُ وَخُذْ مِنْ قَيْسٍ أَعْلاهُ ، وَإِلا سَلَبَكَ أَوْ قَطَفَ قُنَّتَكَ . فَقَالَ قَيْسٌ وَحَلَفَ بِهِ : كَذَبَ وَذِي الْخِمَارِ ، لأَنْتَ أعَظَمُ فِي نَفْسِي ، وَأَجَلُّ عِنْدِي مِنْ أَنْ أُحَدِّثَ بِكَ نَفْسِي . فَقَالَ : مَا أَجْفَاكَ ! أَتُكَذِّبُ الْمَلِكَ ؟ قَدْ صَدَقَ الْمَلِكُ ، وَعَرَفْتُ الآنَ أَنَّكَ تَائِبٌ مِمَّا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْكَ . ثُمَّ خَرَجَ فَأَتَانَا ، فَقَالَ : يَا جُشَيْشُ وَيَا فَيْرُوزُ وَيَا دَاذُوَيْهِ ، إِنَّهُ قَدْ قَالَ وَقُلْتُ فَمَا الرَّأْيُ ؟ فَقُلْنَا : نَحْنُ عَلَى حَذَرٍ فَإِنَّا فِي ذَلِكَ إِذْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا . فَقَالَ : أَلَمْ أُشْرِفْكُمْ عَلَى قَوْمِكُمْ ؟ أَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْكُمْ ؟ فَقُلْنَا : أَقلْنَا مَرَّتَنَا هَذِهِ . فَقَالَ : لا يَبْلُغُنِي عَنْكُمْ فَأُقِيلَكُمْ . فَنَجَوْنَا وَلَمْ نَكَدْ ، وَهُوَ فِي ارْتِيَابٍ مِنْ أَمْرِنَا وَأَمْرِ قَيْسٍ ، وَنَحْنُ فِي ارْتِيَابٍ وَعَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ ، إِذْ جَاءَنَا اعْتِرَاضُ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ وَذِي زَوْدٍ وَذِي مُرَّان وَذِي الْكَلاعِ ، وَذِي ظُلَيْمٍ عَلَيْهِ ، وَكَاتَبُونَا وَبَذَلُوا لَنَا النَّصْرَ ، وَكَاتَبْنَاهُمْ وَأَمَرْنَاهُمْ أَلا يُحَرِّكُوا شَيْئًا حَتَّى نُبْرِمَ الأَمْرَ ، وَإِنَّمَا اهْتَاجُوا لِذَلِكَ حِينَ جَاءَ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ إِلَى عَرَبِهِمْ ، وَسَاكِنِي الأَرْضِ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ ، فَثَبتُوا فَتَنَحَّوْا وَانْضَمُّوا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ ، وَبَلَغَهُ ذَلِكَ وَأَحَسَّ بِالْهَلاكِ ، وَفَرَقَ لَنَا الرَّأْيَ فَدَخَلْتُ عَلَى آزَادَ ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ ، فَقُلْتُ : يَا ابْنَةَ عَمِّ قَدْ عَرَفْت بَلاءَ هَذَا الرَّجُلِ عِنْدَ قَوْمِكِ ، قَتَلَ زَوْجَكِ وَطَأْطَأَ فِي قَوْمِكِ الْقَتْلَ ، وَسَفَلَ بِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ ، وَفَضَحَ النِّسَاءَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ مُمَالأَةٍ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَتْ : عَلَى أَيِّ أَمْرِهِ . قُلْتُ : إِخْرَاجِهِ . قَالَتْ : أَوْ قَتْلِهِ . قُلْتُ : أَوْ قَتْلِهِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، وَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ شَخْصًا أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ ، مَا يَقُومُ لِلَّهِ عَلَى حَقٍّ ، وَلا يَنْتَهِي لَهُ عَنْ حُرْمَةٍ ، فَإِذَا عَزَمْتُمْ فَأَعْلِمُونِي أُخْبِرْكُمْ بِمَأْتَى هَذَا الأَمْرِ فَأَخْرُجَ . فَإِذَا فَيْرُوزُ وَدَاذُوَيْهِ يَنْتَظِرَانِي ، وَجَاءَ قَيْسٌ وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُنَاهِضَهُ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيْنَا : الْمَلِكُ يَدْعُوكَ فَدَخَلَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ مَذْحِجَ وَهَمْدَانَ ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ مَعَهُمْ . قَالَ السَّرِيُّ فِي حَدِيثِهِ ، فَقَالَ : يَا عَيْهَلَةُ بْنُ كَعْبِ بْنِ غَوْثٍ . وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ : يَا عَيْهَلَةُ بْنُ كَعْبِ بْنِ غَوْثٍ أَمِنِّي تُحْصَنُ بِالرِّجَالِ ، أَلَمْ أُخْبِرْكَ الْحَقَّ وَتُخْبِرْنِي الْكِذَابَةَ ؟ يَقُولُ : يَا سَوْءَةُ يَا سَوْءَةُ إِلا تَقْطَعَ مِنْ قَيْسٍ يَدَهُ ، يَقْطَعْ قُنَّتَكَ الْعُلْيَا ، حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ قَاتِلُهُ ، فَقَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ أَقْتُلَكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَمُرْ بِي بِمَا أَحْبَبْتَ ، فَأَمَّا الْخَوْفُ وَالْفَزَعُ ؛ فَأَنَا فِيهِمَا مَخَافَةً . قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَإِمَّا قَتَلْتَنِي فَمَوْتُهُ . وَقَالَ السَّرِيُّ : اقْتُلْنِي فَمَوْتَةٌ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتٍ أَمُوتُهَا كُلَّ يَوْمٍ . فَرَقَّ لَهُ فَأَخْرَجَهُ فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَأَخْبَرَنَا وَطَوَانَا ، وَقَالَ : اعْمَلُوا عَمْلَكُمْ . وَخَرَجَ عَلَيْنَا فِي جَمْعٍ فَقُمْنَا مُثُولا لَهُ وَبِالْبَابِ مِائَةٌ مَا بَيْنَ بَقَرَةٍ وَبَعِيرٍ ، فَقَامَ وَخَطَّ خَطًّا ، فَأُقِيمَتْ مِنْ وَرَاءِهِ ، وَقَامَ مَنْ دُونِهَا فَنَحَرَهَا غَيْرَ مُحْبَسَةٍ وَلا مُعْقَلَةٍ مَا يَقْتَحِمُ الْخَطَّ مِنْهَا شَيْءٌ ، ثُمَّ خَلاهَا فَجَالَتْ إِلَى أَنْ زُهِقَتْ . فَمَا رَأَيْتُ أَمْرًا كَانَ أَفْظَعَ مِنْهُ وَلا يَوْمًا أَوْحَشَ مِنْهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ يَا فَيْرُوزُ ؟ وَبَوَّأَ لَهُ الْحَرْبَةَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْحَرَكَ فَأُتْبِعَكَ هَذِهِ الْبَهِيمَةَ ، فَقَالَ : اخْتَرْتَنَا لِصِهْرِكَ وَفَضَّلْتَنَا عَلَى الأَبْنَاءِ ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ نَبِيًّا مَا بِعْنَا نَصِيبَنَا مِنْكَ بِشَيْءٍ ، فَكَيْفَ وَقَدِ اجْتَمَعَ لَنَا بِكَ أَمْرُ آخِرَةٍ وَدُنْيَا ، لا تُقْبِلَنَّ عَلَيْنَا أَمْثَلَ مَا يَبْلُغُكَ ؟ فَإِنَّا بِحَيْثُ تُحِبُّ . فَقَالَ : اقْسِمْ هَذِهِ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِمَنْ هَهُنَا ، فَاجْتَمَعَ إِلَيَّ أَهْلَ صَنْعَاءَ وَجَعَلْتُ آمُرَ لِلرَّهْطِ بِالْجَزُورِ ، وَلأَهْلِ الْبَيْتِ بِالْبَقَرَةِ ، وَلأَهْلِ الْحِلَّةِ بِعِدَّةٍ ، حَتَّى أَخَذَ أَهْلُ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِقِسْطِهِمْ . فَلَحِقَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى دَارِهِ وَهُوَ وَاقِفٌ ، عَلَيَّ رَجُلٌ يَسْعَى إِلَيْهِ بِفَيْرُوزَ ، فَاسْتَمَعَ لَهُ وَاسْتَمَعَ لَهُ فَيْرُوزٌ ، وَهُوَ يَقُولُ : أَنَا قَاتِلُهُ غَدًا وَأَصْحَابُهُ فَاغْدُ عَلَيَّ ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا بِهِ ، فَقَالَ : مَهْ ، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ ، فَقَالَ : أَحْسَنْتَ ثُمَّ ضَرَبَ دَابَّتَهُ دَاخِلا فَرَجَعَ إِلَيْنَا ، فَأَخْبَرَنَا الْخَبَرَ فَأَرْسَلْنَا إِلَى قَيْسٍ ، فَجَاءَنَا فَأَجْمَعَ مَلَؤُهُمْ أَنْ أَعُودَ إِلَى الْمَرْأَةِ فَأُخْبِرَهَا بِعَزِيمَتَنَا لِتُخْبِرَنَا بِمَا تَأْمُرُ ، فَأَتَيْتُ الْمَرْأَةَ ، وَقُلْتُ : مَا عِنْدَكِ ؟ فَقَالَتْ : هُوَ مُتَحَرِّزٌ مُتَحَرِّسٌ وَلَيْسَ مِنَ الْقَصْرِ شَيْءٌ ، إِلا وَالْحَرَسُ مُحِيطُونَ بِهِ غَيْرَ هَذَا الْبَيْتِ ، فَإِنَّ ظَهْرَهُ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا مِنَ الطَّرِيقِ ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ فَانْقُبُوا عَلَيْهِ فَإِنَّكُمْ مِنْ دُونِ الْحَرَسِ وَلَيْسَ دُونَ قَتْلِهِ شَيْءٌ ، وَقَالَتْ : إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِيهِ سِرَاجًا وَسِلاحًا . فَخَرَجْتُ فَتَلَقَّانِي الأَسْوُد خَارِجًا مِنْ بَعْضِ مَنَازِلِهِ ، فَقَالَ لِي : مَا أَدْخَلَكَ عَلَيَّ ؟ وَوَجَأَ رَأْسِي حَتَّى سَقَطْتُ ، وَكَانَ شَدِيدًا ، وَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ فَأَدْهَشَتْهُ عَنِّي ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَقَتَلَنِي ، وَقَالَتِ : ابْنُ عَمِّي جَاءَنِي زَائِرًا ، فَقَصَرْتَ بِي . فَقَالَ : اسْكُتْيِ لا أَبَا لَكَ ، فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكِ ، فَتَزَايَلَتْ عَنِّي . فَأَتَيْتُ أَصْحَابِي ، فَقُلْتُ : النَّجَاءَ الْهَرَبَ ، وَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ . فَإِنَّا عَلَى ذَلِكَ حَيَارَى إِذْ جَاءَنِي رَسُولُهَا : لا تَدَعْنَ مَا فَارَقْتُكَ عَلَيْهِ ، فَإِنِّي لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى اطْمَأَنَّ . فَقُلْنَا لِفَيْرُوزٍ : ائْتِهَا فَتَثَبَّتْ مِنْهَا ، فَأَمَّا أَنَا فَلا سَبِيلَ لِي إِلَى الدُّخُولِ بَعْدَ النَّهْيِ ، فَفَعَلَ وَإِذَا هُوَ كَانَ أَفْطَنَ مِنِّي ، فَلَمَّا أَخْبَرَتْهُ ، قَالَ : وَكَيْفَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَنْقُبَ عَلَى بُيُوتٍ مُبَطَّنَةٍ ؟ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُقْلِعَ بِطَانَةَ الْبَيْتِ . فَدَخَلا فَاقْتَلَعَا الْبِطَانَةَ ثُمَّ أَغْلَقَاهُ وَجَلَسَ عِنْدَهَا كَالزَّائِرِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا الأَسْوَدُ فَاسْتَخَفَّتْهُ غَيْرَةٌ ، وَأَخْبَرَتْهُ بِرَضَاعٍ وَقَرَابَةٍ مِنْهَا عِنْدَهُ مُحَرَّمٌ فَصَاحَ بِهِ وَأَخْرَجَهُ ، وَجَاءَنَا بِالْخَبَرِ ، فَلَمَّا أَمْسَيْنَا عَمِلْنَا فِي أَمْرِنَا وَقَدْ وَاطَأْنَا أَشْيَاعَنَا وَعَجِلْنَا عَنْ مُرَاسَلَةِ الْهَمْدَانِيِّينَ وَالْحِمْيَرِيِّينَ ، فَنَقَبْنَا الْبَيْتَ مِنْ خَارِجٍ ثُمَّ دَخَلْنَا وَفِيهِ سِرَاجٌ تَحْتَ جُفْنَةٍ ، وَاتَّقَيْنَا بِفَيْرُوزَ وَكَانَ أَنْجَدَنَا وَأَشَدَّنَا ، فَقُلْنَا : انْظُرْ مَاذَا تَرَى ؟ فَخَرَجَ وَنَحْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَسِ مَعَهُ فِي مَقْصُورَةٍ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ بَابِ الْبَيْتِ سَمِعَ غَطِيطًا شَدِيدًا وَإِذَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ ، فَلَمَّا قَامَ عَلَى الْبَابِ أَجْلَسَهُ الشَّيْطَانُ فَكَلَّمَهُ عَلَى لِسَانِهِ ، وَإِنَّهُ لَيَغُطَّ جَالِسًا ، وَقَالَ أَيْضًا : مَا لِي وَلَكَ يَا فَيْرُوزُ . فَخَشِيَ إِنْ رَجَعَ أَنْ يَهْلِكَ وَتَهْلِكَ الْمَرْأَةُ ، فَعَاجَلَهُ فَخَالَطَهُ وَهُوَ مِثْلُ الْجَمَلِ . فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَقَتَلَهُ ، فَدَقَّ عُنُقَهُ وَوَضَعَ رُكْبَتَهُ فِي ظَهْرِهِ فَدَقَّهُ ، ثُمَّ قَامَ لِيَخْرُجَ ، فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ بِثَوْبِهِ وَهِيَ تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ ، فَقَالَتْ : أَيْنَ تَدَعُنِي ؟ قَالَ : أُخْبِرُ أَصْحَابِي بِمَقْتَلِهِ ، فَأَتَانَا فَقُمْنَا مَعَهُ فَأَرَدْنَا حَزَّ رَأْسِهِ ، فَحَرَّكَهُ الشَّيْطَانُ فَاضْطَرَبَ ، فَلَمْ يَضْبِطْهُ ، فَقُلْتُ : اجْلِسُوا عَلَى صَدْرِهِ ، فَجَلَسَ اثْنَانِ عَلَى صَدْرِهِ ، وَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ بِشَعْرِهِ ، وَسَمِعْنَا بَرْبَرَةً فَأَلْجَمَتْهُ بِمِئْلاةٍ ، وَأَمَرَّ الشَّفْرَةَ عَلَى حَلْقِهِ فَخَارَ كَأَشَدِّ خُوَارِ ثَوْرٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ . فَابْتَدَرَ الْحَرَسُ الْبَابَ وَهُمْ حَوْلَ الْمَقْصُورَةِ ، فَقَالُوا : مَا هَذَا مَا هَذَا ؟ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : النَّبِيُّ يُوحَى إِلَيْهِ ، فَخَمَدَ ثُمَّ سَمُرْنَا لَيْلَتَنَا وَنَحْنُ نَأْتَمِرُ ، كَيْفَ نُخْبِرُ أَشْيَاعَنَا ؟ لَيْسَ غَيْرُنَا ثَلاثَتُنَا : فَيْرُوزُ وَدَاذُوَيْهِ وَقَيْسٌ . فَاجْتَمَعْنَا عَلَى النِّدَاءِ بِشِعَارِنَا الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَشْيَاعِنَا ، ثُمَّ يُنَادَى بِالأَذَانِ ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى دَاذُوَيْهِ بِالشِّعَارِ ، فَفَزِعَ الْمُسْلِمُونَ وَالْكَافِرُونَ ، وَتَجَمَّعَ الْحَرَسُ فَأَحَاطُوا بِنَا ، ثُمَّ نَادَيْتُ بِالأَذَانِ ، وَتَوَافَتْ خُيُولُهُمْ إِلَى الْحَرَسِ فَنَادَيْتُهُمْ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ عَبْهَلَةَ كَذَّابٌ ، وَأَلْقَيْنَا إِلَيْهِمْ رَأْسَهُ فَأَقَامَ وَبَرٌ الصَّلاةَ وَشَنَّهَا الْقَوْمُ غَارَةً ونَادَيْنَا : يَا أَهْلَ صَنْعَاءَ ، مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ فَتَعَلَّقُوا بِهِ ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَتَعَلَّقُوا بِهِ ، وَنَادَيْنَا بِمَنْ فِي الطَّرِيقِ تَعَلَّقُوا بِمَنِ اسْتَطَعْتُمْ ، فَاخْتَطَفُوا صِبْيَانًا كَثِيرِينَ وَانْتَهَبُوا مَا انْتَهَبُوا ، ثُمَّ مَضَوْا خَارِجِينَ . فَلَمَّا بَرَزُوا فَقَدُوا مِنْهُمْ سَبْعِينَ فَارِسًا رُكْبَانًا ، وَإِذَا أَهْلُ الدُّورِ وَالطُّرُقِ وَقَدْ وَافَوْنَا بِهِمْ ، وَفَقَدْنَا سَبْعَ مِائَةِ عَيْلٍ فَرَاسَلُونَا وَرَاسَلْنَاهُمْ عَلَى أَنْ يَتْرُكُوا لَنَا مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَنَتْرُكُ لَهُمْ مَا فِي أَيْدِينَا فَفَعَلُوا ، فَخَرَجُوا لَمْ يَظْفَرُوا مِنَّا بِشَيْءٍ ، فَتَرَدَّدُوا فِيمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَنَجْرَانَ ، وَخَلَصَتْ صَنْعَاءُ وَالْجُنْدُ وَأَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ ، وَتَنَافَسْنَا الإِمَارَةَ وَتَرَاجَعَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَعْمَالِهِمْ ، فَاصْطَلَحْنَا عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فَكَانَ يُصَلِّي بِنَا ، وَكَتَبْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَبَرِ وَذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ مِنْ لَيْلَتِهِ وَقَدِمَتْ رُسُلُنَا ، وَقَدْ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَجَابَنَا أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
وَبْرُ بْنُ يُحَنِّسَ | وبر بن يحنس الكلبي | صحابي |
جُشَيْشِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ | جشيش الديلمي | ثقة |
الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ | الضحاك بن فيروز الديلمي | مقبول |
عُرْوَةَ بْنِ غَزِيَّةَ الدُّثَيْنِيِّ | عروة بن غزية الدثيني | مجهول الحال |
الْمُسْتَنِيرُ بْنُ يَزِيدَ | المستنير بن يزيد النخعي | مجهول الحال |
سَيْفٌ | سيف بن عمر الضبي | متهم بالوضع |
عَمِّي | يعقوب بن إبراهيم القرشي / توفي في :208 | ثقة |
عُبَيْدُ اللَّهِ | عبيد الله بن سعد القرشي / توفي في :260 | ثقة |
سَيْفٌ | سيف بن عمر الضبي | متهم بالوضع |
شُعَيْبٌ | شعيب بن إبراهيم الكوفي | ضعيف الحديث |
السَّرِيُّ | السري بن يحيى التميمي | ثقة |