حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، وَابْنُ مِخْنَفٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَيُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب لَمَّا طُعِنَ ، قِيلَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوِ اسْتَخْلَفْتَ . قَالَ : مَنْ أَسْتَخْلِفُ ؟ لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَيًّا اسْتَخْلَفْتُهُ ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي . قُلْتُ : سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ : إِنَّهُ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةُ ، وَلَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ حَيًّا اسْتَخْلَفْتُهُ ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي . قُلْتُ : سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ : إِنَّ سَالِمًا شَدِيدُ الْحُبِّ لِلَّهِ . فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَدُلُّكَ عَلَيْهِ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فَقَالَ : قَاتَلَكَ اللَّهُ ، وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَذَا وَيْحَكَ ، كَيْفَ أَسْتَخْلِفُ رَجُلا عَجَزَ عَنْ طَلاقِ امْرَأَتِهِ ، لا أَرَبَ لَنَا فِي أُمُورِكُمْ ، مَا حَمِدْتُهَا فَأَرْغَبُ فِيهَا لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ، إِنْ كَانَ خَيْرًا فَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَشَرْعُنَا إِلَى عُمَرَ ، بِحَسْبِ آلِ عُمَرَ أَنْ يُحَاسَبَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ ، وَيُسْأَلَ عَنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ، أَمَا لَقَدْ جَهِدْتُ نَفْسِي ، وَحَرَّمْتُ أَهْلِي ، وَإِنْ نَجَوْتُ كَفَافًا لا وِزْرَ وَلا أَجْرَ ، إِنِّي لَسَعِيدٌ ، وَانْظُرْ فَإِنِ اسْتَخْلَفْتُ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، وَإِنْ أَتْرُكُ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، وَلَنْ يُضَيِّعَ اللَّهُ دِينَهُ ، فَخَرَجُوا ثُمَّ رَاحُوا . فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ عَهِدْتَ عَهْدًا . فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أَجْمَعْتُ بَعْدُ مَقَالَتِي لَكُمْ ، أَنْ أَنْظُرَ فَأُوَلِّيَ رَجُلا أَمْرَكُمْ ، هُوَ أَحْرَاكُمْ أَنْ يَحْمِلَكُمْ عَلَى الْحَقِّ ، وَأَشَارَ إِلَى عَلِيٍّ ، وَرَهَقَتْنِي غَشْيَةٌ ، فَرَأَيْتُ رَجُلا دَخَلَ جَنَّةً قَدْ غَرَسَهَا ، فَجَعَلَ يَقْطِفُ كُلَّ غَضَّةٍ وَيَانِعَةٍ ، فَيَضُمُّهُ إِلَيْهِ وَيُصَيِّرُهُ تَحْتَهُ ، فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ غَالِبٌ أَمْرَهُ وَمُتَوَفٍّ عُمَرَ ، فَمَا أُرِيدُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا ، عَلَيْكُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ مِنْهُمْ ، وَلَسْتُ مُدْخِلَهُ ، وَلَكِنِ السِّتَّةُ : عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ ابْنَا عَبْدِ مَنَافٍ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٌ خَالا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ حَوَارِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَابْنُ عَمَّتِهِ ، وَطَلْحَةُ الْخَيْرِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، فَلْيَخْتَارُوا مِنْهُمْ رَجُلا ، فَإِذَا وَلُّوا وَالِيًا فَأَحْسِنُوا مُؤَازَرَتَهُ وَأَعِينُوهُ ، إِنِ ائْتَمَنَ أَحَدًا مِنْكُمْ فَلْيُؤَدِّ إِلَيْهِ أَمَانَتَهُ . وَخَرَجُوا ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ : لا تَدْخُلْ مَعَهُمْ . قَالَ : أَكْرَهُ الْخِلافَ . قَالَ : إِذًا تَرَى مَا تَكْرَهُ . فَلَمَّا أَصْبَحَ عُمَرُ دَعَا عَلِيًّا ، وَعُثْمَانَ ، وَسَعْدًا ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، فَقَالَ : إِنِّي نَظَرْتُ فَوَجَدْتُكُمْ رُؤَسَاءَ النَّاسِ وَقَادَتَهُمْ ، وَلا يَكُونُ هَذَا الأَمْرُ إِلا فِيكُمْ ، وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْكُمْ رَاضٍ ، إِنِّي لا أَخَافُ النَّاسَ عَلَيْكُمْ إِنِ اسْتَقَمْتُمْ ، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ اخْتِلافَكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ ، فَيَخْتَلِفَ النَّاسُ ، فَانْهَضُوا إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ بِإِذْنٍ مِنْهَا ، فَتَشَاوَرُوا ، وَاخْتَارُوا رَجُلا مِنْكُمْ ، ثُمَّ قَالَ : لا تَدْخُلُوا حُجْرَةَ عَائِشَةَ ، وَلَكِنْ كُونُوا قَرِيبًا . وَوَضَعَ رَأْسَهُ ، وَقَدْ نَزَفَهُ الدَّمُ فَدَخَلُوا فَتَنَاجَوْا ، ثُمَّ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَمُتْ بَعْدُ . فَأَسْمَعَهُ فَانْتَبَهَ ، فَقَالَ : أَلا أَعْرِضُوا عَنْ هَذَا أَجْمَعُونَ ، فَإِذَا مِتُّ فَتَشَاوَرُوا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، وَلِيُصَلِّ بِالنَّاسِ صُهَيْبٌ ، وَلا يَأْتِيَنَّ الْيَوْمُ الرَّابِعُ إِلا وَعَلَيْكُمْ أَمِيرٌ مِنْكُمْ ، وَيَحْضُرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشِيرًا وَلا شَيْءَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ ، وَطَلْحَةُ شَرِيكُكُمْ فِي الأَمْرِ ، فَإِنْ قَدِمَ فِي الأَيَّامِ الثَّلاثَةِ فَأَحْضِرُوهُ أَمْرَكُمْ ، وَإِنْ مَضَتِ الأَيَّامُ الثَّلاثَةُ قَبْلَ قُدُومِهِ فَاقْضُوا أَمْرَكُمْ ، وَمَنْ لِي بِطَلْحَةَ ؟ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ : أَنَا لَكَ بِهِ ، وَلا يُخَالِفُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . فَقَالَ عُمَرُ : أَرْجُو أَلا يُخَالِفَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَمَا أَظُنُّ أَنْ يَلِيَ إِلا أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ : عَلِيٌّ ، أَوْ عُثْمَانُ ، فَإِنْ وُلِّيَ عُثْمَانُ فَرَجُلٌ فِيهِ لِينٌ ، وَإِنْ وُلِّيَ عَلِيٌّ فَفِيهِ دُعَابَةٌ ، وَأَحَرَّ بِهِ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ ، وَإِنْ تُوَلُّوا سَعْدًا فَأَهْلُهَا هُوَ ، وَإِلا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ الْوَالِي ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ خِيَانَةٍ وَلا ضَعْفٍ ، وَنِعْمَ ذُو الرَّأْيِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مُسَّدَدٌ رَشِيدٌ ، لَهُ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، فَاسْمَعُوا مِنْهُ ، وَقَالَ لأَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ : يَا أَبَا طَلْحَةَ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ طَالَمَا أَعَزَّ الإِسْلامَ بِكُمْ ، فَاخْتَرْ خَمْسِينَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ ، فَاسْتَحِثَّ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ حَتَّى يَخْتَارُوا رَجُلا مِنْهُمْ ، وَقَالَ لِلْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ : إِذَا وَضَعْتُمُونِي فِي حُفْرَتِي ، فَاجْمَعْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ فِي بَيْتٍ ، حَتَّى يَخْتَارُوا رَجُلا مِنْهُمْ ، وَقَالَ لِصُهَيْبٍ : صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، وَأَدْخِلْ عَلِيًّا ، وَعُثْمَانَ ، وَالزُّبَيْرَ ، وَسَعْدًا ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ ، إِنْ قَدِمَ ، وَأَحْضِرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، وَلا شَيْءَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ ، وَقُمْ عَلَى رُءُوسِهِمْ ، فَإِنِ اجْتَمَعَ خَمْسَةٌ وَرَضُوا رَجُلا ، وَأَبَى وَاحِدٌ ، فَاشْدَخْ رَأْسَهُ ، أَوِ اضْرِبْ رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ ، وَإِنِ اتَّفَقَ أَرْبَعَةٌ فَرَضُوا رَجُلا مِنْهُمْ ، وَأَبَى اثْنَانِ فَاضْرِبْ رُءُوسَهُمَا ، فَإِنْ رَضِيَ ثَلاثَةٌ رَجُلا مِنْهُمْ ، وَثَلاثَةٌ رَجُلا مِنْهُمْ ، فَحَكِّمُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ حَكَمَ لَهُ فَلْيَخْتَارُوا رَجُلا مِنْهُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، فَكُونُوا مَعَ الَّذِينَ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، وَاقْتُلُوا الْبَاقِينَ إِنْ رَغِبُوا عَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ . فَخَرَجُوا ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِقَوْمٍ كَانُوا مَعَهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ : إِنْ أُطِيعُ فِيكُمْ قَوْمَكُمْ لَمْ تُؤَمَّرُوا أَبَدًا . وَتَلَقَّاهُ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ : عَدَلْتَ عَنَّا . فَقَالَ : وَمَا عِلْمُكَ ؟ قَالَ : قَرَنَ بِي عُثْمَانَ . وَقَالَ : كُونُوا مَعَ الأَكْثَرِ ، فَإِنْ رَضِيَ رَجُلانِ رَجُلا ، وَرَجُلانِ رَجُلا فَكُونُوا مَعَ الَّذِينَ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، فَسَعْدٌ لا يُخَالِفُ ابْنَ عَمِّهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ صِهْرُ عُثْمَانَ لا يَخْتَلِفُونَ ، فَيُوَلِّيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُثْمَانَ ، أَوْ يُوَلِّيهَا عُثْمَانُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، فَلَوْ كَانَ الآخَرَانِ مَعِي لَمْ يَنْفَعَانِي بِهِ ، إِنِّي لا أَرْجُو إِلا أَحَدَهُمَا . فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ : لَمْ أَرْفَعْكَ فِي شَيْءٍ ، إِلا رَجَعْتَ إِلَيَّ مُسْتَأْخِرًا بِمَا أَكْرَهُ ، أَشَرْتُ عَلَيْكَ عِنْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَسْأَلَهُ : فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ ؟ فَأَبَيْتَ ، وَأَشَرْتُ عَلَيْكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَنْ تُعَاجِلَ الأَمْرَ فَأَبَيْتَ ، وَأَشَرْتُ عَلَيْكَ حِينَ سَمَّاكَ عُمَرُ فِي الشُّورَى أَلا تَدْخُلَ مَعَهُمْ فَأَبَيْتَ ، احْفَظْ عَنِّي وَاحِدَةً ، كُلَّمَا عَرَضَ عَلَيْكَ الْقَوْمُ ، فَقُلْ : لا . إِلا أَنْ يُوَلُّوكَ ، وَاحْذَرْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ ، فَإِنَّهُمْ لا يَبْرَحُونَ يَدْفَعُونَنَا عَنْ هَذَا الأَمْرِ ، حَتَّى يَقُومَ لَنَا بِهِ غَيْرُنَا ، وَايْمُ اللَّهِ لا يَنَالُهُ إِلا بِشَرٍّ لا يَنْفَعُ مَعَهُ خَيْرٌ . فَقَالَ عَلِيٌّ : أَمَا لَئِنْ بَقِيَ عُثْمَانُ لأُذَكِّرَنَّهُ مَا أَتَى ، وَلَئِنْ مَاتَ لَيَتَدَاوَلُنَّهَا بَيْنَهُمْ ، وَلَئِنْ فَعَلُوا لَيَجِدُنِّي حَيْثُ يَكْرَهُونَ ، ثُمَّ تَمَثَّلَ : حَلَفْتُ بِرَبِّ الرَّاقِصَاتِ عَشِيَّةً غَدَوْنَ خِفَافًا فَابْتَدَرْنَ الْمُحَصَّبَا لِيَخْتَلِيَنَّ رَهَطُ ابْنِ يَعْمُرَ مَارِئَا نَجِيعًا بَنُو الشَّدَّاخِ وِرْدًا مُصَلَّبَا وَالْتَفَتَ ، فَرَأَى أَبَا طَلْحَةَ فَكَرِهَ مَكَانَهُ ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : لم ترع أَبَا الْحَسَنِ . فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ وَأُخْرِجَتْ جِنَازَتُهُ ، تَصَدَّى عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ أَيُّهُمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : كِلاكُمَا يُحِبُّ الإِمْرَةَ لَسْتُمَا مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ ، هَذَا إِلَى صُهَيْبٍ اسْتَخْلَفَهُ عُمَرُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثَلاثًا ، حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ . فَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ ، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ ، جَمَعَ الْمِقْدَادُ أَهْلَ الشُّورَى فِي بَيْتِ الْمُسَوَّرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، وَيُقَالُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، وَيُقَالُ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ بِإِذْنِهَا ، وَهُمْ خَمْسَةٌ ، مَعَهُمُ ابْنُ عُمَرَ ، وَطَلْحَةُ غَائِبٌ ، وَأَمَرُوا أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَحْجِبَهُمْ ، وَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَجَلَسَا بِالْبَابِ ، فَحَصَبَهُمَا سَعْدٌ وَأَقَامَهُمَا ، وَقَالَ : تُرِيدَانِ أَنْ تَقُولا حَضَرْنَا ، وَكُنَّا فِي أَهْلِ الشُّورَى . فَتَنَافَسَ الْقَومُ فِي الأَمْرِ ، وَكَثُرَ بَيْنَهُمُ الْكَلامُ ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : أَنَا كُنْتُ لأَنْ تَدْفَعُوهَا ، أَخْوَفُ مِنِّي لأَنْ تَنَافَسُوهَا ، لا وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِ عُمَرَ لا أُزِيدَكُمْ عَلَى الأَيَّامِ الثَّلاثَةِ الَّتِي أُمِرْتُمْ ، ثُمَّ أَجْلِس فِي بَيْتِي فَأَنْظُر مَا تَصْنَعُونَ . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : أَيُّكُمْ يُخْرِجُ مِنْهَا نَفْسَهُ ، وَيَتَقَلَّدُهَا عَلَى أَنْ يُوَلِّيَهَا أَفْضَلَكُمْ . فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ، فَقَالَ : فَأَنَا أَنْخَلِعُ مِنْهَا . فَقَالَ عُثْمَانُ : أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : أَمِينٌ فِي الأَرْضِ أَمِينٌ فِي السَّمَاءِ . فَقَالَ الْقَوْمُ : قَدْ رَضِينَا . وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ ، فَقَالَ : مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْحَسَنِ ؟ قَالَ : أَعْطِنِي مَوْثِقًا ، لَتُؤْثِرُنَّ الْحَقَّ ، وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى ، وَلا تَخُصَّ ذَا رَحِمٍ ، وَلا تَأْلُو الأُمَّةَ . فَقَالَ : أَعْطُونِي مَوَاثِيقَكُمْ ، عَلَى أَنْ تَكُونُوا مَعِي عَلَى مَنْ بَدَّلَ وَغَيَّرَ ، وَأَنْ تَرْضَوْا مَنِ اخْتَرْتُ لَكُمْ عَلَيَّ مِيثَاقُ اللَّهِ ، أَلا أَخُصَّ ذَا رَحِمٍ لِرَحِمِهِ ، وَلا آلُو الْمُسْلِمِينَ . فَأَخَذَ مِنْهُمْ مِيثَاقًا ، وَأَعْطَاهُمْ مِثْلَهُ ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ : إِنَّكَ تَقُولُ إِنِّي أَحَقُّ مَنْ حَضَرَ بِالأَمْرِ ، لِقَرَابَتِكَ ، وَسَابِقَتِكَ ، وَحُسْنِ أَثَرِكَ فِي الدِّينِ وَلَمْ تُبْعَدْ ، وَلَكِنْ أَرَأَيْتَ لَوْ صُرِفَ هَذَا الأَمْرُ عَنْكَ فَلَمْ تَحْضُرْ ، مَنْ كُنْتَ تَرَى مِنْ هَؤُلاءِ الرَّهْطِ أَحَقَّ بِالأَمْرِ ؟ قَالَ : عُثْمَانُ . وَخَلا بِعُثْمَانَ ، فَقَالَ : تَقُولُ شَيْخٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، وَصِهْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ عَمِّهِ ، لِي سَابِقَةٌ وَفَضْلٌ لَمْ تُبْعَدْ ، فَلَنْ يُصْرَفْ هَذَا الأَمْرُ عَنِّي ، وَلَكِنْ لَوْ لَمْ تَحْضُرْ ، فَأَيُّ هَؤُلاءِ الرَّهْطِ تَرَاهُ أَحَقَّ بِهِ ؟ قَالَ : عَلِيٌّ . ثُمَّ خَلا بِالزُّبَيْرِ ، فَكَلَّمَهُ بِمِثْلِ مَا كَلَّمَ بِهِ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ ، فَقَالَ : عُثْمَانُ . ثُمَّ خَلا بِسَعْدٍ ، فَكَلَّمَهُ ، فَقَالَ : عُثْمَانُ . فَلَقِيَ عَلِيٌّ سَعْدًا ، فَقَالَ : وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا سورة النساء آية 1 أَسْأَلُكَ بِرَحِمِ ابْنِي هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبِرَحِمِ عَمِّي حَمْزَةَ مِنْكَ ، أَلا تَكُونَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِعُثْمَانَ ظَهِيرًا عَلَيَّ ، فَإِنِّي أُدْلِي بِمَا لا يُدْلِي بِهِ عُثْمَانُ ، وَدَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَيَالِيَهُ يَلْقَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ وَافَى الْمَدِينَةَ مِنْ أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ ، وَأَشْرَافِ النَّاسِ يُشَاوِرُهُمْ ، وَلا يَخْلُو بِرَجُلٍ إِلا أَمَرَهُ بِعُثْمَانَ ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَسْتَكْمِلُ فِي صَبِيحَتِهَا الأَجَلُ ، أَتَى مَنْزِلَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ بَعْدَ ابْهِيرَارٍ مِنَ اللَّيْلِ فَأَيْقَظَهُ ، فَقَالَ : أَلا أَرَاكَ نَائِمًا وَلَمْ أَذُقْ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ كَثِيرَ غَمْضٍ ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا . فَدَعَاهُمَا ، فَبَدَأَ بِالزُّبَيْرِ فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ فِي الصُّفَّةِ الَّتِي تَلِي دَارَ مَرْوَانَ ، فَقَالَ لَهُ : خَلِّ ابْنَيْ عَبْدِ مَنَافٍ وَهَذَا الأَمْرِ . قَالَ : نَصِيبِي لِعَلِيٍّ . وَقَالَ لِسَعْدٍ : أَنَا وَأَنْتَ كَلالَةٌ ، فَاجْعَلْ نَصِيبُكَ لِي ، فَأَخْتَارُ . قَالَ : إِنِ اخْتَرْتَ نَفْسَكَ فَنَعَمْ ، وَإِنِ اخْتَرْتَ عُثْمَانَ فَعَلِيٌّ أَحَبُّ إِلَيَّ ، أَيُّهَا الرَّجُلُ بَايِعْ لِنَفْسِكَ وَأَرِحْنَا وَارْفَعْ رُءُوسَنَا . قَالَ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنِّي قَدْ خَلَعْتُ نَفْسِي مِنْهَا عَلَى أَنْ أَخْتَارُ ، وَلَوْ لَمْ أَفْعَلْ وَجُعِلَ الْخِيَارُ إِلَيَّ ، لَمْ أَرُدَّهَا ، إِنِّي أُرِيتُ كَرَوْضَةٍ خَضْرَاءَ كَثِيرَةِ الْعُشْبِ ، فَدَخَلَ فَحْلٌ فَلَمْ أَرَ فَحْلا قَطُّ أَكْرَمَ مِنْهُ ، فَمَرَّ كَأَنَّهُ سَهْمٌ لا يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا فِي الرَّوْضَةِ حَتَّى قَطَعَهَا ، لَمْ يُعَرِّجْ ، وَدَخَلَ بَعِيرٌ يَتْلُوهُ ، فَاتَّبَعَ أَثَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الرَّوْضَةِ ، ثُمَّ دَخَلَ فَحْلٌ عَبْقَرِيٌّ يَجُرُّ خِطَامَهُ يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالا ، وَيَمْضِي قَصْدَ الأَوَّلِينَ حَتَّى خَرَجَ ، ثُمَّ دَخَلَ بَعِيرٌ رَابِعٌ فَرَتَعَ فِي الرَّوْضَةِ ، وَلا وَاللَّهِ لا أَكُونُ الرَّابِعَ ، وَلا يَقُومُ مَقَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَهُمَا أَحَدٌ ، فَيَرْضَى النَّاسُ عَنْهُ ، قَالَ سَعْدٌ : فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ الضَّعْفُ قَدْ أَدْرَكَكَ ، فَامْضِ لِرَأْيِكَ ، فَقَدْ عَرَفْتَ عَهْدَ عُمَرَ . وَانْصَرَفَ الزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ ، وَأَرْسَلَ الْمُسَوَّرَ بْنَ مَخْرَمَةَ إِلَى عَلِيٍّ فَنَاجَاهُ طَوِيلا ، وَهُوَ لا يَشُكُّ أَنَّهُ صَاحِبُ الأَمْرِ ، ثُمَّ نَهَضَ وَأَرْسَلَ الْمُسَوَّرَ إِلَى عُثْمَانَ ، فَكَانَ فِي نَجِيِّهِمَا حَتَّى فَرَقَ بَيْنَهُمَا أَذَانُ الصُّبْحِ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ ، قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : يَا عَمْرُو مَنْ أَخْبَرَكَ ، أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا كَلَّمَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ ، فَقَدْ قَالَ بِغَيْرِ عِلْمٍ . فَوَقَعَ قَضَاءُ رَبِّكَ عَلَى عُثْمَانَ ، فَلَمَّا صَلَّوُا الصُّبْحَ جَمَعَ الرَّهْطَ ، وبَعَثَ إِلَى مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَأَهْلِ السَّابِقَةِ وَالْفَضْلِ مِنَ الأَنْصَارِ ، وَإِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ ، فَاجْتَمَعُوا حَتَّى الْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَحَبُّوا أَنْ يَلْحَقَ أَهْلُ الأَمْصَارِ بِأَمْصَارِهِمْ ، وَقَدْ عَلِمُوا مَنْ أَمِيرُهُمْ . فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ : إِنَّا نَرَاكَ لَهَا أَهْلا . فَقَالَ : أَشِيرُوا عَلَيَّ بِغَيْرِ هَذَا . فَقَالَ عَمَّارٌ : إِنْ أَرَدْتَ أَلا يَخْتَلِفَ الْمُسْلِمُونَ فَبَايِعْ عَلِيًّا ، فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ : صَدَقَ عَمَّارٌ ، إِنْ بَايَعْتَ عَلِيًّا ، قُلْنَا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا . قَالَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ : إِنْ أَرَدْتَ أَلا تَخْتَلِفَ قُرَيْشٌ ، فَبَايِعْ عُثْمَانَ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ : صَدَقَ إِنْ بَايَعْتَ عُثْمَانَ ، قُلْنَا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا . فَشَتَمَ عَمَّارٌ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ ، وَقَالَ : مَتَّى كُنْتَ تَنْصَحُ الْمُسْلِمِينَ ؟ فَتَكَلَّمَ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو أُمَيَّةَ ، فَقَالَ عَمَّارٌ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَكْرَمَنَا بِنَبِيِّهِ ، وَأَعَّزَنَا بِدِينِهِ ، فَأَنَّى تَصْرِفُونَ هَذَا الأَمْرَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ : لَقَدْ عَدَوْتَ طَوْرَكَ يَابْنَ سُمَيَّةَ ، وَمَا أَنْتَ وَتَأْمِيرُ قُرَيْشٍ لأَنْفُسِهَا . فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ افْرُغْ قَبْلَ أَنْ يُفْتَتَنَ النَّاسُ . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ وَشَاوَرْتُ ، فَلا تَجْعَلَنَّ أَيُّهَا الرَّهْطُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ سَبِيلا . وَدَعَا عَلِيًّا ، فَقَالَ : عَلَيْكَ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ ، لَتَعْمَلَنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ، وَسِيرَةِ الْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ . قَالَ : أَرْجُو أَنْ أَفْعَلَ ، وَأَعْمَلَ بِمَبْلِغِ عِلْمِي وَطَاقَتِي . وَدَعَا عُثْمَانَ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِعَلِيٍّ . قَالَ : نَعَمْ . فَبَايَعَهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : حَبَوْتَهُ حَبْوَ دَهْرٍ ، لَيْسَ هَذَا أَوَّلَ يَوْمٍ تَظَاهَرْتُمْ فِيهِ عَلَيْنَا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ سورة يوسف آية 18 وَاللَّهِ مَا وَلَّيْتَ عُثْمَانَ إِلا لِيُرَّدَ الأَمْرَ إِلَيْكَ ، وَاللَّهِ كُلُّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : يَا عَلِيُّ لا تَجْعَلْ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلا ، فَإِنِّي قَدْ نَظَرْتُ وَشَاوَرْتُ النَّاسَ ، فَإِذَا هُمْ لا يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ ، وَهُوَ يَقُولُ : سَيَبْلُغُ الْكِتَابُ أَجَلَهُ . فَقَالَ الْمِقْدَادُ : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتَهُ مِنَ الَّذِينَ يَقْضُونَ بِالْحَقِّ ، وَبِهِ يَعْدِلُونَ . فَقَالَ : يَا مِقْدَادُ ، وَاللَّهِ لَقَدِ اجْتَهَدْتُ لِلْمُسْلِمِينَ . قَالَ : إِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ بِذَلِكَ اللَّهَ ، فَأَثَابَكَ اللَّهُ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ . فَقَالَ الْمِقْدَادُ : مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ إِلَى أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ ، إِنِّي لأَعْجَبُ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّهُمْ تَرَكُوا رَجُلا ، مَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَعْلَمَ وَلا أَقْضَى مِنْهُ بِالْعَدْلِ ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَجِدُ عَلَيْهِ أَعْوَانًا . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : يَا مِقْدَادُ اتَّقِ اللَّهَ ، فَإِنِّي خَائِفٌ عَلَيْكَ الْفِتْنَةَ . فَقَالَ رَجُلٌ لِلْمِقْدَادِ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، مَنْ أَهْلُ هَذَا الْبَيْتِ ، وَمَنْ هَذَا الرَّجُلُ ؟ قَالَ : أَهْلُ الْبَيْتِ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَالرَّجُلُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . فَقَالَ عَلِيٌّ : إِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ إِلَى قُرَيْشٍ ، وَقُرَيْشٌ تَنْظُرُ إِلَى بَيْتِهَا . فَتَقُولُ : إِنْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ بَنُو هَاشِمٍ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُمْ أَبَدًا ، وَمَا كَانَتْ فِي غَيْرِهِمْ مِنْ قُرَيْشٍ تَدَاوَلْتُمُوهَا بَيْنَكُمْ . وَقَدِمَ طَلْحَةُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي بُويِعَ فِيهِ لِعُثْمَانَ ، فَقِيلَ لَهُ : بَايِعْ عُثْمَانَ . فَقَالَ : أَكُلُّ قُرَيْشٍ رَاضٍ بِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَأَتَى عُثْمَانَ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ إِنْ أَبَيْتَ رَدَدْتُهَا . قَالَ : أَتَرُدُّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : أَكُلُّ النَّاسِ بَايَعُوكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : قَدْ رَضِيتُ لا أُغْرِبُ عَمَّا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ ، وَبَايَعَهُ ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ أَصَبْتَ إِذْ بَايَعْتَ عُثْمَانَ . وَقَالَ لِعُثْمَانَ : لَوْ بَايَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ غَيْرَكَ مَا رَضِينَا . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : كَذَبْتَ يَا أَعْوَرُ ، لَوْ بَايَعْتُ غَيْرَهُ لَبَايَعْتَهُ ، وَلَقُلْتَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ . وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ : صَلَّى صُهَيْبٌ ثَلاثًا ثُمَّ أَرْسَلَهَا عَلَى ابْنِ عَفَّانَ مُلْكًا غَيْرَ مَقْصُورِ خِلافَةً مِنْ أَبِي بِكْرٍ لِصَاحِبِهِ كَانُوا أَخِلاءَ مَهْدِيٍّ وَمَأْمُورِ وَكَانَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ ، يَقُولُ : مَا رَأَيْتُ رَجُلا بَذَّ قَوْمًا فِيمَا دَخَلُوا فِيهِ ، بِأَشَدَّ مِمَّا بَذَّهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ | عمرو بن ميمون الأودي / توفي في :75 | ثقة |
وَيُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ | يونس بن أبي إسحاق السبيعي / توفي في :152 | صدوق حسن الحديث |
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ | عبيد الله بن عمر العدوي / توفي في :143 | ثقة ثبت |
وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ | مبارك بن فضالة القرشي / توفي في :164 | صدوق يدلس ويسوي |
عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ | العباس بن سهل الأنصاري / توفي في :120 | ثقة |
يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ | يوسف بن يزيد البصري / توفي في :180 | صدوق حسن الحديث |
وَابْنُ مِخْنَفٍ | لوط بن يحيى الكوفي / توفي في :157 | كذاب |
شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ | شهر بن حوشب الأشعري | صدوق كثير الإرسال والأوهام |
ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ | سعيد بن أبي عروبة العدوي | ثقة حافظ |
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ | محمد بن عبد الله الأنصاري / ولد في :118 / توفي في :212 | ثقة |
إِبْرَاهِيمَ | إبراهيم النخعي | ثقة |
الأَعْمَشِ | سليمان بن مهران الأعمش | ثقة حافظ |
وَكِيعٍ | وكيع بن الجراح الرؤاسي / ولد في :128 / توفي في :196 | ثقة حافظ إمام |
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ | علي بن أبي سيف القرشي / ولد في :131 / توفي في :224 | ثقة ثقة |
عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ | عمر بن أبي معاذ النميري / ولد في :173 / توفي في :262 | ثقة |