قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ : وَحَدَّثَنِي أَبِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مِخْنَفٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ : وَحَدَّثَنِي أَبِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مِخْنَفٍ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ أَبِي مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ يَوْمَئِذٍ وَأَنَا ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَلَسْتُ فِي عَطَاءٍ ، فَلَمَّا مُنِعَ النَّاسُ الْمَاءَ ، قَالَ لِي أَبِي : لا تَبْرَحَنَّ الرَّحْلَ . فَلَمَّا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ يَذْهَبُونَ نَحْوَ الْمَاءِ لَمْ أَصْبِرْ ، فَأَخَذْتُ سَيْفِي وَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ فَقَاتَلْتُ ، قَالَ : وَإِذَا أَنَا بِغُلامٍ مَمْلُوكٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، وَمَعَهُ قِرْبَةٌ ، فَلَمَّا رَأَى أَهْلَ الشَّامِ قَدْ أَفْرَجُوا عَنِ الشَّرِيعَةِ ، اشْتَدَّ حَتَّى مَلأَ قِرْبَتَهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَيَشُدُّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، فَيَضْرِبُهُ فَيَصْرَعُهُ وَسَقَطَتِ الْقِرْبَةُ مِنْهُ . قَالَ : وَأَشُدُّ عَلَى الشَّامِيِّ فَأَضْرِبُهُ فَأَصْرَعُهُ ، وَاشْتَدَّ أَصْحَابُهُ فَاسْتَنْقَذُوهُ ، فَسَمِعْتُهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ : لا نَأْمَنُ عَلَيْكَ . وَرَجَعْتُ إِلَى الْمَمْلُوكِ فَاحْتَمَلْتُهُ ، فَإِذَا هُوَ يُكَلِّمُنِي وَبِهِ جُرْحٌ رَغِيبٌ ، فَمَا كَانَ أَسْرَعَ مِنْ أَنْ جَاءَهُ مَوْلاهُ فَذَهَبَ بِهِ ، وَأَخَذْتُ قِرْبَتَهُ وَهِيَ مَمْلُوءَة ، وَأتيت بِهَا أَبِي مِخْنَفًا . فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَا ؟ فَقُلْتُ : اشْتَرَيْتُهَا . وَكَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ الْخَبَرَ فَيَجِدُ عَلِيَّ ، فَقَالَ : اسْقِ الْقَوْمَ . فَسَقَيْتُهُمْ ، ثُمَّ شَرِبَ آخِرَهُمْ ، وَنَازَعَتْنِي نَفْسِي وَاللَّهِ إِلَى الْقِتَالِ ، فَأَنْطَلِقُ فَأَتَقَدَّمُ فِيمَنْ يُقَاتِلُ ، فَقَاتَلْنَاهُمْ سَاعَةً ، ثُمَّ أَشْهَدُ أَنَّهُمْ خَلُّوا لَنَا عَنِ الْمَاءِ ، فَمَا أَمْسَيْنَا حَتَّى رَأَيْنَا سُقَاتِنَا وَسُقَاتِهِمْ ، يَزْدَحِمُونَ عَلَى الشَّرِيعَةِ ، وَمَا يُؤْذِي إِنْسَانٌ إِنْسَانًا ، فَأَقْبَلْتُ رَاجِعًا ، فَإِذَا أَنَا بِمَوْلَى صَاحِبِ الْقِرْبَةِ ، فَقُلْتُ : هَذِهِ قِرْبَتُكَ عِنْدَنَا ، فَأَرْسِلْ مَنْ يَأْخُذُهَا ، أَوْ أَعْلِمْنِي مَكَانَكَ حَتَّى أَبْعَثَ بِهَا إِلَيْكَ . فَقَالَ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، عِنْدَنَا مَا نَكْتَفِي بِهِ . فَانْصَرَفْتُ وَذَهَبَ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ مَرَّ عَلَى أَبِي ، فَوَقَفَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَرَآنِي إِلَى جَنْبَتِهِ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الْفَتَى مِنْكَ ؟ قَالَ : ابْنِي . قَالَ : أَرَاكَ اللَّهُ فِيهِ السُّرُورَ ، أَنْقَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمْسِ غُلامِي بِهِ مِنَ الْقَتْلِ ، حَدَّثَنِي شَبَابُ الْحَيِّ : أَنَّهُ كَانَ أَمْسِ أَشْجَعَ النَّاسِ فَنَظَرَ إِلَيَّ أَبِي نَظْرَةً عَرَفْتُ مِنْهَا فِي وَجْهِهِ الْغَضَبَ ، فَسَكَتَ حَتَّى إِذَا مَضَى الرَّجُلُ ، قَالَ : هَذَا مَا تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ فِيهِ ! فَحَلَّفَنِي أَلا أَخْرُجَ إِلَى قِتَالٍ إِلا بِإِذْنِهِ ، فَمَا شَهِدْتُ مِنْ قِتَالِهِمْ إلا ذَلِكَ الْيَوْمَ ، حَتَّى كَانَ يومٌ مِنْ أَيَّامِهِمْ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |