قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ ، يَذْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ ، قَالَ : " قَبَّحَ اللَّهُ مَرْوَانَ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ ، يَذْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ ، قَالَ : " قَبَّحَ اللَّهُ مَرْوَانَ ، خَرَجَ عُثْمَانُ إِلَى النَّاسِ فَأَعْطَاهُمُ الرِّضَا ، وَبَكَى عَلَى الْمِنْبَرِ وَبَكَى النَّاسُ ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى لِحْيَةِ عُثْمَانَ مُخَضَّلَةً مِنَ الدُّمُوعِ ، وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ ، وَاللَّهِ لَئِنْ رَدَّنِي الْحَقُّ إِلَى أَنْ أَكُونَ عَبْدًا قِنًّا لأَرْضَيَنَّ بِهِ ، إِذَا دَخَلْتُ مَنْزِلِي فَادْخُلُوا عَلَيَّ ، فَوَاللَّهِ لا أَحْتَجِبُ عَنْكُمْ ، وَلأُعْطِيَنَّكُمُ الرِّضَا ، وَلأَزِيدَنَّكُمْ عَلَى الرِّضَا ، وَلأُنْحِيَنَّ مَرْوَانَ وَذَوِيهِ . قَالَ : فَلَمَّا دَخَلَ أَمَرَ بِالْبَابِ فَفُتِحَ ، وَدَخَلَ بَيْتَهُ ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ ، فَلَمْ يَزَلْ يَفْتِلُهُ فِي الذِّرْوَةِ وَالْغَارِبِ ، حَتَّى فَتَلَهُ عَنْ رَأْيِهِ ، وَأَزَالَهُ عَمَّا كَانَ يُرِيدُ ، فَلَقَدْ مَكَثَ عُثْمَانُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مَا خَرَجَ اسْتِحْيَاءً مِنَ النَّاسِ ، وَخَرَجَ مَرْوَانُ إِلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : شَاهَتِ الْوُجُوهُ أَلا مَنْ أُرِيدَ ، ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ ، فَإِنْ يَكُنْ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَاجَةٌ بِأَحَدٍ مِنْكُمْ يُرْسِلْ إِلَيْهِ ، وَإِلا قَرَّ فِي بَيْتِهِ . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَجِئْتُ إِلَى عَلِيٍّ ، فَأَجِدُهُ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ ، وَأَجِدُ عِنْدَهُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ . وَهُمَا يَقُولانِ : صَنَعَ مَرْوَانُ بِالنَّاسِ ، وَصَنَعَ . قَالَ : فَأَقْبَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ . فَقَالَ : أَحَضَرْتَ خُطْبَةَ عُثْمَانَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : أَفَحَضَرْتَ مَقَالَةَ مَرْوَانَ لِلنَّاسِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ عَلِيٌّ : عِيَاذُ اللَّهِ يَا لِلْمُسْلِمِينَ ، إِنِّي إِنْ قَعَدْتُ فِي بَيْتِي ، قَالَ لِي : تَرَكْتَنِي وَقَرَابَتِي وَحَقِّي ، وَإِنِّي إِنْ تَكَلَّمْتُ فَجَاءَ مَا يُرِيدُ يَلْعَبُ بِهِ مَرْوَانُ ، فَصَارَ سِيقَةً لَهُ يَسُوقُهُ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ كِبَرِ السِّنِّ وَصُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ : فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ عُثْمَانَ : ائْتِنِي . فَقَالَ عَلِيٌّ بَصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ عَالٍ مُغْضَبٍ : قُلْ لَهُ : مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْكَ وَلا عَائِدٍ . قَالَ : فَانْصَرَفَ الرَّسُولُ . قَالَ : فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَيْلَتَيْنِ خَائِبًا ، فَسَأَلْتُ نَاتِلا غُلامَهُ : مِنْ أَيْنَ جَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ : كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ : فَغَدَوْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ لِي : جَاءَنِي عُثْمَانُ الْبَارِحَةَ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : إِنِّي غَيْرُ عَائِدٍ وَإِنِّي فَاعِلٌ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : بَعْدَ مَا تَكَلَّمْتَ بِهِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَعْطَيْتَ مِنْ نَفْسِكَ ، ثُمَّ دَخَلْتَ بَيْتَكَ ، وَخَرَجَ مَرْوَانُ إِلَى النَّاسِ فَشَتَمَهُمْ عَلَى بَابِكَ وَيُؤْذِيهِمْ . قَالَ : فَرَجَعَ ، وَهُوَ يَقُولُ : قَطَعْتَ رَحِمِي ، وَخَذَلْتَنِي ، وَجَرَّأْتَ النَّاسَ عَلَيَّ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَذُبُّ النَّاسَ عَنْكَ ، وَلَكِنِّي كُلَّمَا جِئْتُكَ بِهَنَةٍ أَظُنُّهَا لَكَ رِضًا ، جَاءَ بِأُخْرَى ، فَسَمِعْتَ قَوْلَ مَرْوَانَ عَلَيَّ ، وَاسْتَدْخَلْتَ مَرْوَانَ . قَالَ : ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ : فَلَمْ أَزَلْ أَرَى عَلِيًّا مُنْكِبًا عَنْهُ ، لا يَفْعَلُ مَا كَانَ يَفْعَلُ ، إِلا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ كَلَّمَ طَلْحَةَ حِينَ حُصِرَ ، فِي أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهِ الرَّوَايَا ، وَغَضِبَ فِي ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا ، حَتَّى دَخَلَتِ الرَّوَايَا عَلَى عُثْمَانَ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |