حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، قَالَ : حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ الأَيْلِيَّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مَنْزِلَ عَلِيٍّ بِذِي قَارٍ ، انْصَرَفُوا إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَأَخَذُوا عَلَى الْمُنْكَدِرِ ، فَسَمِعَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نُبَاحَ الْكِلابِ ، فَقَالَتْ : أَيُّ مَاءٍ هَذَا ؟ فَقَالُوا : الحَوْأَبُ . فَقَالَتْ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، إِنِّي لهيه ، قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ وَعِنْدَهُ نِسَاؤُهُ : لَيْتَ شِعْرِي أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلابُ الْحَوْأَبِ , فَأَرَادَتِ الرُّجُوعَ ، فَأَتَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ، فَزُعِمَ أَنَّهُ قَالَ : كَذَبَ مَنْ قَالَ إِنَّ هَذَا الْحَوْأَبُ . وَلَمْ يَزَلْ حَتَّى مَضَتْ ، فَقَدِمُوا الْبَصْرَةَ وَعَلَيْهَا عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ ، فَقَالَ لَهُمْ عُثْمَانُ : مَا نَقِمْتُمْ عَلَى صَاحِبِكُمْ ؟ فَقَالُوا : لَمْ نَرَهُ أَوْلَى بِهَا مِنَّا ، وَقَدْ صَنَعَ مَا صَنَعَ . قَالَ : فَإِنَّ الرَّجُلَ أَمَرَنِي فَأَكْتُبُ إِلَيْهِ فَأُعْلِمُهُ مَا جِئْتُمْ لَهُ ، عَلَى أَنْ أُصَلِّيَ بِالنَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَنَا كِتَابُهُ . فَوَقَفُوا عَلَيْهِ وَكَتَبَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَوْمَيْنِ حَتَّى وَثَبُوا عَلَيْهِ ، فَقَاتَلُوهُ بِالزَّابُوقَةِ عِنْدَ مَدِينَةِ الرِّزْقِ ، فَظَهَرُوا وَأَخَذُوا عُثْمَانَ ، فَأَرَادُوا قَتْلَهُ ، ثُمَّ خَشُوا غَضَبَ الأَنْصَارِ ، فَنَالُوهُ فِي شَعْرِهِ وَجَسَدِهِ ، فَقَامَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ خَطِيبَيْنِ ، فَقَالا : يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ تَوْبَةٌ بِحَوْبَةٍ ، إِنَّما أَرَدْنَا أَنْ يَسْتَعْتِبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ ، وَلَمْ نُرِدْ قَتْلَهُ ، فَغَلَبَ سُفَهَاءُ النَّاسِ الْحُلَمَاءَ حَتَّى قَتَلُوهُ . فَقَالَ النَّاسُ لِطَلْحَةَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، قَدْ كَانَتْ كُتُبُكَ تَأْتِينَا بِغَيْرِ هَذَا . فَقَالَ الزُّبَيْرُ : فَهَلْ جَاءَكُمْ مِنِّي كِتَابٌ فِي شَأْنِهِ ؟ ثُمَّ ذَكَرَ قَتْلَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَا أَتَى إِلَيْهِ ، وَأَظْهَرَ عَيْبَ عَلِيٍّ ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ ، فَقَالَ : أَيُّهَا الرَّجُلُ أَنْصِتْ حَتَّى نَتَكَلَّمَ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ : وَمَا لَكَ وَلِلْكَلامِ ؟ فَقَالَ الْعَبْدِيُّ : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ أَنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ أَجَابَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ لَكُمْ بِذَلِكَ فَضْلٌ ، ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ فِي الإِسْلامِ كَمَا دَخَلْتُمْ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَايَعْتُمْ رَجُلا مِنْكُمْ ، وَاللَّهِ مَا اسْتَأْمَرْتُمُونَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، فَرَضِينَا وَاتَّبَعْنَاكُمْ ، فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي إِمَارَتِهِ بَرَكَةً ، ثُمَّ مَاتَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْكُمْ رَجُلا مِنْكُمْ ، فَلَمْ تُشَاوِرُونَا فِي ذَلِكَ ، فَرَضِينَا وَسَلَّمْنَا ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الأَمِيرُ ، جُعِلَ الأَمْرُ إِلَى سِتَّةِ نَفَرٍ ، فَاخْتَرْتُمْ عُثْمَانَ وَبَايَعْتُمُوهُ عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا ، ثُمَّ أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ شَيْئًا ، فَقَتَلْتُمُوهُ عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا ، ثُمَّ بَايَعْتُمْ عَلِيًّا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا ، فَمَا الَّذِي نَقِمْتُمْ عَلَيْهِ فَنُقَاتِلُهُ ، هَلِ اسْتَأْثَرَ بِفَيْءٍ ؟ أَوْ عَمِلَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ؟ أَوْ عَمِلَ شَيْئًا تُنْكِرُونَهُ ؟ فَنَكُونُ مَعَكُمْ عَلَيْهِ ، وَإِلا فَمَا هَذَا ؟ فَهَمُّوا بِقَتْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ ، فَقَامَ مِنْ دُونِهِ عَشِيرَتُهُ ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ وَثَبُوا عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ ، فَقَتَلُوا سَبْعِينَ رَجُلا . 23 . رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، قَالا : 23 فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ ، وَبَيْتُ الْمَالِ وَالْحَرَسُ فِي أَيْدِيهِمَا ، وَالنَّاسُ مَعَهُمَا ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا مَغْمُورٌ مُسْتَسِرٌّ ، وَبَعَثَا حِينَ أَصْبَحَا بِأَنَّ حَكِيمًا فِي الْجَمْعِ ، فَبَعَثَتْ لا تَحْبِسَا عُثْمَانَ وَدَعَاهُ ، فَفَعَلا ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ فَمَضَى لِطَلَبَتِهِ ، وَأَصْبَحَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ فِي خَيْلِهِ ، عَلَى رَجُلٍ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ ، وَمَنْ نَزَعَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَفْنَاءِ رَبِيعَةَ ، ثُمَّ وَجَّهُوا نَحْوَ دَارِ الرِّزْقِ ، وَهُوَ يَقُولُ : لَسْتُ بِأَخِيهِ إِنْ لَمْ أَنْصُرْهُ . وَجَعَلَ يَشْتِمُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَسَمِعَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَقَالَتْ : يَابْنَ الْخَبِيثَةِ أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ . فَطَعَنَهَا فَقَتَلَهَا ، فَغَضِبَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ ، إِلا مَنْ كَانَ اغْتَمَرَ مِنْهُمْ ، فَقَالُوا : فَعَلْتَ بِالأَمْسِ وَعُدْتَ لِمِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَاللَّهِ لَنَدَعَنَّكَ حَتَّى يُقِيدَكَ اللَّهُ . فَرَجَعُوا وَتَرَكُوهُ ، وَمَضَى حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ فِيمَنْ غَزَا مَعَهُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، وَحَصَرَهُ مِنْ نُزَّاعِ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا ، وَعَرَفُوا أَنْ لا مُقَامَ لَهُمْ بِالْبَصْرَةِ ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، فَانْتَهَى بِهِمْ إِلَى الزَّابُوقَةِ عِنْدَ دَارِ الرِّزْقِ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ : لا تَقْتُلُوا إِلا مَنْ قَاتَلَكُمْ وَنَادَوْا : مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَلْيَكَفُفْ عَنَّا ، فَإِنَّا لا نُرِيدُ إِلا قَتَلَةَ عُثْمَانَ ، وَلا نَبْدَأُ أَحَدًا . فَأَنْشَبَ حَكِيمٌ الْقِتَالَ ، وَلَمْ يَرْعَ لِلْمُنَادِي ، فَقَالَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَمَعَ لَنَا ثَأْرَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، اللَّهُمَّ لا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا ، وَأَقِدْ مِنْهُمُ الْيَوْمَ فَاقْتُلْهُمْ . فَجَادُّوهُمُ الْقِتَالَ ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ وَمَعَهُ أَرْبَعَةُ قُوَّادٍ ، فَكَانَ حَكِيمٌ بِحِيَالِ طَلْحَةَ ، وَذُرَيْحٌ بِحِيَالِ الزُّبَيْرِ ، وَابْنُ الْمُحَرِّشِ بِحِيَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ ، وَحُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ بِحِيَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، فَزَحَفَ طَلْحَةُ لِحَكِيمٍ ، وَهُوَ فِي ثَلاثِ مِائَةِ رَجُلٍ ، وَجَعَلَ حَكِيمٌ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ ، وَيَقُولُ : اضْرِبْهُمْ بِالْيَابِسْ ضَرْبَ غُلامٍ عَابِسْ مِنَ الْحَيَاةِ آيِسْ فِي الْغُرُفَاتِ نَافِسْ فَضَرَبَ رَجُلٌ رِجْلَهُ فَقَطَعَهَا ، فَحَبَا حَتَّى أَخَذَهَا فَرَمَى بِهَا صَاحِبَهُ ، فَأَصَابَ جَسَدَهُ فَصَرَعَهُ ، فَأَتَاهُ حَتَّى قَتَلَهُ ، ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : يَا فَخِذُ لَنْ تُرَاعِي إِنَّ مَعِي ذِرَاعِي أَحْمِي بِهَا كَرَاعِي وَقَالَ وَهُوَ يَرْتَجِزُ : لَيْسَ عَلَيَّ أَنْ أَمُوتَ عَارْ وَالْعَارُ فِي النَّاسِ هُوَ الْفِرَارْ وَالْمَجْدُ لا يَفْضَحُهُ الدَّمَارْ فَأَتَى عَلَيْهِ رَجُلٌ ، وَهُوَ رَثِيثٌ رَأْسُهُ عَلَى الآخَرِ ، فَقَالَ : مَا لَكَ يَا حَكِيمُ ؟ قَالَ : قُتِلْتُ . قَالَ : مَنْ قَتَلَكَ ؟ قَالَ : وِسَادَتِي . فَاحْتَمَلَهُ فَضَمَّهُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَتَكَلَّمَ يَوْمَئِذٍ حَكِيمٌ ، وَإِنَّهُ لَقَائِمٌ عَلَى رِجْلٍ ، وَإِنَّ السُّيُوفَ لَتَأْخُذُهُمْ فَمَا يُتَعْتِعُ ، وَيَقُولُ : إِنَّا خَلَفْنَا هَذَيْنِ ، وَقَدْ بَايَعَا عَلِيًّا وَأَعْطَيَاهُ الطَّاعَةَ ، ثُمَّ أَقْبَلا مُخَالِفَيْنِ مُحَارِبَيْنِ ، يَطْلُبَانِ بِدَمِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَفَرَّقَا بَيْنَنَا وَنَحْنُ أَهْلُ دَارٍ وَجِوَارٍ ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا لَمْ يُرِيدَا عُثْمَانَ . فَنَادَى مُنَادٍ : يَا خَبِيثُ جَزَعْتَ حِينَ عَضَّكَ نَكَالُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إِلَى كَلامِ مَنْ نَصَّبَكَ وَأَصْحَابَكَ ، بِمَا رَكِبْتُمْ مِنَ الإِمَامِ الْمَظْلُومِ ، وَفَرَّقْتُمْ مِنَ الْجَمَاعَةِ ، وَأَصَبْتُمْ مِنَ الدِّمَاءِ ، وَنِلْتُمْ مِنَ الدُّنْيَا ، فَذُقْ وَبَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَانْتِقَامَهُ ، وَأَقِيمُوا فِيمَنْ أَنْتُمْ . وَقُتِلَ ذُرَيْحٌ وَمَنْ مَعَهُ ، وَأَفْلَتَ حُرقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَلَجَئُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ، وَنَادَى مُنَادِي الزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ بِالْبَصْرَةِ : أَلا مَنْ كَانَ فِيهِمْ مِنْ قَبَائِلِكُمْ أَحَدٌ مِمَّنْ غَزَا الْمَدِينَةَ ، فَلْيَأْتِنَا بِهِمْ ، فَجِيءَ بِهِمْ كَمَا يُجَاءُ بِالْكِلابِ فَقُتِلُوا ، فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَمِيعًا إِلا حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ ، فَإِنَّ بَنِي سَعْدٍ مَنَعُوهُ ، وَكَانَ مِنْ بَنِي سَعْدٍ ، فَمَسَّهُمْ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ شَدِيدٌ ، وَضَرَبُوا لَهُمْ فِيهِ أَجَلا ، وَخَشَّنُوا صُدُورَ بَنِي سَعْدٍ وَإِنَّهُمْ لَعُثْمَانِيَّةٌ ، حَتَّى قَالُوا : نَعْتَزِلُ . وَغَضِبَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ ، حِينَ غَضِبَتْ سَعْدٌ لِمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْوَقْعَةِ ، وَمَنْ كَانَ هَرَبَ إِلَيْهِمْ ، إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ لُزُومِ طَاعَةِ عَلِيٍّ ، فَأَمَرَا لِلنَّاسِ بِأُعْطِيَاتِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ وَحُقُوقِهِمْ ، وَفَضَّلا بِالْفَضْلِ أَهْلَ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، فَخَرَجَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ وَكَثِيرٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، حِينَ زَوَوْا عَنْهُمُ الْفُضُولَ ، فَبَادَرُوا إِلَى بَيْتِ الْمَالِ ، وَأَكَبَّ عَلَيْهِمُ النَّاسُ فَأَصَابُوا مِنْهُمْ ، وَخَرَجَ الْقَوْمُ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى طَرِيقِ عَلِيٍّ ، وَأَقَامَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ لَيْسَ مَعَهُمَا بِالْبَصْرَةِ ثَأْرٌ إِلا حُرْقُوصٌ ، وَكَتَبُوا إِلَى أَهْلِ الشَّامِ بِمَا صَنَعُوا وَصَارُوا إِلَيْهِ : إِنَّا خَرَجْنَا لِوَضْعِ الْحَرْبِ ، وَإِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِإِقَامَةِ حُدُودِهِ ، فِي الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ ، الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ ، حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي يَرُدُّنَا عَنْ ذَلِكَ ، فَبَايَعَنَا خِيَارُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَنُجَبَاؤُهُمْ ، وَخَالَفَنَا شِرَارُهُمْ وَنُزَّاعُهُمْ ، فَرَدُّونَا بِالسِّلاحِ ، وَقَالُوا فِيمَا قَالُوا : نَأْخُذُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَهِينَةً ، أَنْ أَمَرَتْهُمْ بِالْحَقِّ وَحَثَّتْهُمْ عَلَيْهِ ، فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ حُجَّةٌ وَلا عُذْرٌ ، اسْتَبْسَلَ قَتَلَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَخَرَجُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ مُخْبَرٌ إِلا حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مُقِيدُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَكَانُوا كَمَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنَّا نُنَاشِدُكُمُ اللَّهَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا نَهَضْتُمْ بِمِثْلِ مَا نَهَضْنَا بِهِ ، فَنَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَتَلْقَوْنَهُ ، وَقَدْ أَعْذَرْنَا وَقَضَيْنَا الَّذِي عَلَيْنَا . وَبَعَثُوا بِهِ مَعَ سَيَّارٍ الْعِجْلِيِّ ، وَكَتَبُوا إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ بِمِثْلِهِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ أَسَدٍ ، يُدْعَى مُظَفَّرَ بْنَ مُعَرِّضٍ ، وَكَتَبُوا إِلَى أَهْلِ الْيَمَامَةِ ، وَعَلَيْهَا سَبْرَةُ بْنُ عُمَرَ وَالْعَنْبَرِيُّ مَعَ الْحَارِثِ السَّدُوسِيِّ ، وَكَتَبُوا إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَعَ ابْنِ قُدَامَةَ الْقُشَيْرِيِّ ، فَدَسَّهُ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ . وَكَتَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ مَعَ رَسُولِهِمْ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَالإِسْلامَ ، أَقِيمُوا كِتَابَ اللَّهِ بِإِقَامَةِ مَا فِيهِ ، اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ ، وَكُونُوا مَعَ كِتَابِهِ ، فَإِنَّا قَدِمْنَا الْبَصْرَةَ ، فَدَعَوْنَاهُمْ إِلَى إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ بِإِقَامَةِ حُدُودِهِ ، فَأَجَابَنَا الصَّالِحُونَ إِلَى ذَلِكَ ، وَاسْتَقْبَلَنَا مَنْ لا خَيْرَ فِيهِ بِالسِّلاحِ ، وَقَالُوا : لَنُتْبِعَنَّكُمْ عُثْمَانَ ، لَيَرْتَدُوا الْحُدُودَ تَعْطِيلا ، فَعَانَدُوا فَشَهِدُوا عَلَيْنَا بِالْكُفْرِ ، وَقَالُوا لَنَا الْمُنْكَرَ ، فَقَرَأْنَا عَلَيْهِمْ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ سورة آل عمران آية 23 ، فَأَذْعَنَ لِي بَعْضُهُمْ ، وَاخْتَلَفُوا بَيْنَهُمْ فَتَرَكْنَاهُمْ وَذَلِكَ ، فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى رَأْيِهِ الأَوَّلِ مِنْ وَضْعِ السِّلاحِ فِي أَصْحَابِي ، وَعَزَمَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ إِلا قَاتَلُونِي ، حَتَّى مَنَعَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالصَّالِحِينَ ، فَرَدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ ، فَمَكَثْنَا سِتًّا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً نَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ ، وَإِقَامَةِ حُدُودِهِ ، وَهُوَ حَقْنُ الدِّمَاءِ أَنْ تُهْرَاقَ دُونَ مَنْ قَدْ حَلَّ دَمُهُ ، فَأَبَوْا وَاحْتَجُّوا بِأَشْيَاءَ ، فَاصْطَلَحْنَا عَلَيْهَا ، فَخَافُوا وَغَدَرُوا وَخَانُوا وَحَشَرُوا ، فَجَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَأْرَهُمْ فَأَقَادَهُمْ ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلا رَجُلٌ ، وَأَرْدَأَنَا اللَّهُ وَمَنَعَنَا مِنْهُمْ : بِعُمَيْرِ بْنِ مَرْثَدٍ ، وَمَرْثَدِ بْنِ قَيْسٍ ، وَنَفَرٍ مِنْ قَيْسٍ ، وَنَفَرٍ مِنَ الرَّبَابِ وَالأَزْدِ ، فَالْزَمُوا الرِّضَا إِلا عَنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، حَتَّى يَأْخُذَ اللَّهُ حَقَّهُ ، وَلا تُخَاصِمُوا الْخَائِنِينَ ، وَلا تَمْنَعُوهُمْ ، وَلا تَرْضَوْا بِذَوْيِ حُدُودِ اللَّهِ فَتَكُونُوا مِنَ الظَّالِمِينَ . فَكَتَبَتْ إِلَى رِجَالٍ بِأَسْمَائِهِمْ : فَثَبِّطُوا النَّاسَ عَنْ مَنْعِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ وَنُصْرَتِهِمْ ، وَاجْلِسُوا فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ لَمْ يَرْضَوْا بِمَا صَنَعُوا بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ جَمَاعَةِ الأُمَّةِ ، وَخَالَفُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ ، حَتَّى شَهِدُوا عَلَيْنَا فِيمَا أَمَرْنَاهُمْ بِهِ وَحَثَثْنَاهُمْ عَلَيْهِ مِنْ إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ ، وَإِقَامَةِ حُدُودِهِ ، بِالْكُفْرِ ، وَقَالُوا لَنَا الْمُنْكَرَ ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الصَّالِحُونَ ، وَعَظَّمُوا مَا قَالُوا ، وَقَالُوا : مَا رَضِيتُمْ أَنْ قَتَلْتُمُ الإِمَامَ حَتَّى خَرَجْتُمْ عَلَى زَوْجَةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنْ أَمَرَتْكُمْ بِالْحَقِّ لَتَقْتُلُوهَا ، وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ ، فَعَزَمُوا وَعُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ مَعَهُمْ ، عَلَى مَنْ أَطَاعَهُمْ مِنْ جُهَّالِ النَّاسِ وَغَوْغَائِهِمْ ، عَلَى زُطِّهِمْ وَسَيَابِجِهِمْ ، فَلُذْنَا مِنْهُمْ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْفُسْطَاطِ ، فَكَانَ ذَلِكَ الدَّأْبُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، نَدْعُوهُمْ إِلَى الْحَقِّ ، وَأَلا يَحُولُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَقِّ ، فَغَدَرُوا وَخَانُوا فَلَمْ نُقَايِسْهُمْ ، وَاحْتَجُّوا بِبَيْعَةِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ ، فَأَبْرَدُوا بَرِيدًا فَجَاءَهُمْ بِالْحُجَّةِ ، فَلَمْ يَعْرِفُوا الْحَقَّ وَلَمْ يَصْبِرُوا عَلَيْهِ ، فَغَادَوْنِي فِي الْغَلَسِ لِيَقْتُلُونِي ، وَالَّذِي يُحَارِبُهُمْ غَيْرِي ، فَلَمْ يَبْرَحُوا حَتَّى بَلَغُوا سُدَّةَ بَيْتِي ، وَمَعَهُمْ هَادٍ يَهْدِيهِمْ إِلَيَّ ، فَوَجَدُوا نَفَرًا عَلَى بَابِ بَيْتِي ، مِنْهُمْ : عُمَيْرُ بْنُ مَرْثَدٍ ، وَمَرْثَدُ بْنُ قَيْسٍ ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْثَدٍ ، وَنَفَرٌ مِنْ قَيْسٍ ، وَنَفَرٌ مِنَ الرَّبَابِ ، وَالأَزْدِ ، فَدَارَتْ عَلَيْهِمُ الرَّحَا ، فَأَطَافَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوهُمْ ، وَجَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَلِمَةَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ ، فَإِذَا قَتَلْنَا بِثَأْرِنَا وَسِعَنَا الْعُذْرُ . وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الآخِرِ ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ ، وَكَتَبَ عُبَيْدُ بْنُ كَعْبٍ فِي جُمَادَى . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَائِشَةُ | عائشة بنت أبي بكر الصديق / توفي في :57 | صحابي |
الزُّهْرِيِّ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ الأَيْلِيَّ | يونس بن يزيد الأيلي / توفي في :159 | ثقة |
وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ | وهب بن جرير الأزدي / توفي في :206 | ثقة |
أَبِي | زهير بن حرب الحرشي | ثقة ثبت |
أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ | أحمد بن أبي خيثمة النسائي | ثقة حافظ |