كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ بِلالٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ بِلالٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : اشْتَدَّ الأَمْرُ حَتَّى أَرَزَتْ مَيْمَنَةُ الْكُوفَةِ إِلَى الْقَلْبِ ، حَتَّى لَزَقَتْ بِهِ أَلْزَقَتْ مَيْسَرَةَ الْبَصْرَةِ بِقَلْبِهِمْ ، وَمَنَعُوا مَيْمَنَةَ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يَخْتَلِطُوا بِقَلْبِهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا إِلَى جَنْبِهِمْ ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَيْسَرَةُ الْكُوفَةِ ، وَمَيْمَنَةُ الْبَصْرَةِ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِمَنْ عَنْ يَسَارِهَا مَنِ الْقَوْمِ ، قَالَ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ : بَنُوكِ الأَزْدَ . قَالَتْ : يَا آلَ غَسَّانَ حَافِظُوا الْيَوْمَ جِلادَكُمُ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ بِهِ ، وَتَمَثَّلَتْ : وَجَالَدَ مِنْ غَسَّانَ أَهْلُ حِفَاظِهَا وَهِنْبٌ وَأَوْسٌ جَالَدَتْ وَشَبِيبٌ وَقَالَتْ لِمَنْ عَنْ يَمِينِهَا مَنِ الْقَوْمُ ؟ قَالُوا : بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ ، قَالَتْ : لَكُمْ يَقُولُ الْقَائِلُ : وَجَاءُوا إِلَيْنَا فِي الْحَدِيدِ كَأَنَّهُمْ مِنَ الْعِزَّةِ الْقَعْسَاءِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ إِنَّمَا بِإِزَائِكُمْ عَبْدُ الْقَيْسِ ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ مِنْ قِتَالِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَأَقْبَلَتْ عَلَى كَتِيبَةٍ بَيْنَ يَدَيْهَا ، فَقَالَتْ : مَنِ الْقَوْمُ ؟ قَالُوا : بَنُو نَاجِيَةَ . قَالَتْ : بَخٍ بَخٍ ، سُيُوفٌ أَبْطَحِيَّةٌ ، وَسُيُوفٌ قُرَشِيَّةٌ ، فَجَالِدُوا جِلادًا يُتَفَادَى مِنْهُ ، ثُمَّ أَطَافَتْ بِهَا بَنُو ضَبَّةَ ، فَقَالَتْ : ويهن جَمْرَةُ الْجَمَرَاتِ . حَتَّى إِذَا رَقَوْا خَالَطَهُمْ بَنُو عَدِيٍّ ، وَكَثُرُوا حَوْلَهَا ، فَقَالَتْ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : بَنُو عَدِيٍّ خَالَطْنَا إِخْوَانَنَا . فَقَالَتْ : مَا زَالَ رَأْسُ الْجَمَلِ مُعْتَدِلا ، حَتَّى قُتِلَتْ بَنُو ضَبَّةَ حَوْلِي . فَأَقَامُوا رَأْسَ الْجَمَلِ ، ثُمَّ ضَرَبُوا ضَرْبًا لَيْسَ بِالتَّعْذِيرِ ، وَلا يَعْدِلُونَ بِالتَّطْرِيفِ ، حَتَّى إِذَا كَثُرَ ذَلِكَ ، وَظَهَرَ فِي الْعَسْكَرَيْنِ جَمِيعًا رَامُوا الْجَمَلَ ، وَقَالُوا : لا يَزَالُ الْقَوْمُ أَوْ يُصْرَعُ . وَأَرَزَتْ مَجْنَبَتَا عَلِيٍّ فَصَارَتَا فِي الْقَلْبِ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ ، وَكَرِهَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَتَلاقَوْا جَمِيعًا بِقَلْبَيْهِمْ ، وَأَخَذَ ابْنُ يَثْرِبِيٍّ بِرَأْسِ الْجَمَلِ ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ ، وَادَّعَى قَتْلَ عِلْبَاءَ بْنَ الْهَيْثَمِ وَزَيْدَ بْنَ صُوحَانَ وَهِنْدَ بْنَ عَمْرٍو ، فَقَالَ : أَنَا لِمَنْ يُنْكِرُنِي ابْنُ يَثْرِبِيِّ قَاتِلُ عِلْبَاءَ وَهِنْدَ الْجَمَلِيِّ وَابْنٍ لِصُوحَانَ عَلَى دِينِ عَلِيِّ فَنَادَاهُ عَمَّارٌ : لَقَدْ لَعَمْرِي لُذْتَ بِحَرِيزٍ ، وَمَا إِلَيْكَ سَبِيلٌ ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَاخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْكَتِيبَةِ إِلَيَّ . فَتَرَكَ الزِّمَامَ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ ، حَتَّى كَانَ بَيْنَ أَصْحَابِ عَائِشَةَ وَأَصْحَابِ عَلِيٍّ ، فَزَحَمَ النَّاسُ عَمَّارًا ، حَتَّى أَقْبَلَ إِلَيْهِ ، فَاتَّقَاهُ عَمَّارٌ بِدَرَقَتِهِ فَضَرَبَهُ ، فَانْتَشَبَ سَيْفَهُ فِيهَا فَعَالَجَهُ ، فَلَمْ يَخْرُجْ فَخَرَجَ عَمَّارٌ إِلَيْهِ لا يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا ، فَأَسِفَ عَمَّارٌ لِرِجْلَيْهِ فَقَطَعَهُمَا ، فَوَقَعَ عَلَى اسْتِهِ وَحَمَلَهُ أَصْحَابُهُ ، فَارْتُثَّ بَعْدُ ، فَأُتِيَ بِهِ عَلِيٌّ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ ، وَلَمَّا أُصِيبَ ابْنُ يَثْرِبِيٍّ تَرَكَ ذَلِكَ الْعَدَوِيُّ الزِّمَامَ ، ثُمَّ خَرَجَ فَنَادَى : مَنْ يُبَارِزُ ؟ فَخَنَسَ عَمَّارٌ ، وَبَرَزَ إِلَيْهِ رَبِيعَةُ الْعَقِيلِيُّ وَالْعَدَوِيُّ ، يُدْعَى عَمْرَةَ بْنَ بُجْرَةَ أَشَدُّ النَّاسِ صَوْتًا ، وَهُوَ يَقُولُ : يَا أُمَّنَا أَعَقَّ أُمٍّ نَعْلَمُ وَالأُمُّ تَغْدُو وَلَدًا وَتَرْحَمُ أَلا تَرِينَ كَمْ شُجَاعٍ يُكْلَمُ وَتُخْتَلَى مِنْهُ يَدٌ وَمِعْصَمُ ثُمَّ اضْطَرَبَا ، فَأَثْخَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ، فَمَاتَا ، وَقَالَ عَطِيَّةُ بْنُ بِلالٍ : وَلَحِقَ بِنَا مِنْ آخِرِ النَّهَارِ رَجُلٌ يُدْعَى الْحَارِثَ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ ، فَقَامَ مَقَامَ الْعَدَوِيِّ ، فَمَا رَأَيْنَا رَجُلا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ ، وَجَعَلَ يَقُولُ : نَحْنُ بَنُو ضَبَّةَ أَصْحَابُ الْجَمَلْ نَنْعَى ابْنَ عَفَّانَ بِأَطْرَافِ الأَسَلْ الْمَوْتُ أَحْلَى عِنْدَنَا مِنَ الْعَسَلْ رُدُّوا عَلَيْنَا شَيْخَنَا ثُمَّ بَجَلْ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |