قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَيْفٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، وَطَلْحَةَ بْنِ الأَعْلَمِ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَأَمَّا السَّرِيُّ فَإِنَّهُ ، قَالَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، وَطَلْحَةَ بْنِ الأَعْلَمِ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، قَالا : " وَلَمَّا أَصَابَ خَالِدٌ يَوْمَ الولجةِ مَنْ أَصَابَ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ مِنْ نَصَارَاهُمُ الَّذِينَ أَعَانُوا أَهْلَ فَارِسٍ ، غَضَبَ لَهُم نَصَارَى قَوْمِهِمْ ، فَكَاتَبُوا الأَعَاجِمَ وَكَاتَبَتْهُمُ الأَعَاجِمُ ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى أُلَيْسَ وَعَلَيْهِمْ عَبْدُ الأَسْوَدِ الْعِجْلِيُّ ، وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى أُولَئِكَ النَّصَارَى مُسْلِمُو بَنِي عِجْلٍ : عُتَيْبَةُ بْنُ النَّهَّاسِ ، وَسَعِيدُ بْنُ مُرَّةَ ، وَفُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ ، وَالْمُثَنَّى بْنُ لاحِقٍ ، وَمَذْعُورُ بْنُ عَدِيٍّ . وَكَتَبَ أَرْدشِيرُ إِلَى بهمنَ جَاذُوَيْهِ وَهُوَ بِقُسْيَاثَا ، وَكَانَ رَافِدَ فَارِسَ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ شَهْرِهِمْ ، وَبَنَوْا شُهُورَهُمْ ، كُلَّ شَهْرٍ عَلَى ثَلاثِينَ يَوْمًا ، وَكَانَ لأَهْلِ فَارِسَ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَافِدٌ قَدْ نُصِّبَ لِذَلِكَ يَرْفُدُهُمْ عِنْدَ الْمَلِكِ . فَكَانَ رَافِدُهُمْ بهمنُ روزان ، أَنْ سِرْ حَتَّى تَقْدِمَ أُلَيْسَ بِجَيْشِكَ إِلَى مَنِ اجْتَمَعَ بِهَا مِنْ فَارِسَ وَنَصَارَى الْعَرَبِ ، فَقَدَّمَ بِهِمْ جَاذُوَيْهِ جَابَانَ وَأَمَرَهُ بِالْحَثِّ ، وَقَالَ : كَفْكِفْ نَفْسَكَ وَجُنْدَكَ مِنْ قِتَالِ الْقَوْمِ حَتَّى أَلْحَقَ بِكَ ، إِلا أَنْ يَعْجَلُوكَ . فَسَارَ جَابَانُ نَحْوَ أُلَيْسَ ، وَانْطَلَقَ بهمنُ جَاذُوَيْهِ إِلَى أردشيرَ لِيحدثَ بِهِ عَهْدًا وَلِيَسْتَأْمِرَهُ فِيمَا يُرِيدُ أَنْ يُشِيرَ بِهِ ، فَوَجَدَهُ مَرِيضًا فَعَرَجَ عَلَيْهِ ، وَأَخْلَى جَابَانُ بِذَلِكَ الْوَجْهِ وَمَضَى حَتَّى أَتَى أُلَيْسَ ، فَنَزَلَ بِهَا فِي صَفَرٍ وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْه الْمَسَالِحُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَرَبِ ، وَعَبْدُ الأَسْوَدِ فِي نَصَارَى الْعَرَبِ مِنْ بَنِي عِجْلٍ وَتَيْمِ اللاتِ وَضُبَيْعَةَ وَعَرَبِ الضَّاحِيَةِ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ ، وَكَانَ جَابِرُ بْنُ بُجَيْرٍ نَصْرَانِيًّا فَسَانَدَ عَبْدَ الأَسْوَدِ . وَقَدْ كَانَ خَالِدٌ بَلَغَهُ تَجَمُّعُ عَبْدِ الأَسْوَدِ وَجَابِرٍ وَزُهَيْرٍ فِيمَنْ تَأَشَّبَ إِلَيْهِمْ ، فَنَهَدَ لَهُمْ وَلا يَشْعُرُ بِدُنُوِّ جَابَانَ ، وَلَيْسَتْ لِخَالِدٍ هِمَّةٌ إِلا مَنْ تَجَمَّعَ لَهُ مِنْ عَرَبِ الضَّاحِيَةِ وَنَصَارَاهُمْ فَأَقْبَلَ ، فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى جَابَانَ بِأُلَيْسَ ، قَالَتِ الأَعَاجِمُ لِجَابَانَ : أَنُعَاجِلُهُمْ أَمْ لا نُرِيهِمْ إِنَّا نَحْفَلُ بِهِمْ ثُمَّ نُقَاتِلُهُمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ ؟ فَقَالَ جَابَانُ : إِنْ تَرَكُوكُمْ وَالتَّهَاوُنَ بِكُمْ فَتَهَاوَنُوا ، وَلَكِنْ ظَنِّي بِهِمْ أَنْ سَيَعْجَلُوكُمْ وَيُعَاجِلُونَكُمْ عَنِ الطَّعَامِ . فَعَصَوْهُ وَبَسَطُوا الْبُسُطَ وَوَضَعُوا الأَطْعِمَةَ ، وَتَدَاعَوْا إِلَيْهَا وَتَوَافَوْا إِلَيْهَا ، فَلَمَّا انْتَهَى خَالِدٌ إِلَيْهِمْ وَقَفَ ، وَأَمَرَ بِحَطِّ الأَثْقَالِ ، فَلَمَّا وُضِعَتْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ وَوَكَّلَ خَالِدٌ بِنَفْسِهِ حَوَامِي يَحْمُونَ ظَهْرَهُ ، ثُمَّ نَدَرَ أَمَامَ الصَّفِّ ، فَنَادَى : أَيْنَ أَبْجَرُ ؟ أَيْنَ عَبْدُ الأَسْوَدِ ؟ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ قَيْسٍ ؟ رجل من جذرة فَنَكَلُوا عَنْهُ جَمِيعًا إِلا مَالِكًا فَبَرَزَ لَهُ . فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ : يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ مَا جَرَّأَكَ عَلَيَّ مِنْ بَيْنِهِمْ وَلَيْسَ فِيكَ وَفَاءٌ ، فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ ، وَأَجْهَضَ الأَعَاجِمَ عَنْ طَعَامِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلُوا ، فَقَالَ جَابَانُ : أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ يَا قَوْمُ ، أَمَا وَاللَّهِ مَا دَخَلَتْنِي مِنْ رَئِيسٍ وَحْشَةٌ قَطُّ حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ . فَقَالُوا حَيْثُ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الأَكْلِ تَجَلُّدَا : نَدَعَهَا حَتَّى نَفْرُغَ مِنْهُمْ وَنَعُودَ إِلَيْهَا . فَقَالَ جَابَانُ : وَأَيْضًا أَظُنُّكُمْ وَاللَّهِ لَهُمْ وَضَعْتُمُوهَا وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ، فَالآنَ فَأَطِيعُونِي سِمُّوهَا ، فَإِنْ كَانَتْ لَكُمْ ، فَأَهْوَنُ هَالِكٍ ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكُمْ ؛ كُنْتُمْ قَدْ صَنَعْتُمْ شَيْئًا وَأَبْلَيْتُمْ عُذْرًا . فَقَالُوا لا اقْتِدَارَ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ جَابَانُ عَلَى مُجَنِّبَتَيْهِ عَبْدَ الأَسْوَدِ وَأَبْجَرَ . وَخَالِدٌ عَلَى تَعْبِيتِهِ فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلِهَا فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا ، وَالْمُشْرِكُونَ يَزِيدُهُمْ كَلَبًا وَشِدَّةً مَا يَتَوَقَّعُونَ مِنْ قُدُومِ بهمنَ جَاذُوَيْهِ ، فَصَابَرُوا الْمُسْلِمِينَ لِلَّذِي كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يُصَيِّرَهُمْ إِلَيْهِ ، وَحَرِبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ ، وَقَالَ خَالِدٌ : اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ إِنْ مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ ، أَلا أَسْتَبْقِي مِنْهُمْ أَحَدًا قَدَرْنَا عَلَيْهِ حَتَّى أُجْرِيَ نَهْرَهُمْ بِدِمَائِهِمْ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَشَفَهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَنَحَهُمْ أَكْتَافَهُمْ ، فَأَمَرَ خَالِدٌ مُنَادِيَهُ فَنَادَى فِي النَّاسِ الأَسْرَ الأَسْرَ ، لا تَقْتُلُوا إِلا مَنِ امْتَنَعَ ، فَأَقْبَلَتِ الْخُيُولُ بِهِمْ أَفْوَاجًا مُسْتَأْسَرِينَ يُسَاقُونَ سَوْقًا ، وَقَدْ وَكَّلَ بِهِم رِجَالا يَضْرِبُونَ أَعْنَاقَهُمْ فِي النَّهْرِ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَطَلَبُوهُمُ الْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّهْرَيْنِ وَمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ جَوَانِبِ أُلَيْسَ ، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ ، وَقَالَ لَهُ الْقَعْقَاعُ وَأَشْبَاهٌ لَهُ : لَوْ أَنَّكَ قَتَلْتَ أَهْلَ الأَرْضِ لَمْ تَجْرِ دِمَاؤُهُمْ ، إِنَّ الدِّمَاءَ لا تَزِيدُ عَلَى أَنْ تَرَقْرَقَ مُنْذُ نَهَيْتَ عَنِ السَّيَلانِ وَنُهِيَتِ الأَرْضُ عَنْ نَشْفِ الدِّمَاءِ . فَأَرْسِلْ عَلَيْهَا الْمَاءَ تَبَرَّ يَمِينُكَ ، وَقَدْ كَانَ صَدَّ الْمَاءَ عَنِ النَّهْرِ فَأَعَادَهُ فَجَرَى دَمًا عَبِيطًا ، فَسُمِّيَ نَهْرَ الدَّمِ لِذَلِكَ الشَّأْنِ إِلَى الْيَوْمِ . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَشِيرُ بْنُ الْخَصَّاصِيَّةِ ، قَالَ : وَبَلَغَنَا أَنَّ الأَرْضَ لَمَّا نَشَّفَتْ دَمَ ابْنِ آدَمَ نُهِيَتْ عَنْ نَشْفِ الدِّمَاءِ ، وَنُهِيَ الدَّمُ عَنِ السَّيَلانِ إِلا مِقْدَارَ برْدِهِ ، وَلَمَّا هُزِمَ الْقَوْمُ وَأُجْلَوْا عَنْ عَسْكَرِهِمْ وَرَجَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ طَلَبِهِمْ وَدَخَلُوهُ ، وَقَفَ خَالِدٌ عَلَى الطَّعَامِ ، فَقَالَ قَدْ نَفَّلْتُكُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ ، وَقَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى عَلَى طَعَامٍ مَصْنُوعٍ نَفَّلَهُ " ، فَقَعَدَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ لِعَشَائِهِمْ بِاللَّيْلِ ، وَجَعَلَ مَنْ لَمْ يَرَ الأَرْيَافَ وَلا يَعْرِفَ الرِّقَاقَ ، يَقُولُ : مَا هَذِهِ الرِّقَاعُ الْبِيضِ ؟ وَجَعَلَ مَنْ قَدْ عَرَفَهَا يُجِيبُهُمْ ، وَيَقُولُ لَهُمْ مَازِحًا : هَلْ سَمِعْتُمْ بِرَقِيقِ الْعَيْشِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُونَ : هُوَ هَذَا . فَسُمِّيَ الرِّقَاقُ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ الْقَرَى " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
الْمُغِيرَةِ بْنِ عُتَيْبَةَ | المغيرة بن عتبة العجلي | صدوق حسن الحديث |
وَطَلْحَةَ بْنِ الأَعْلَمِ | طلحة بن الأعلم الحنفي | صدوق حسن الحديث |
أَبِي عُثْمَانَ | يزيد بن أسيد الغساني | مجهول الحال |
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ | محمد بن عبيد الله العرزمي / ولد في :75 / توفي في :153 | متروك الحديث |
سَيْفٍ | سيف بن عمر الضبي | متهم بالوضع |
شُعَيْبٌ | شعيب بن إبراهيم الكوفي | ضعيف الحديث |
السَّرِيُّ | السري بن يحيى التميمي | ثقة |
الْمُغِيرَةِ بْنِ عُتَيْبَةَ | المغيرة بن عتبة العجلي | صدوق حسن الحديث |
وَطَلْحَةَ بْنِ الأَعْلَمِ | طلحة بن الأعلم الحنفي | صدوق حسن الحديث |
أَبِي عُثْمَانَ | يزيد بن أسيد الغساني | مجهول الحال |
مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ | محمد بن طلحة المطلبي / توفي في :111 | ثقة |
سَيْفٌ | سيف بن عمر الضبي | متهم بالوضع |
عَمِّي | يعقوب بن إبراهيم القرشي / توفي في :208 | ثقة |
عُبَيْدُ اللَّهِ | عبيد الله بن سعد القرشي / توفي في :260 | ثقة |