كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، قَالا : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، قَالا : وَلَمَّا نَزَلَ عَلِيٌّ الثَّعْلَبِيَّةَ ، أَتَاهُ الَّذِي لَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ وَحَرَسَهُ ، فَقَامَ وَأَخْبَرَ الْقَوْمَ الْخَبَرَ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ عَافِنِي مِمَّا ابْتَلَيْتَ بِهِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ ، وَسَلِّمْنَا مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ . وَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الإِسَادِ ، أَتَاهُ مَا لَقِيَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ ، وَقَتَلَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، مَا يُنْجِينِي مِنْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ إِذَا أَصَابَ ثَأْرَهُمَا ، أَوْ يُنْجِيهِمَا . وَقَرَأَ : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا سورة الحديد آية 22 ، وَقَالَ : دَعَا حَكِيمٌ دَعْوَةَ الزِّمَاعِ حَلَّ بِهَا مَنْزِلَةَ النزاعِ وَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى ذِي قَارٍ ، انْتَهَى إِلَيْهِ فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ ، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ شَعْرٌ ، فَلَمَّا رَآهُ عَلِيٌّ نَظَرَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : انْطَلَقَ هَذَا مِنْ عِنْدِنَا وَهُوَ شَيْخٌ ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا وَهُوَ شَابٌّ ، فَلَمْ يَزَلْ بِذِي قَارٍ يَتَلَوَّمُ مُحَمَّدًا وَمُحَمَّدًا ، وَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِمَا لَقِيَتْ رَبِيعَةُ ، وَخُرُوجِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَنُزُولِهِمْ بِالطَّرِيقِ ، فَقَالَ : عَبْدُ الْقَيْسِ خَيْرُ رَبِيعَةَ ، فِي كُلِّ رَبِيعَةَ خَيْرٌ . وَقَالَ : يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى رَبِيعَةْ رَبِيعَةَ السَّامِعَةِ الْمُطِيعَةْ قَدْ سَبَقَتْنِي فِيهِمُ الْوَقِيعَةْ دَعَا عَلِيٌّ دَعْوَةً سَمِيعَةْ حُلُّوا بِهَا الْمَنْزِلَةَ الرَّفِيعَةْ قَالَ : وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ . فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ لِطَيْءٍ وَأَسَدٍ ، وَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدٌ عَلَى الْكُوفَةِ ، وَأَتَيَا أَبَا مُوسَى بِكِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَامَا فِي النَّاسِ بِأَمْرِهِ ، فَلَمْ يُجَابَا إِلَى شَيْءٍ ، فَلَمَّا أَمْسَوْا دَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَى عَلَى أَبِي مُوسَى ، فَقَالُوا : مَا تَرَى فِي الْخُرُوجِ ؟ فَقَالَ : كَانَ الرَّأْيُ بِالأَمْسِ لَيْسَ بِالْيَوْمِ ، إِنَّ الَّذِي تَهَاوَنْتُمْ بِهِ فِيمَا مَضَى ، هُوَ الَّذِي جَرَّ عَلَيْكُمْ مَا تَرَوْنَ ، وَمَا بَقِيَ إِنَّمَا هُمَا أَمْرَانِ : الْقُعُودُ سَبِيلُ الآخِرَةِ ، وَالْخُرُوجُ سَبِيلُ الدُّنْيَا ، فَاخْتَارُوا . فَلَمْ يَنْفِرْ إِلَيْهِ أَحَدٌ ، فَغَضِبَ الرَّجُلانِ ، وَأَغْلَظَا لأَبِي مُوسَى ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : وَاللَّهِ إِنَّ بَيْعَةَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، لَفِي عُنُقِي وَعُنُقِ صَاحِبِكُمَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ قِتَالٍ ، لا نُقَاتِلُ أَحَدًا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ حَيْثُ كَانُوا . فَانْطَلَقَا إِلَى عَلِيٍّ فَوَافَيَاهُ بِذِي قَارٍ ، وَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ ، وَقَدْ خَرَجَ مَعَ الأَشْتَرِ ، وَقَدْ كَانَ يُعَجِّلُ إِلَى الْكُوفَةِ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : يَا أَشْتَرُ أَنْتَ صَاحِبُنَا فِي أَبِي مُوسَى ، وَالْمُعْتَرِضُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، اذْهَبْ أَنْتَ وَعَبْدُ اللَّهَ بْنُ عَبَّاسٍ ، فَأَصْلِحْ مَا أَفْسَدْتَ . فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَمَعَهُ الأَشْتَرُ ، فَقَدِمَا الْكُوفَةَ ، وَكَلَّمَا أَبَا مُوسَى ، وَاسْتَعَانَا عَلَيْهِ بِأُنَاسٍ مِنَ الْكُوفَةِ ، فَقَالَ لِلْكُوفِيِّينَ : أَنَا صَاحِبُكُمْ يَوْمَ الْجَرَعَةِ ، وَأَنَا صَاحِبُكُمُ الْيَوْمَ . فَجَمَعَ النَّاسَ فَخَطَبَهُمْ ، وَقَالَ : يَأَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ صَحِبُوهُ فِي الْمَوَاطِنِ ، أَعْلَمُ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ لَمْ يَصْحَبْهُ ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْنَا حَقًّا ، فَأنَا مُؤَدِّيهِ إِلَيْكُمْ ، كَانَ الرَّأْيُ : أَلا تَسْتَخِفُّوا بِسُلْطَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلا تَجْتَرِئُوا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَكَانَ الرَّأْيُ الثَّانِي : أَنْ تَأْخُذُوا مَنْ قَدِمَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَتَرُدُّوهُمْ إِلَيْهَا حَتَّى يَجْتَمِعُوا ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ تَصْلُحُ لَهُ الإِمَامَةُ مِنْكُمْ ، وَلا تُكَلَّفُوا الدَّخُولَ فِي هَذَا ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مَا كَانَ ، فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ صَمَّاءُ ، النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْيَقْظَانِ ، وَالْيَقْظَانُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَاعِدِ ، وَالْقَاعِدُ خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الرَّاكِبِ ، فَكُونُوا جُرْثُومَةً مِنْ جَرَاثِيمِ الْعَرَبِ ، فَاغْمِدُوا السُّيُوفَ ، وَانْصِلُوا الأَسِنَّةَ ، وَاقْطَعُوا الأَوْتَارَ ، وَآوُوا الْمَظْلُومَ وَالْمُضْطَهَدَ ، حَتَّى يَلْتَئِمَ هَذَا الأَمْرُ ، وَتَنْجَلِي هَذِهِ الْفِتْنَةُ . .